وَلَا جِدَّةً زَمِنَيْنِ وَيُعْطِيهِمْ غَيْرَ زَمْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إلَّا زَمْنَى وَلَا يُعْطِي زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ فَإِنْ ادَّانُوا أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَكَذَلِكَ مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ عَنْهُمْ وَلَا حَمْلُهُمْ إلَى بَلَدٍ أَرَادُوهُ فَلَا يَكُونُونَ أَغْنِيَاءَ عَنْ هَذَا بِهِ كَمَا كَانُوا بِهِ أَغْنِيَاءَ عَنْ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ، فَأَمَّا آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ جُعِلَ لَهُمْ الْخُمُسُ عِوَضًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَلَا يُعْطُونَ مِنْ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَغَارِمِينَ وَهُمْ أَهْلُ الشُّعَبِ وَهُمْ صُلْبِيَّةُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَرُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ سِقَايَاتٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقُلْت لَهُ: أَتَشْرَبُ مِنْ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: إنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ «وَقَبِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْهَدِيَّةَ مِنْ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى بَرِيرَةَ» وَذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ بَرِيرَةَ تَطَوُّعٌ لَا صَدَقَةٌ وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ غَارِمُونَ لَا أَمْوَالَ لَهُمْ فَقَالُوا: أَعْطِنَا بِالْغُرْمِ وَالْفَقْرِ قِيلَ: لَا، إنَّمَا نُعْطِيكُمْ بِأَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ شِئْتُمْ فَإِذَا أَعْطَيْنَاهُ بِاسْمِ الْفَقْرِ فَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مِمَّا فِي يَدَيْهِ حُقُوقَهُمْ وَإِذَا أَعْطَيْنَاهُ بِمَعْنَى الْغُرْمِ أَحْبَبْت أَنْ يَتَوَلَّى دَفْعَهُ عَنْهُ وَإِلَّا فَجَائِزٌ كَمَا يُعْطَى الْمُكَاتَبُ فَإِنْ قِيلَ: وَلِمَ لَا يُعْطَى بِمَعْنَيَيْنِ؟ قِيلَ: الْفَقِيرُ مِسْكِينٌ وَالْمِسْكِينُ فَقِيرٌ يَجْمَعُهُمَا اسْمٌ وَيَتَفَرَّقُ بِهِمَا اسْمٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى إلَّا بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُعْطَى رَجُلٌ بِفَقْرٍ وَغُرْمٍ وَبِأَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ وَغَازٍ وَمُؤَلَّفٌ فَيُعْطَى بِهَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا فَالْفَقِيرُ هُوَ الْمِسْكِينُ وَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يَكُونَ غَنِيًّا بِحِرْفَةٍ وَلَا مَالٍ فَإِذَا جُمِعَا مَعًا فَقُسِمَ لِصِنْفَيْنِ بِهِمَا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ حَالَيْهِمَا بِأَنْ يَكُونَ الْفَقِيرُ الَّذِي بُدِئَ بِهِ أَشُدَّهُمَا فَقْرًا، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي اللِّسَانِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ ضُرِبَ عَلَيْهِ الْبَعْثُ فِي الْغَزْوِ وَلَمْ يُعْطَ فَإِنْ قَالَ: لَا أَغْزُو وَاحْتَاجَ أُعْطِيَ فَإِنْ هَاجَرَ بَدْوِيٌّ وَاقْتَرَضَ وَغَزَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَأَخَذَ فِيهِ، وَلَوْ احْتَاجَ وَهُوَ فِي الْفَيْءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّدَقَاتِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْفَيْءِ وَيَعُودَ إلَى الصَّدَقَاتِ فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِقَابٌ وَلَا مُؤَلَّفَةٌ وَلَا غَارِمُونَ اُبْتُدِئَ الْقَسْمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ أَخْمَاسًا عَلَى مَا وَصَفْت، فَإِنْ ضَاقَتْ الصَّدَقَةُ قُسِمَتْ عَلَى عَدَدِ السُّهْمَانِ وَيُقْسَمُ بَيْنَ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ سَهْمٍ، وَإِنْ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ وَقَلَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ سَهْمِ غَيْرِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ ثُمَّ يُرَدُّ فَضْلٌ إنْ كَانَ عَنْهُ وَيُقْسَمُ فَإِنْ اجْتَمَعَ حَقُّ أَهْلِ السُّهْمَانِ فِي بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ أَوْ أَكْثَرُ أُعْطُوهُ، وَيُشْرَكُ بَيْنَهُمْ فِيهِ وَلَمْ يُبَدَّلْ بِغَيْرِهِ كَمَا يُعْطَاهُ مَنْ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ وَكَذَلِكَ مَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ، وَإِذَا أَعْطَى الْوَالِي مَنْ وَصَفْنَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ نَزَعَ ذَلِكَ مِنْهُ إلَى أَهْلِهِ فَإِنْ فَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِمَنْ يُعْطِيهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ لَا لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ كُلِّفَ فِيهِ الظَّاهِرُ، وَإِنْ تَوَلَّى ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ وَالْآخَرُ كَالْوَالِي لَا يَضْمَنُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَضْمَنُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُعْطَى الْوُلَاةُ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ وَالْمَعْدِنُ وَالْمَاشِيَةُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْوُلَاةُ لَمْ يَسَعْ أَهْلَهَا إلَّا قَسْمُهَا فَإِنْ جَاءَ الْوُلَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَأْخُذُوهُمْ بِهَا، وَإِنْ ارْتَابُوا بِأَحَدٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْلِّفُوهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ قَسَمَهَا فِي أَهْلِهَا، وَإِنْ أَعْطَوْهُمْ زَكَاةَ التِّجَارَاتِ وَالْفِطْرَةِ وَالرِّكَازِ أَجْزَأَهُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَهْلُ السُّهْمَانِ سِوَى الْعَامِلِينَ حَقَّهُمْ يَوْمَ يَكُونُ الْقَسْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute