الْغِرَاسُ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَأَمَّا الْحَرْثُ فَزِيَادَةٌ لَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا زَادَ فِي مِلْكِهَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ وُلِدَتْ الْأَمَةُ فِي يَدَيْهِ أَوْ نَتَجَتْ الْمَاشِيَةُ فَنَقَصَتْ عَنْ حَالِهَا كَانَ الْوَلَدُ لَهَا دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَنْصَافَهَا نَاقِصَةً، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَنْصَافَ قِيمَتِهَا يَوْمَ أَصْدَقَهَا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ مَا جَاءَ فِي الصَّدَاقِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا خَطَأٌ عَلَى أَصْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَرَضًا بِعَيْنِهِ أَوْ عَبْدًا فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ فَلَهَا قِيمَتُهُ يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاحُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ فَمَنَعَهَا فَهُوَ غَاصِبٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَا كَانَ قِيمَةً.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ: لَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا فَاحْتَرَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَكُونَ لَهَا الْعَرْصَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْمَهْرِ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: لَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهَا فَمَاتَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَتْ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا أَشْبَهُ بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بَدَلَ النِّكَاحِ وَبَدَلَ الْخُلْعِ فِي مَعْنَى بَدَلِ الْبَيْعِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ وَقَدْ قَبَضَ الْبَدَلَ وَاسْتُهْلِكَ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ إذَا بَطَلَ بَدَلُهُمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِمَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْبَيْعِ الْمُسْتَهْلَكِ.
(قَالَ): وَلَوْ جَعَلَ ثَمَرَ النَّخْلِ فِي قَوَارِيرَ وَجَعَلَ عَلَيْهَا صَقْرًا مِنْ صَقْرِ نَخْلِهَا كَانَ لَهَا أَخْذُهُ وَنَزْعُهُ مِنْ الْقَوَارِيرِ فَإِذَا كَانَ إذَا نَزَعَ فَسَدَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَأْخُذَهُ أَوْ تَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَهُ وَمِثْلَ صَقْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، وَلَوْ رَبَّهُ بِرُبٍّ مِنْ عِنْدَهُ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَأْخُذَهُ وَتَنْزِعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الرُّبِّ أَوْ تَأْخُذَ مِثْلَ التَّمْرِ إذَا كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الرُّبِّ لَا يَبْقَى يَابِسًا بَقَاءَ التَّمْرِ الَّذِي لَمْ يُصِبْهُ الرُّبُّ أَوْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ.
(قَالَ): وَكُلُّ مَا أُصِيبَ فِي يَدَيْهِ بِفِعْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِيهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةٌ فَيَطَأهَا فَتَلِدُ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَقُولُ: كُنْت أَرَاهَا لَا تَمْلِكُ إلَّا نِصْفَهَا حَتَّى أَدْخُلَ فَيَقُومُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ يَوْمَ سَقَطَ وَيَلْحَقُ بِهِ وَلَهَا مَهْرُهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَسْتَرِقَّهَا فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهَا مِنْهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَةً وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ لَهَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ تُغَيِّرُهَا عَنْ حَالِهَا يَوْمَ أَصْدَقَهَا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَدْ قَالَ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَأَصَابَتْ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّتْهُ أَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَإِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ كَالرَّدِّ فِي الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ قِيمَةِ مَا رَدَّتْ فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ إلَى مَا دَفَعَتْ فَإِنْ كَانَ فَائِتًا فَقِيمَتُهُ وَكَذَلِكَ الْبُضْعُ عِنْدَهُ كَالْمَبِيعِ الْفَائِتِ، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي الْخُلْعِ لَوْ خَلَعَهَا بِعَبْدٍ فَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَسَوَّى فِي ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَصْدَقَهَا شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ فِي عَامَّةِ حُكْمِهِ كَالْبَيْعِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُهَا بِعَبْدٍ يُسَاوِي أَلْفًا عَلَى أَنْ زَادَتْهُ أَلْفًا وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَبْلُغُ أَلْفًا فَأَبْطَلَهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَأَجَازَهُ فِي الْآخَرِ وَجَعَلَ مَا أَصَابَ قَدْرَ الْمَهْرِ مِنْ الْعَبْدِ مَهْرًا وَمَا أَصَابَ قَدْرَ الْأَلْفِ مِنْ الْعَبْدِ مَبِيعًا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) أَشْبَهَ عِنْدِي بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يُجِيزَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْبَيْعَ إذَا كَانَ فِي عَقْدِهِ كِرَاءٌ وَلَا الْكِتَابَةَ إذَا كَانَ فِي عَقْدِهَا بَيْعٌ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَدَبَّرَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِإِخْرَاجِهَا إيَّاهُ مِنْ مِلْكِهَا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) قَدْ أَجَازَ الرُّجُوعَ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ بِغَيْرِ إخْرَاجٍ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ بِقَوْلِهِ أَوْلَى.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ وَصِيَّةً لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ مَعَ أَنَّ رَدَّ نِصْفِهِ إلَيْهِ إخْرَاجٌ مِنْ الْمِلْكِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَوُجِدَ حُرًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا غَلَطٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَيْءٍ فَاسْتُحِقَّ رَجَعَتْ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ تَكُنْ لَهَا قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ فَهِيَ مِنْ مِلْكِ قِيمَةِ الْحُرِّ أَبْعَدُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا شَاهَدَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ وَالْمَرْأَةَ أَنَّ الْمَهْرَ كَذَا وَيُعْلِنُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ