للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَبَسْتُك حَتَّى لَامَنِي النَّاسُ كُلُّهُمْ … وَخِفْت بِأَنْ تَأْتِيَ لَدَيَّ بِبَائِقَةٍ

وَذُوقِي فَتَى حَيٍّ فَإِنِّي … ذَائِقٌ فَتَاةٍ لِحَيٍّ مِثْلَ مَا أَنْتِ ذَائِقَةٌ

فَقَالَ عُرْوَةُ نَزَلَ الطَّلَاقُ مُوَافِقًا لِطَلَاقِ الْأَعْشَى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحَدِيثُنَا أَثْبَتُ إسْنَادًا مِمَّا رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ وَأَشْبَهُهُمَا لَفْظًا وَأَعْرَفُهُمَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَاسِمِ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُقَاسِمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ مُشَاعًا بَاعَ غَيْرَ متجزي فَيَكُونُ شَرِيكُهُ أَحَقَّ بِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ شَائِعٌ فِيهِ وَعَلَيْهِ فِي الدَّاخِلِ سُوءُ مُشَارَكَةٍ، وَمُؤْنَةُ مُقَاسَمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَقْسُومُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فِي مُشَاعٍ وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ فَإِنْ عَلِمَ فَطَلَبَ مَكَانَهُ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فَإِنْ عَلِمَ فَأَخَّرَ الطَّلَبَ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَا يَقْطَعُهَا طُولُ غَيْبَتِهِ، وَإِنَّمَا يَقْطَعُهَا أَنْ يَعْلَمَ فَيَتْرُكَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِسِلْعَةٍ فَهِيَ لَهُ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِهَا فَهِيَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الْمَهْرِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَعَجِّلْ الثَّمَنَ وَتَعَجَّلْ الشُّفْعَةَ، وَإِنْ شِئْت فَدَعْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ وَرِثَهُ رَجُلَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ ابْنَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَأَرَادَ أَخُوهُ الشُّفْعَةَ دُونَ عَمِّهِ فَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا فِيهَا شَرِيكَانِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا أَصَحُّ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْهِ إنَّ أَخَاهُ أَحَقُّ بِنَصِيبِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَفِي تَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الشُّفْعَتَيْنِ عَلَى كَثْرَةِ مَا لِلْعَمِّ عَلَى الْأَخِ قَضَاءٌ لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ فِي أَخْذِ الشُّفَعَاءِ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمُعْتِقَيْنِ نَصِيبَيْنِ مِنْ عَبْدٍ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ فِي أَنْ جَعَلَ عَلَيْهِمَا قِيمَةَ الْبَاقِي مِنْهُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ قَضَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِوَرَثَةِ الشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا كَانَ يَأْخُذُهُ أَبُوهُمْ بَيْنَهُمْ عَلَى الْعَدَدِ امْرَأَتُهُ وَابْنُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَهَذَا يُؤَكِّدُ مَا قُلْت أَيْضًا، (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ حَضَرَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ أَخَذَ الْكُلَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنْ حَضَرَ ثَانٍ أَخَذَ مِنْهُ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَإِنْ حَضَرَ ثَالِثٌ أَخَذَ مِنْهُمَا الثُّلُثَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ حَتَّى يَكُونُوا سَوَاءً فَإِنْ كَانَ الِاثْنَانِ اقْتَسَمَا كَانَ لِلثَّالِثِ نَقْضُ قِسْمَتِهِمَا فَإِنْ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ مَا يَكُنْ لِبَعْضٍ إلَّا أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ التَّرْكُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهَا هَدْمٌ مِنْ السَّمَاءِ إمَّا أَخَذَ الْكُلَّ بِالثَّمَنِ، وَإِمَّا تَرَكَ وَلَوْ قَاسَمَ وَبَنَى قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَخُذْ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْيَوْمَ أَوْ دَعْ؛ لِأَنَّهُ بَنَى غَيْرَ مُتَعَدٍّ فَلَا يُهْدَمُ مَا بَنَى.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا عِنْدِي غَلَطٌ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا، وَقَدْ بَنَى فِيمَا لِلشَّفِيعِ فِيهِ شِرْكٌ مُشَاعٌ وَلَوْلَا أَنَّ لِلشَّفِيعِ فِيهِ شِرْكًا مَا كَانَ شَفِيعًا إذْ كَانَ الشَّرِيكُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الدَّارِ وَالْعَرْصَةِ بِحَقٍّ مُشَاعٍ فَكَيْفَ يُقْسَمُ وَصَاحِبُ النَّصِيبِ وَهُوَ الشَّفِيعُ غَائِبٌ وَالْقَسْمُ فِي ذَلِكَ فَاسِدٌ وَبَنَى فِيمَا لَيْسَ لَهُ فَكَيْفَ يَبْنِي غَيْرَ مُتَعَدٍّ وَالْمُخْطِئُ فِي الْمَالِ وَالْعَامِدُ سَوَاءٌ عِنْدَ الشَّافِعِيُّ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَرْصَةً بِأَمْرِ الْقَاضِي فَبَنَاهَا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ أَنَّهُ يَأْخُذُ عَرْصَتَهُ، وَيَهْدِمُ الْبَانِي بِنَاءَهُ، وَيَقْلَعُهُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالْعَامِدُ وَالْمُخْطِئُ فِي بِنَاءِ مَا لَا يَمْلِكُ سَوَاءٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ كَانَ الشِّقْصُ فِي النَّخْلِ فَزَادَتْ كَانَ لَهُ أَخْذُ زَائِدِهِ.

(قَالَ): وَلَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ لَا بَيَاضَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْقَسْمَ وَأَمَّا الطَّرِيقُ الَّتِي لَا تُمْلَكُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَلَا بِهَا وَأَمَّا عَرْصَةُ الدَّارِ تَكُونُ مُحْتَمِلَةً لِلْقَسْمِ وَلِلْقَوْمِ طَرِيقٌ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَإِذَا بِيعَ مِنْهَا شَيْءٌ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ.

(قَالَ): وَلِوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَأَبِي الصَّبِيِّ أَنْ يَأْخُذَا بِالشُّفْعَةِ لِمَنْ يَلِيَانِ إذَا كَانَتْ غِبْطَةً فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا فَإِذَا وَلِيَا مَالَهُمَا أَخَذَاهَا فَإِنْ اشْتَرَى شِقْصًا عَلَى أَنَّهُمَا جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فَلَا شُفْعَةَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْبَائِعُ.

(قَالَ): وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ كَانَ مَعَ ` الشُّفْعَةِ عَرَضٌ وَالثَّمَنُ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَعُهْدَةُ

<<  <   >  >>