للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُبْلِغُ بِهِ دِيَةَ الْعَظْمِ لَوْ قُطِعَ.

(قَالَ): وَلَوْ جَرَحَهُ فَشَانَ وَجْهَهُ أَوْ رَأْسَهُ شَيْئًا يَبْقَى فَإِنْ كَانَ الشَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ الْجُرْحِ أَخَذَ بِالشَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ أَكْثَرَ مِنْ الشَّيْنِ أَخَذَ بِالْجُرْحِ وَلَمْ يَزِدْ لِلشَّيْنِ.

(قَالَ): فَإِنْ كَانَ الشَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ مُوضِحَةٍ نَقَصْت مِنْ الْمُوضِحَةِ شَيْئًا مَا كَانَ الشَّيْنُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُوضِحَةً مَعَهَا شَيْنٌ لَمْ أَزِدْ عَلَى مُوضِحَةٍ، فَإِذَا كَانَ الشَّيْنُ مَعَهَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ مُوضِحَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ مُوضِحَةً وَفِي الْجِرَاحِ عَلَى قَدْرِ دِيَاتِهِمْ وَالْمَرْأَةُ مِنْهُمْ وَجِرَاحُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِي الْجِرَاحِ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ بِقَدْرِ الشَّيْنِ الْبَاقِي بَعْدَ الْتِئَامِهِ لَا يَبْلُغُ بِهَا الدِّيَةَ إنْ كَانَ حُرًّا وَلَا ثَمَنَهُ إنْ كَانَ عَبْدًا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ قَدْرٌ مَعْلُومٌ سِوَى الْجَائِفَةِ.

وَدِيَةُ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَاحْتُجَّ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَاحْتُجَّ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجِرَاحُهُمْ عَلَى قَدْرِ دِيَاتِهِمْ وَالْمَرْأَةُ مِنْهُمْ وَجِرَاحُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَاحْتُجَّ فِي دِيَاتِ أَهْلِ الْكُفْرِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ ثُمَّ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فَجَعَلَ الْكُفَّارَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُونَ صِنْفًا مِنْهُمْ يَعْبُدُونَ وَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَصِنْفًا يُصْنَعُ ذَلِكَ بِهِمْ إلَّا أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مَنْ كَانَ خَوَلًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي حَالٍ أَوْ خَوَلًا بِكُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ كَالْعَبْدِ الْمُخَارَجِ فِي بَعْضِ حَالَاتِهِ كَفِيئًا لِمُسْلِمٍ فِي دَمٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا يَبْلُغُ بِدِيَةِ كَافِرٍ دِيَةَ مُؤْمِنٍ إلَّا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَقُولُ: جِرَاحُ الْعَبْدِ مِنْ ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَقِيمَتُهُ مَا كَانَتْ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

(قَالَ): وَتَحْمِلُ ثَمَنَهُ الْعَاقِلَةُ إذَا قُتِلَ خَطَأً وَفِي ذَكَرِهِ ثَمَنُهُ وَلَوْ زَادَ الْقَطْعُ فِي ثَمَنِهِ أَضْعَافًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كُنْت تَزْعُمُ أَنَّ ثَمَنَهُ كَثَمَنِ الْبَعِيرِ إذَا قُتِلَ فَلِمَ لَمْ يُحْكَمْ فِي جُرْحِهِ كَجُرْحِ الْبَعِيرِ وَبَعْضِهِ؟ قُلْت: قَدْ يُجَامِعُ الْحُرُّ الْبَعِيرَ يُقْتَلُ فَيَكُونُ ثَمَنُهُ مِثْلَ دِيَةِ الْحُرِّ فَهُوَ فِي الْحُرِّ دِيَةٌ وَفِي الْبَعِيرِ قِيمَةٌ وَالْقِيمَةُ دِيَةُ الْعَبْدِ وَقِسْته بِالْحُرِّ دُونَ الْبَهِيمَةِ بِدَلِيلٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَتْلِ النَّفْسِ الدِّيَةُ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَحَكَمْت وَحَكَمْنَا فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِدِيَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ وَجَعَلْنَا فِي كُلِّ نَفْسٍ مِنْهُمْ دِيَةً وَرَقَبَةً وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ فِي النَّفْسِ الرَّقَبَةَ حَيْثُ جَعَلَ الدِّيَةَ وَبَدَلُ الْبَعِيرِ وَالْمَتَاعِ قِيمَةٌ لَا رَقَبَةَ مَعَهَا فَجَامَعَ الْعَبْدُ الْأَحْرَارَ فِي أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَفِي أَنَّهُ إذَا قَتَلَ قُتِلَ وَإِذَا جَرَحَ جُرِحَ فِي قَوْلِنَا، وَفِي أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ الْحُرِّ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ وَنِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْفَرَائِضَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالتَّعَبُّدِ وَكَانَ آدَمِيًّا كَالْأَحْرَارِ فَكَانَ بِالْآدَمِيِّينَ أَشْبَهَ فَقِسْته عَلَيْهِمْ دُونَ الْبَهَائِمِ وَالْمَتَاعِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَالَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالْجِنَايَاتِ لَا نُحَمِّلُهُ الْعَاقِلَةَ كَمَا لَا تَغْرَمُ قِيمَةَ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ مَالٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالْحُرِّ فِي أَنَّ جِرَاحَهُ مِنْ ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ ذَلِكَ عِنْدِي مِنْ قَوْلِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكُلُّ جِنَايَةِ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهَا فَالْأَرْشُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَقِيلَ: جِنَايَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ عَمْدًا وَخَطَأً يَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى أَنْ تَحْمِلَ الْعَاقِلَةُ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَوْ قَضَيْنَا بِهَا إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ خَالَفْنَا دِيَةَ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا حَالَّةٌ فَلَمْ يَقْضِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِدِيَةِ عَمْدٍ بِحَالٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ صَاحَ بِرَجُلٍ فَسَقَطَ عَنْ حَائِطٍ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَسَقَطَ مِنْ صَيْحَتِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ طَلَبَ رَجُلًا بِسَيْفٍ فَأَلْقَى بِنَفْسِهِ عَنْ ظَهْرِ بَيْتٍ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى فَوَقَعَ فِي حُفْرَةٍ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الطَّالِبِ دِيَتَهُ؛ لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ عَرَضَ لَهُ فِي طَلَبِهِ سَبُعٌ فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْجَانِيَ غَيْرُهُ.

(قَالَ): وَيُقَالُ لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ افْدِهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ جِنَايَتِهَا ثُمَّ هَكَذَا كُلَّمَا جَنَتْ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا أَوْلَى بِقَوْلِهِ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْهِ

<<  <   >  >>