للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيَقُولُ: إنْ شِئْتُمْ دَفَعْت إلَيْكُمْ النِّصْفَ الَّذِي لَيْسَ لَكُمْ الَّذِي أَنَا فِيهِ قَيِّمٌ لِأَهْلِهِ عَلَى أَنْ تَضْمَنُوا لِي خَمْسِينَ وَسْقًا تَمْرًا مِنْ تَمْرٍ يُسَمِّيهِ، وَيَصِفُهُ وَلَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوهَا وَتَبِيعُوهَا رُطَبًا كَيْفَ شِئْتُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي أَنْ أَكُونَ هَكَذَا مِثْلُكُمْ وَتُسَلِّمُونَ إلَيَّ نِصْفَكُمْ وَأَضْمَنُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَكِيلَةَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا سَاقَى عَلَى النَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ فَهِيَ الْمُسَاقَاةُ الَّتِي سَاقَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا بَيْضَاءَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا الْمَدْفُوعَةُ إلَيْهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَلَهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ فَهَذِهِ الْمُخَابَرَةُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ تَرِدْ إحْدَى السُّنَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى فَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ بِمَا وَصَفْت فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ دُونَ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخَذَ صَدَقَةَ ثَمَرَتِهِمَا بِالْخَرْصِ، وَثَمَرُهُمَا مُجْتَمِعٌ بَائِنٌ مِنْ شَجَرِهِ لَا حَائِلَ دُونَهُ يَمْنَعُ إحَاطَةَ النَّاظِرِ إلَيْهِ وَثَمَرُ غَيْرِهِمَا مُتَفَرِّقٌ بَيْنَ أَضْعَافِ وَرَقٍ لَا يُحَاطُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إلَّا عَلَى النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ سِنِينَ. وَإِذَا سَاقَاهُ عَلَى نَخْلٍ وَكَانَ فِيهِ بَيَاضٌ لَا يُوَصِّلُ إلَى عَمَلِهِ إلَّا الدُّخُولُ عَلَى النَّخْلِ وَكَانَ لَا يُوَصِّلُ إلَى سَقْيِهِ إلَّا بِشِرْكِ النَّخْلِ فِي الْمَاءِ فَكَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ جَازَ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَيْهِ مَعَ النَّخْلِ لَا مُنْفَرِدًا وَحْدَهُ وَلَوْلَا الْخَبَرُ فِيهِ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ دَفَعَ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ النَّخْلَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ النِّصْفَ مِنْ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَلَهُ النِّصْفُ» وَكَانَ الزَّرْعُ كَمَا وَصَفْت بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّخْلِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُسَاقِي فِي النَّخْلِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَيَاضَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ فَإِنْ فَعَلَ فَكَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ، وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إلَّا عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا مِنْ الْحَائِطِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَلَوْ دَخَلَ فِي النَّخْلِ عَلَى الْإِجَارَةِ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ، وَيَحْفَظَ بِشَيْءٍ مِنْ التَّمْرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ مُسْتَزَادٍ فِي الثَّمَرِ مِنْ إصْلَاحِ الْمَاءِ وَطَرِيقِهِ وَتَصْرِيفِ الْجَرِيدِ، وَإِبَارِ النَّخْلِ وَقَطْعِ الْحَشِيشِ الْمُضِرِّ بِالنَّخْلِ وَنَحْوِهِ جَازَ شَرْطُهُ عَلَى الْعَامِلِ فَأَمَّا شَدُّ الْحِظَارِ فَلَيْسَ فِيهِ مُسْتَزَادٌ، وَلَا صَلَاحٌ فِي الثَّمَرَةِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَى الْعَامِلِ.

<<  <   >  >>