للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذَا اجْتَمَعَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُهُنَّ مَعًا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إسْلَامُهُنَّ قَبْلَ إسْلَامِهِ فَاخْتَرْنَ فِرَاقَهُ أَوْ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ خُيِّرْنَ حِينَ يُسْلِمْنَ؛ لِأَنَّهُنَّ اخْتَرْنَ وَلَا خِيَارَ لَهُنَّ، وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلَامُهُنَّ وَإِسْلَامُهُ وَهُنَّ إمَاءٌ ثُمَّ أُعْتِقْنَ مِنْ سَاعَتِهِنَّ ثُمَّ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ إذَا أَتَى عَلَيْهِنَّ أَقَلُّ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا وَإِسْلَامُهُنَّ وَإِسْلَامُهُ مُجْتَمِعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عِتْقُهُ وَهُنَّ مَعًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِشَيْءٍ قَدْ قَطَعَ فِي كِتَابَيْنِ بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ لَوْ أَصَابَهَا فَادَّعَتْ الْجَهَالَةَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّلَهَا أَكْثَرَ مُقَامِهَا فَكَمْ يَمُرُّ بِهَا مِنْ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا مِنْ حِينِ أُعْتِقَتْ إلَى أَنْ جَاءَتْ إلَى السُّلْطَانِ وَقَدْ يَبْعُدُ ذَلِكَ وَيَقْرَبُ إلَى أَنْ يَفْهَمَ عَنْهَا مَا تَقُولُ ثُمَّ إلَى انْقِضَاءِ أَجَلِ مُقَامِهَا ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فَكَيْفَ يَبْطُلُ خِيَارُ إمَاءٍ يُعْتَقْنَ إذَا أَتَى عَلَيْهِنَّ أَقَلُّ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا وَإِسْلَامُهُنَّ وَإِسْلَامُ الزَّوْجِ مُجْتَمِعٌ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَدَرْنَ إذَا أُعْتِقْنَ تَحْتَ عَبْدٍ أَنْ يَخْتَرْنَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَقْدِرْنَ يَخْتَرْنَ إلَّا بِحُرُوفٍ وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا فِي وَقْتٍ غَيْرِ وَقْتِ الْآخَرِ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ الْخِيَارِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ حُرَّتَيْنِ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ اثْنَتَانِ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ إلَّا اثْنَتَيْنِ مِنْ أَيِّ الْأَرْبَعِ شَاءَ لَا يَثْبُتُ لَهُ بِعَقْدِ الْعُبُودِيَّةِ إلَّا اثْنَتَانِ وَيَنْكِحُ تَمَامَ أَرْبَعٍ إنْ شَاءَ، وَلَوْ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ فَقَالَ: قَدْ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ سُئِلَ فَإِنْ أَرَادَ طَلَاقًا فَهُوَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ أَرَادَ حِلَّهُ بِلَا طَلَاقٍ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا وَأُحْلِفَ، وَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْعُقْدَةِ فَقَالَ: قَدْ اخْتَرْت حَبْسَهَا حَتَّى قَالَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَقَدْ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ طَلَاقًا فَإِنْ اخْتَارَ إمْسَاكَ أَرْبَعٍ فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ زَادَ عَلَيْهِنَّ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقِيَاسُ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَقَذَفَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَوْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى كَانَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ اخْتَارَهَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا مَا عَلَيْهِ فِي الزَّوْجَاتِ، وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا سَقَطَ عَنْهُ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَجُلِدَ بِقَذْفِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ فَقَالَ: لَا أَخْتَارُ حُبِسَ حَتَّى يَخْتَارَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِنَّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ لَهُنَّ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ كَمَا يُطَلِّقُ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ امْتَنَعَ مَعَ الْحَبْسِ عُزِّرَ وَحُبِسَ حَتَّى يَخْتَارَ، وَإِنْ مَاتَ أَمَرْنَاهُنَّ أَنْ يَعْتَدِدْنَ الْآخَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَيُوقَفُ لَهُنَّ الْمِيرَاثُ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ فِيهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ وَثَنِيَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) أَشْبَهَ بِقَوْلِهِ: إنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ كَمَا جَعَلَ نِكَاحَ مَنْ لَمْ تُسْلِمْ مَوْقُوفًا فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ امْرَأَتَهُ، وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا امْرَأَةَ لَهُ فَيَصِحُّ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَهُنَّ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ أَنْ يُسْلِمَ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ فِي أَيَّامِ كُفْرِهَا؛ لِأَنَّهَا الْمَانِعَةُ لِنَفْسِهَا مِنْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ حَلَالًا وَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ حَرَامًا وَمُتْعَةً إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا؛ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ صَدَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا.

(قَالَ): وَلَوْ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ صَاحِبِهِ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلَا نِصْفَ مَهْرٍ حَتَّى يُعْلَمَ فَإِنْ تَدَاعَيَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَابِتٌ فَلَا يَبْطُلُ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَّا بِأَنْ

<<  <   >  >>