الِاخْتِيَارِ فِي السُّنَّةِ فِي اللَّبَّةِ وَمَوْضِعُ الذَّبْحِ فِي الِاخْتِيَارِ فِي السُّنَّةِ أَسْفَلُ مَجَامِعِ اللَّحْيَيْنِ فَإِذَا نُحِرَتْ بَقَرَةٌ أَوْ ذُبِحَ بَعِيرٌ فَجَائِزٌ، قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ الذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَزَادَ عُمَرُ وَلَا تَعَجَّلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تُزْهَقَ وَنَهَى عَنْ النَّخْعِ.
(قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ لَا يَذْبَحَ الْمَنَاسِكَ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا مُسْلِمٌ فَإِنْ ذَبَحَ مُشْرِكٌ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ أَجْزَأَ عَلَى كَرَاهِيَتِي لِمَا وَصَفْت، وَذَبْحُ مَنْ أَطَاقَ الذَّبْحَ مِنْ امْرَأَةٍ حَائِضٍ وَصَبِيٍّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَبْحِ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ وَلَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الْأَخْرَسِ وَأَكْرَهُ ذَبِيحَةَ السَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا حَرَامٌ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ نَصَارَى الْعَرَبِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ.
(قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ يُوَجِّهَ الذَّبِيحَةَ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَقُولَ الرَّجُلُ عَلَى ذَبِيحَتِهِ: بِاسْمِ اللَّهِ، وَلَا أَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا إيمَانٌ بِاَللَّهِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَنْ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْك صَلَّيْت عَلَيْهِ.
(قَالَ): فَإِنْ قَالَ: اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي فَلَا بَأْسَ هَذَا دُعَاءٌ فَلَا أَكْرَهُهُ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ «أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ فَقَالَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذِكْرِ اللَّهِ اللَّهُمَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَفِي الْآخَرِ اللَّهُمَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا ذَبَحَهَا فَقَطَعَ رَأْسَهَا فَهِيَ ذَكِيَّةٌ.
وَلَوْ ذَبَحَهَا مِنْ قَفَاهَا فَإِنْ تَحَرَّكَتْ بَعْدَ قَطْعِ الرَّأْسِ أُكِلَتْ وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ وَإِذَا أَوْجَبَهَا أُضْحِيَّةً وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ، وَلَيْسَ شِرَاؤُهَا وَالنِّيَّةُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا إيجَابًا لَهَا فَإِذَا أَوْجَبَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَهَا بِحَالٍ وَإِنْ بَاعَهَا فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ وَإِنْ فَاتَتْ بِالْبَيْعِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا مَكَانَهَا فَإِنْ بَلَغَ أُضْحِيَّتَيْنِ اشْتَرَاهُمَا؛ لِأَنَّ ثَمَنَهَا بَدَلٌ مِنْهَا وَإِنْ بَلَغَ أُضْحِيَّةً وَزَادَ شَيْئًا لَا يَبْلُغْ أُخْرَى ضَحَّى بِأُضْحِيَّةٍ وَأَسْلَكَ الْفَضْلَ مَسْلَكَ الْأُضْحِيَّةِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ حَتَّى يُوفِيَهُ أُضْحِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ لِلضَّحِيَّةِ فَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُ أُضْحِيَّةٌ مِثْلُهَا فَإِنْ وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ ذُبِحَ مَعَهَا وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا الْفَضْلَ عَنْ وَلَدِهَا وَلَا مَا يُنْهِكُ لَحْمَهَا وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَلَا يَجُزُّ صُوفَهَا وَإِنْ أَوْجَبَهَا هَدْيًا وَهُوَ تَامٌّ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ نَقْصٌ وَبَلَغَ الْمَنْسَكَ أَجْزَأَ، إنَّمَا أَنْظُرُ فِي هَذَا كُلِّهِ إلَى يَوْمِ يُوجِبُهُ وَيَخْرُجُ مِنْ مَالِهِ إلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ نَاقِصًا ذَبَحَهُ وَلَمْ يَجُزَّهُ.
وَلَوْ ضَلَّتْ بَعْدَ مَا أَوْجَبَهَا فَلَا بَدَلَ وَلَيْسَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ يُوجِبُهُ صَاحِبُهُ فَيَمُوتُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ بَدَلٌ.
وَلَوْ وَجَدَهَا وَقَدْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ كُلُّهَا صَنَعَ بِهَا كَمَا يَصْنَعُ فِي النَّحْرِ كَمَا لَوْ أَوْجَبَ هَدْيَهَا الْعَامَ وَأَخَّرَهَا إلَى قَابِلٍ وَمَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِوَقْتٍ فَفَاتَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْإِيجَابُ.
وَلَوْ أَنَّ مُضَحِّيَيْنِ ذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَيْنَ قِيمَةِ مَا ذَبَحَ حَيًّا وَمَذْبُوحًا وَأَجْزَأَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَحِيَّتُهُ وَهَدْيُهُ فَإِذَا ذَبَحَ لَيْلًا أَجْزَأَهُ وَالضَّحِيَّةُ نُسُكٌ مَأْذُونٌ فِي أَكْلِهِ وَإِطْعَامِهِ وَادِّخَارِهِ وَأَكْرَهُ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْمُبَادَلَةَ بِهِ وَمَعْقُولُ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَعُودَ إلَى مَالِكِهِ إلَّا مَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ ثُمَّ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَصَرْنَا عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنَعْنَا الْبَيْعَ عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ أَنَّهُ لِلَّهِ.
وَلَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ لِعَبْدٍ وَلَا كَمُدَبَّرٍ وَلَا أُمِّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ.
وَإِذَا نَحَرَ سَبْعَةٌ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً فِي الضَّحَايَا أَوْ الْهَدْيِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ أَوْ شَتَّى فَسَوَاءٌ وَذَلِكَ يُجْزِي وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُضَحِّيًا وَبَعْضُهُمْ مُهْدِيًا أَوْ مُفْتَدِيًا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ سُبُعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ مُنْفَرِدَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ بِنَصِيبِهِ لَحْمًا لَا أُضْحِيَّةً وَلَا هَدْيًا وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهُمْ شَتَّى.
(قَالَ): وَالْأَضْحَى جَائِزٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ مِنًى كُلَّهَا إلَى الْمَغِيبِ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ نُسُكٍ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ