للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَنِي فُلَانٍ رَجُلٌ آخَرُ وَبَنِي سَبِيلٍ بَنِي فُلَانٍ رَجُلٌ آخَرُ إنَّ كُلَّ صِنْفٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يُعْطَوْنَ مِنْ ثُلُثِهِ وَأَنْ لَيْسَ لِوَصِيٍّ وَلَا وَالٍ أَنْ يُعْطِيَ الثُّلُثَ صِنْفًا دُونَ صِنْفٍ، وَإِنْ كَانَ أَحْوَجَ وَأَفْقَرَ مِنْ صِنْفٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا ذُو حَقٍّ بِمَا سُمِّيَ لَهُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ قَائِلٍ هَذَا الْقَوْلَ فِيمَا أَعْطَى الْآدَمِيُّونَ أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يَمْضِيَ إلَّا عَلَى مَا أَعْطَوْا فَعَطَاءُ اللَّهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يَمْضِيَ إلَّا عَلَى مَا أَعْطَى.

(قَالَ): وَإِذَا قَسَمَ اللَّهُ الْفَيْءَ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لِمَنْ أَوْجَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلَمْ نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَّلَ ذَا غَنَاءٍ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَلَمْ يُفَضِّلْ الْمُسْلِمُونَ الْفَارِسَ أَعْظَمَ النَّاسِ غَنَاءً عَلَى جَبَانٍ فِي الْقَسْمِ وَكَيْفَ جَازَ لِمُخَالِفِنَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَقَدْ قَسَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى أَبْيَنَ الْقَسْمِ فَيُعْطِي بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ وَيَنْقُلُهَا عَنْ أَهْلِهَا الْمُحْتَاجِينَ إلَيْهَا إلَى غَيْرِهِمْ؛ لَأَنْ كَانُوا أَحْوَجَ مِنْهُمْ أَوْ يُشْرِكُهُمْ مَعَهُمْ أَوْ يَنْقُلُهَا عَنْ صِنْفٍ مِنْهُمْ إلَى صِنْفٍ غَيْرِهِ (أَرَأَيْت) لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِقَوْمِ أَهْلِ غَزْوٍ كَثِيرٍ: أَوْجَفُوا عَلَى عَدُوٍّ أَنْتُمْ أَغْنِيَاءٌ فَآخُذُ مَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ فَأَقْسِمُهُ عَلَى أَهْلِ الصَّدَقَاتِ الْمُحْتَاجِينَ إذَا كَانَ عَامُ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ عِيَالِ اللَّهِ تَعَالَى هَلْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ مَنْ قَسَمَ اللَّهُ لَهُ بِحَقٍّ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُقْسَمْ لَهُ أَحْوَجَ مِنْهُ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي أَهْلِ الصَّدَقَاتِ وَهَكَذَا لِأَهْلِ الْمَوَارِيثِ لَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ سَهْمَ غَيْرِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ سَهْمِهِ لِفَقْرٍ وَلَا لِغِنًى.

وَقَضَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيُّمَا رَجُلٌ انْتَقَلَ مِنْ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ إلَى غَيْرِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ فَعُشْرُهُ وَصَدَقَتُهُ إلَى مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ.

فَفِي هَذَا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَعَلَ صَدَقَتَهُ وَعُشْرَهُ لِأَهْلِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ لَمْ يَقُلْ لِقَرَابَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِخْلَافِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا ثَبَتَتْ لِأَهْلِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ لَمْ تُحَوَّلْ عَنْهُمْ صَدَقَتُهُ وَعُشْرُهُ بِتَحَوُّلِهِ عَنْهُمْ وَكَانَتْ كَمَا يَثْبُتُ بَدَأَ فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِصَدَقَاتِ وَالزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ فَهُمَا، وَإِنْ جَاءَا بِهَا فَقَدْ تَكُونُ فَضْلًا عَنْ أَهْلِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِمْ نَسَبًا وَدَارًا مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى سَعَةٍ مِنْ مُضَرَ وَطِيء مِنْ الْيَمَنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَوْلَهُمْ ارْتَدُّوا فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا حَقٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ يَرُدَّهَا إلَى غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ نَصِيرُ إلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُؤْتَى بِنَعَمٍ مِنْ الصَّدَقَةِ فَبِالْمَدِينَةِ صَدَقَاتُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَالنَّاضِّ وَالْمَاشِيَةِ وَلِلْمَدِينَةِ سَاكِنٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَحُلَفَاءَ لَهُمْ وَأَشْجَعُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيِّنَة بِهَا وَبِأَطْرَافِهَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَعِيَالُ سَاكِنِ الْمَدِينَةِ بِالْمَدِينَةِ وَعِيَالُ عَشَائِرِهِمْ وَجِيرَانِهِمْ وَقَدْ يَكُونُ عِيَالُ سَاكِنِي أَطْرَافِهَا بِهَا وَعِيَالُ جِيرَانِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ فَيُؤْتَوْنَ بِهَا وَتَكُونُ مَجْمَعًا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ كَمَا تَكُونُ الْمِيَاهُ وَالْقُرَى مَجْمَعًا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ مِنْ الْعَرَبِ وَلَعَلَّهُمْ اسْتَغْنَوْا فَنَقَلَهَا إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِهِمْ، وَكَانُوا بِالْمَدِينَةِ (فَإِنْ قِيلَ) فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَحْمِلُ عَلَى إبِلٍ كَثِيرَةٍ إلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَإِنَّمَا هِيَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْمِلُ عَلَى مَا يَحْتَمِلُ مِنْ الْإِبِلِ وَأَكْثَرُ فَرَائِضِ الْإِبِلِ لَا تَحْمِلُ أَحَدًا وَقَدْ كَانَ يُبْعَثُ إلَى عُمَرَ بِنَعَمِ الْجِزْيَةِ فَيَبْعَثُ فَيَبْتَاعُ بِهَا إبِلًا جُلَّةً فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا (وَقَالَ) بَعْضُ النَّاسِ مِثْلَ قَوْلِنَا فِي أَنَّ مَا أُخِذَ مِنْ مُسْلِمٍ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الصَّدَقَاتِ وَقَالُوا: وَالرِّكَازُ سَبِيلُ الصَّدَقَاتِ وَرَوَوْا مَا رَوَيْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَقَالَ «الْمَعَادِنُ مِنْ الرِّكَازِ وَكُلُّ مَا أُصِيبَ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ رِكَازٌ» ثُمَّ عَادَ لِمَا شَدَّدَ فِيهِ فَأَبْطَلَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ رِكَازًا فَوَاسِعٌ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكْتُمَهُ، وَلِلْوَالِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ يَدَعَهُ لَهُ فَقَدْ أُبْطِلَ بِهَذَا الْقَوْلِ السُّنَّةُ فِي أَخْذِهِ، وَحَقُّ اللَّهِ فِي قَسْمِهِ لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ جَازَ فِي جَمِيعِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ لِمَنْ جَعَلَهُ لَهُ (قَالَ): فَإِنَّا رَوَيْنَا عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ أَرْبَعَةَ أَوْ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا قَضَاءً بَيِّنًا أَمَّا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَلَكَ، وَخُمُسٌ

<<  <   >  >>