للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا وَذَلِكَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ فَإِذَا أَجَازَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصِفَةٍ مَضْمُونًا إلَى أَجَلٍ كَانَ حَالًّا أَجْوَزَ وَمِنْ الْغَرَرِ أَبْعَدَ فَأَجَازَهُ عَطَاءٌ حَالًّا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا وَاَلَّذِي اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ أَنْ لَا يُسَلَّفَ جُزَافًا مِنْ ثِيَابٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا حَتَّى يَصِفَهُ بِوَزْنِهِ وَسِكَّتِهِ وَبِأَنَّهُ وَضَحٌ أَوْ أَسْوَدُ كَمَا يَصِفُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا: فَقَدْ أَجَازَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ يَدْفَعَ سِلْعَتَهُ غَيْرَ مَكِيلَةٍ وَلَا مَوْزُونَةٍ فِي سَلَمٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَهَذَا أَشْبَهُ بِأَصْلِهِ وَاَلَّذِي احْتَجَّ بِهِ فِي تَجْوِيزِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَلَّفَ بِكْرًا فَصَارَ بِهِ عَلَيْهِ حَيَوَانًا مَضْمُونًا» وَأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَاعَ جَمَلًا بِعِشْرِينَ جَمَلًا إلَى أَجَلٍ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ إلَى أَجَلٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا: وَهَذَا مِنْ الْجُزَافِ الْعَاجِلِ فِي الْمَوْصُوفِ الْآجِلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ لَمْ يَذْكُرَا فِي السَّلَمِ أَجَلًا فَذَكَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَلَوْ أَوْجَبَاهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَجُزْ (قَالَ): وَلَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ قَبْلَ يُفَارِقُهُ وَيَكُونَ مَا سَلَّفَ فِيهِ مَوْصُوفًا، وَإِنْ كَانَ مَا سَلَّفَ فِيهِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ جَازَ قَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} فَلَمْ يَجْعَلْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عِلْمًا إلَّا بِهَا فَلَا يَجُوزُ إلَى الْحَصَادِ وَالْعَطَاءِ لِتَأْخِيرِ ذَلِكَ وَتَقْدِيمِهِ وَلَا إلَى فَصْحِ النَّصَارَى وَقَدْ يَكُونُ عَامًا فِي شَهْرٍ وَعَامًا فِي غَيْرِهِ عَلَى حِسَابٍ يُنْسِئُونَ فِيهِ أَيَّامًا فَلَوْ أَجَزْنَاهُ كُنَّا قَدْ عَمِلْنَا فِي دِينِنَا بِشَهَادَةِ النَّصَارَى وَهَذَا غَيْرُ حَلَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ أَجَلُهُ إلَى يَوْمِ كَذَا فَحَتَّى يَطْلُعَ فَجْرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

(قَالَ): وَإِنْ كَانَ مَا سَلَّفَ فِيهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ سَمَّيَا مِكْيَالًا مَعْرُوفًا عَنْ الْعَامَّةِ وَيَكُونُ الْمُسَلَّفُ فِيهِ مَأْمُونًا فِي مَحَلِّهِ فَإِنْ كَانَ تَمْرًا قَالَ صَيْحَانِيٌّ أَوْ بَرْدِيٌّ أَوْ كَذَا، وَإِنْ كَانَ حِنْطَةً قَالَ شَامِيَّةٌ أَوْ ميسانية أَوْ كَذَا، وَإِنْ كَانَ يَخْلُفُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بالحدارة وَالرِّقَّةِ وَصَفَا مَا يَضْبِطَانِهِ بِهِ، وَقَالَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ: جَيِّدًا وَأَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ قَالَ حَالًّا وَعَتِيقًا مِنْ الطَّعَامِ أَوْ جَدِيدًا، وَأَنْ يَصِفَ ذَلِكَ بِحَصَادِ عَامِ كَذَا مُسَمًّى أَصَحُّ وَيَكُونُ الْمَوْضِعُ مَعْرُوفًا وَلَا يُسْتَغْنَى فِي الْعَسَلِ مِنْ أَنْ يَصِفَهُ بِبَيَاضٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ خُضْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَايَنُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ اشْتَرَطَا أَجْوَدَ الطَّعَامِ أَوْ أَرْدَأَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ مَا أَسْلَفَ فِيهِ رَقِيقًا قَالَ: عَبْدًا نَوْبِيًّا خُمَاسِيًّا أَوْ سُدَاسِيًّا أَوْ مُحْتَلِمًا وَوَصَفَ سِنَّهُ وَأَسْوَدُ هُوَ أَوْ وَضِيءٌ أَبْيَضُ أَوْ أَصْفَرُ أَوْ أَسْحَمُ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً وَصَفَهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَعَهَا وَلَدَهَا وَلَا أَنَّهَا حُبْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي بَعِيرٍ قَالَ: مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَان مِنْ ثَنِيٍّ غَيْرِ مُودَنٍ نَقِيٌّ مِنْ الْعُيُوبِ سَبْطُ الْخَلْقِ أَحْمَرُ مَجْفَرُ الْجَنْبَيْنِ رُبَاعُ أَوْ قَالَ بَازِلٌ، وَهَكَذَا الدَّوَابُّ يَصِفُهَا بِنِتَاجِهَا وَجِنْسِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَسْنَانِهَا وَيَصِفُ الثِّيَابَ بِالْجِنْسِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ وَشْيٍ إسْكَنْدَرَانِيٍّ أَوْ يَمَانِيٍّ وَنَسْجِ بَلَدِهِ وَذَرْعِهِ مِنْ عَرْضٍ وَطُولٍ أَوْ صَفَّافَةٍ أَوْ دِقَّةٍ أَوْ جَوْدَةٍ. وَهَكَذَا النُّحَاسُ يَصِفُهُ أَبْيَضَ أَوْ شَبَهً أَوْ أَحْمَرَ وَيَصِفُ الْعَبِيدَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَبِجِنْسٍ إنْ كَانَ لَهُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ فِي لَحْمٍ قَالَ لَحْمُ مَاعِزٍ ذَكَرٌ خَصِيٌّ أَوْ غَيْرُ خَصِيٍّ أَوْ لَحْمُ مَاعِزَةٍ ثَنِيَّةٌ أَوْ ثَنِيٌّ أَوْ جَذَعٌ رَضِيعٌ أَوْ فَطِيمٌ وَسَمِينٌ أَوْ مُنَقًّى مِنْ فَخِذٍ أَوْ يَدٍ وَيَشْتَرِطُ الْوَزْنَ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَيَقُولُ فِي لَحْمِ الْبَعِيرِ خَاصَّةً بَعِيرٌ رَاعٍ مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِ لَحْمِ الرَّاعِي وَلَحْمِ الْمَعْلُوفِ، وَأَكْرَهُ اشْتِرَاطَ الْأَعْجَفِ وَالْمَشْوِيِّ وَالْمَطْبُوخِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي لُحُومِ الصَّيْدِ إذَا كَانَتْ بِبَلَدٍ لَا تَخْتَلِفُ وَيَقُولُ فِي السَّمْنِ: سَمْنُ مَاعِزٍ أَوْ ضَأْنٍ أَوْ بَقَرٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا شَيْءٌ يَخْتَلِفُ بِبَلَدٍ سَمَّاهُ وَيَصِفُ اللَّبَنَ كَالسَّمْنِ فَإِنْ كَانَ لَبَنَ إبِلٍ قَالَ: لَبَنُ عُودٍ أَوْ أَوْارَكٍ أَوْ حَمْضِيَّةٍ وَيَقُولُ رَاعِيَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ لِاخْتِلَافِ أَلْبَانِهَا فِي الثَّمَنِ وَالصِّحَّةِ وَيَقُولُ حَلِيبُ يَوْمِهِ وَلَا يُسَلِّفُ فِي اللَّبَنِ الْمَخِيضِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَاءً وَهَكَذَا كُلُّ مُخْتَلِطٍ بِغَيْرِهِ لَا يُعْرَفُ أَوْ مُصْلَحٍ بِغَيْرِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): يَدْخُلُ فِي هَذَا الطِّيبُ الْغَالِيَةُ وَالْأَدْهَانُ الْمُرَبِّبَةُ وَنَحْوُهَا. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسَمِّيَ لَبَنًا حَامِضًا؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ حُمُوضَتِهِ زِيَادَةُ نَقْصٍ، وَيُوصَفُ اللِّبَأُ كَاللَّبَنِ إلَّا أَنَّهُ مَوْزُونٌ وَيَقُولُ فِي الصُّوفِ صُوفُ ضَأْنِ بَلَدِ

<<  <   >  >>