للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْتَعَنَ نُفِيَ عَنْهُ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ، وَلَوْ نَفَى وَلَدَهَا بِلِعَانٍ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَاهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ وَحُدَّ لَهَا إنْ كَانَ قَذَفَهَا، وَلَوْ لَمْ يَنْفِهِ وَقَفَ فَإِنْ نَفَاهُ وَقَالَ: الْتِعَانِي الْأَوَّلُ يَكْفِينِي؛ لِأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يَلْتَعِنَ مِنْ الْآخَرِ (وَقَالَ) بَعْضُ النَّاسِ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ لَاعَنَ وَلَزِمَهُ الْوَلَدَانِ وَهُمَا عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ فَكَيْفَ يُلَاعِنُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ وَرِثَ الْمَيِّتَ قُلْت لَهُ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَرِثُهُ؟.

(وَقَالَ) أَيْضًا لَوْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ وَمَاتَ الْوَلَدُ فَادَّعَاهُ الْأَبُ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلَمْ يَرِثْهُ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ الْمَنْفِيُّ تَرَكَ وَلَدًا حُدَّ أَبُوهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَوَرِثَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ الْمَنْفِيَّ إذَا مَاتَ مَنْفِيَّ النَّسَبِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَعُدْ إلَى النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَ الْحَيَاةَ بِحَالٍ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمَنْفِيِّ فِي مَعْنَى الْمَنْفِيِّ وَهُوَ لَا يَكُونُ ابْنًا بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنُهُ بِالْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ الَّذِي قَدْ انْقَطَعَ نَسَبُ الْحَيِّ مِنْهُ وَاَلَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ نَسَبُ الْحَيِّ يَنْقَطِعُ بِهِ نَسَبُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قُتِلَ وَقُسِّمَتْ دِيَتُهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لَحِقَهُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ دَيْنِهِ وَمِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ أَمْرِهِ أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْفِيٌّ مَا كَانَ أَبُوهُ مُلَاعِنًا مُقِيمًا عَلَى نَفْيِهِ.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْت بِك وَطَلَبَا جَمِيعًا مَا لَهُمَا سَأَلْنَا فَإِنْ قَالَتْ: عَنَيْت أَنَّهُ أَصَابَنِي وَهُوَ زَوْجِي أُحْلِفَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَيَلْتَعِنُ أَوْ يُحَدُّ، وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْت بِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَنِي فَهِيَ قَاذِفَةٌ لَهُ وَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ لَهُ بِالزِّنَا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي كَانَتْ قَالَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقَذْفِ إذَا لَمْ تُرِدْ بِهِ قَذْفًا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ أَزْنَى مِنْ فُلَانَةَ أَوْ أَزْنَى النَّاسِ لَمْ يَكُنْ هَذَا قَذْفًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَذْفًا، وَلَوْ قَالَ لَهَا: يَا زَانٍ كَانَ قَذْفًا وَهَذَا تَرْخِيمٌ كَمَا يُقَالُ لِمَالِكٍ يَا مَالٍ وَلِحَارِثٍ يَا حَارٍ، وَلَوْ قَالَتْ: يَا زَانِيَةُ أَكْمَلَتْ الْقَذْفَ وَزَادَتْهُ حَرْفًا أَوْ اثْنَيْنِ (وَقَالَ) بَعْضُ النَّاسِ إذَا قَالَ لَهَا يَا: زَانٍ لَاعَنَ أَوْ حُدَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَقَالَ نِسْوَةٌ} وَقَالَ: وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: يَا زَانِيَةُ لَمْ تُحَدَّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَهَذَا جَهْلٌ بِلِسَانِ الْعَرَبِ إذَا تَقَدَّمَ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ مِنْ النِّسَاءِ كَانَ الْفِعْلُ مُذَكَّرًا مِثْلَ قَالَ نِسْوَةٌ وَخَرَجَ النِّسْوَةُ وَإِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً فَالْفِعْلُ مُؤَنَّثٌ مِثْلَ قَالَتْ وَجَلَسَتْ وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ: زَنَأْت فِي الْجَبَلِ حُدَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّهُ صَعِدَتْ فِي الْجَبَلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يَحْلِفُ مَا أَرَادَ إلَّا الرُّقِيَّ فِي الْجَبَلِ وَلَا حُدَّ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ إذَا حَلَفَ الْمَقْذُوفُ لَقَدْ أَرَادَ الْقَذْفَ.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ، أَوْ قَالَ: وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَدْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ قَالَ مُسْتَكْرَهَةً أَوْ زَنَى بِك صَبِيٌّ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَيُعَزَّرُ لِلْأَذَى إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ، وَلَوْ قَالَ: زَنَيْت قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك حُدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنِّي أَنْظُرُ إلَى يَوْمِ تَكَلَّمَ بِهِ وَيَوْمِ تُوقِعُهُ.

وَلَوْ قَذَفَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا وَلَاعَنَهَا وَطَلَبَتْهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ قَبْلَ النِّكَاحِ حُدَّ لَهَا، وَلَوْ لَمْ يَلْتَعِنْ حَتَّى حَدَّهُ الْإِمَامُ بِالْقَذْفِ الْأَوَّلِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ بِالْقَذْفِ بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ قَاذِفًا غَيْرَ زَوْجَتِهِ الْحَدُّ وَحُكْمَهُ قَاذِفًا زَوْجَتَهُ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ

وَلَوْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ: بَلْ أَنْتَ زَانٍ لَاعَنَهَا وَحُدَّتْ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ فَأَبْطَلَ الْحُكْمَيْنِ جَمِيعًا وَكَانَتْ حُجَّتُهُ أَنْ قَالَ: أَسْتَقْبِحُ أَنْ أُلَاعِنَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَحُدَّهَا وَمَا قَبُحَ فَأَقْبَحُ مِنْهُ تَعْطِيلُ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَذَفَهَا وَأَجْنَبِيَّةً بِكَلِمَةٍ لَاعَنَ وَحُدَّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَاعَنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ تَشَاحَحْنَ أَيَّتُهُنَّ تَبْدَأُ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ وَأَيَّتُهُنَّ بَدَأَ الْإِمَامُ بِهَا رَجَوْت أَنْ لَا يَأْثَمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا وَاحِدًا وَاحِدًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الْحُدُودِ: وَلَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ فَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَلْتَعِنْ كَانَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ حَدٌّ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي رَمَاهَا فِيهِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ وَالْوَلَدُ لَهَا وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ عَطَاءٍ قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْفَى الْوَلَدُ إذَا قَالَ:

<<  <   >  >>