للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ الصِّيَامُ، فَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ وَلَا يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ بِتَرْكِ فَرْضِ اللَّهِ وَالْعُقُوبَةِ مِنْ السُّلْطَانِ (قَالَ): وَلَا أَقْبَلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْفِطْرِ إلَّا عَدْلَيْنِ (قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا بَعْضٌ لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنْ لَا يَقْبَلَ فِي الصَّوْمِ إلَّا عَدْلَيْنِ (قَالَ): حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَامَ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَامَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ قَالَ وَإِنْ صَحَّا قَبْلَ الزَّوَالِ أَفْطَرَ وَصَلَّى بِهِمْ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا صَلَاةَ فِي يَوْمِهِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ مِنْ الْغَدِ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا (قَالَ الْمُزَنِيّ): وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي مِنْ الْغَدِ وَهُوَ عِنْدِي أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَقْضِيَ جَازَ فِي يَوْمِهِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ فِي أَقْرَبِ الْوَقْتِ كَانَ فِيمَا بَعْدَهُ أَبْعَدَ، وَلَوْ كَانَ ضُحَى غَدٍ مِثْلَ ضُحَى الْيَوْمِ لَزِمَ فِي ضُحَى يَوْمٍ بَعْدَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ ضُحَى الْيَوْمِ.

قَالَ وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَلَمْ يَقْضِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ آخَرُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الشَّهْرَ ثُمَّ يَقْضِيَ مِنْ بَعْدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُكَفِّرُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا لِمِسْكِينٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ مَاتَ أَطْعَمَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ حَتَّى مَاتَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَالَ): وَمَنْ قَضَى مُتَفَرِّقًا أَجْزَأَهُ وَمُتَتَابِعًا أَحَبُّ إلَيَّ وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمُ النَّحْرِ وَلَا أَيَّامُ مِنًى فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا.

(قَالَ): وَإِنْ بَلَعَ حَصَاةً، أَوْ مَا لَيْسَ بِطَعَامٍ، أَوْ احْتَقَنَ، أَوْ دَاوَى جُرْحَهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ اسْتَعَطَ حَتَّى يَصِلَ إلَى جَوْفِ رَأْسِهِ فَقَدْ أَفْطَرَ إذَا كَانَ ذَاكِرًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ نَاسِيًا، وَإِذَا اسْتَنْشَقَ رَفْقُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَى الرَّأْسِ أَوْ الْجَوْفِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَهُوَ عَامِدٌ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ أَفْطَرَ (وَقَالَ) فِي كِتَابِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يُحْدِثَ ازْدِرَادًا فَأَمَّا إنْ كَانَ أَرَادَ الْمَضْمَضَةَ فَسَبَقَهُ لِإِدْخَالِ النَّفَسِ وَإِخْرَاجِهِ فَلَا يُعِيدُ هَذَا خَطَأٌ فِي مَعْنَى النِّسْيَانِ، أَوْ أَخَفُّ مِنْهُ (قَالَ الْمُزَنِيّ): إذَا كَانَ الْآكِلُ لَا يَشُكُّ فِي اللَّيْلِ فَيُوَافِي الْفَجْرَ مُفْطِرًا بِإِجْمَاعٍ وَهُوَ بِالنَّاسِي أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ صَائِمٌ وَالسَّابِقُ إلَى جَوْفِهِ الْمَاءُ يَعْلَمُ أَنَّهُ صَائِمٌ فَإِذَا أَفْطَرَ فِي الْأَشْبَهِ بِالنَّاسِي كَانَ الْأَبْعَدُ عِنْدِي أَوْلَى بِالْفِطْرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ اشْتَبَهَتْ الشُّهُورُ عَلَى أَسِيرٍ فَتَحَرَّى شَهْرَ رَمَضَانَ فَوَافَقَهُ، أَوْ مَا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ وَلِلصَّائِمِ أَنْ يَكْتَحِلَ وَيَنْزِلَ الْحَوْضَ فَيَغْطِسَ فِيهِ وَيَحْتَجِمَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْتَجِمُ صَائِمًا.

قَالَ، وَمِمَّا سَمِعْت مِنْ الرَّبِيعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَعْلَمُ فِي الْحِجَامَةِ شَيْئًا يَثْبُتُ وَلَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثَانِ: حَدِيثُ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ»، وَحَدِيثٌ آخَرُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» فَإِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَإِنَّ فِيهِ بَيَانًا وَأَنَّهُ زَمَنُ الْفَتْحِ وَحِجَامَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُهُ.

وَأَكْرَهُ الْعِلْكَ؛ لِأَنَّهُ يَجْلِبُ الرِّيقَ.

قَالَ: وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ.

وَمَنْ احْتَلَمَ مِنْ الْغِلْمَانِ، أَوْ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الصَّوْمَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا فِيمَا مَضَى.

وَأُحِبُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُنَزِّهَ صِيَامَهُ عَنْ اللَّغَطِ الْقَبِيحِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَإِنْ شُوتِمَ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ لِلْخَبَرِ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

<<  <   >  >>