للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَيَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ يَتَصَدَّقُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ - {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قَالَ الْمَرْأَةُ الْهَرِمَةُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْهَرِمُ يُفْطِرَانِ وَيُطْعِمَانِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ يَقْرَءُونَهَا {يُطِيقُونَهُ}، وَكَذَلِكَ نَقْرَؤُهَا، وَنَزْعُمُ أَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ نَزَلَ فَرْضُ الصَّوْمِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ قَالَ وَآخِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} فَزَادَ عَلَى مِسْكِينٍ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ثُمَّ قَالَ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} قَالَ فَلَا يَأْمُرُ بِالصِّيَامِ مَنْ لَا يُطِيقُهُ، ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وَإِلَى هَذَا نَذْهَبُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ (قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا بَيِّنٌ فِي التَّنْزِيلِ مُسْتَغْنًى فِيهِ عَنْ التَّأْوِيلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَكْرَهُ فِي الصَّوْمِ السِّوَاكَ بِالْعُودِ الرَّطْبِ وَغَيْرِهِ وَأَكْرَهُهُ بِالْعَشِيِّ لِمَا أُحِبُّ مِنْ خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ.

بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمَّتِهِ «عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ أَنَّهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت خَبَّأْنَا لَك حَيْسًا فَقَالَ أَمَا إنِّي كُنْت أُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ» قَالَ: وَقَدْ «صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرِهِ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ثُمَّ أَفْطَرَ» وَرَكَعَ عُمَرُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ فَمَنْ شَاءَ زَادَ وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ وَمِمَّا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَابِرٍ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بِالْإِفْطَارِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ صَلَّى رَكْعَةً وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهَا لَهُ أَجْرُ مَا احْتَسَبَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ فَأَحَبَّ أَنْ يَسْتَتِمَّ وَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ التَّمَامِ لَمْ يُعِدْ.

بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْوِصَالِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك تُوَاصِلُ قَالَ إنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ النَّاسِ فِي أُمُورٍ أَبَاحَهَا لَهُ حَظَرَهَا عَلَيْهِمْ وَفِي أُمُورٍ كَتَبَهَا عَلَيْهِ خَفَّفَهَا عَنْهُمْ.

بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ شابور وَغَيْرُهُ عَنْ أُمِّ قَزْعَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ

<<  <   >  >>