للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَتَاعِهِ وَإِخْرَاجِ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسُكْنَى، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ وَهُوَ سَاكِنٌ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا سَاعَةً يُمْكِنُهُ التَّحْوِيلُ عَنْهُ حَنِثَ وَلَوْ كَانَا فِي بَيْتَيْنِ فَجَعَلَ بَيْنَهُمَا حَدًّا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحُجْرَتَيْنِ بَابٌ فَلَيْسَتْ هَذِهِ بِمُسَاكَنَةٍ وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَالْمُسَاكَنَةُ أَنْ يَكُونَا فِي بَيْتٍ أَوْ بَيْتَيْنِ حُجْرَتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ، وَإِذَا افْتَرَقَ الْبَيْتَانِ أَوْ الْحُجْرَتَانِ فَلَيْسَتْ بِمُسَاكَنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحُجَّةُ فِي أَنَّ النُّقْلَةَ بِبَدَنِهِ دُونَ مَتَاعِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ؟ قِيلَ: أَرَأَيْت إذَا سَافَرَ أَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ السَّفَرِ فَيَقْصُرُ؟ أَوْ رَأَيْت لَوْ انْقَطَعَ إلَى مَكَّةَ بِبَدَنِهِ أَيَكُونُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِينَ إنْ تَمَتَّعُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ دَمٌ؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ فَإِنَّمَا النُّقْلَةُ وَالْحُكْمُ عَلَى الْبَدَنِ لَا عَلَى مَالٍ وَأَهْلٍ وَعِيَالٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَرَقَى فَوْقَهَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتًا مِنْهَا أَوْ عَرْصَتَهَا.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ وَلَا يَرْكَبُ دَابَّةً وَهُوَ رَاكِبُهَا فَإِنْ نَزَعَ أَوْ نَزَلَ مَكَانَهُ، وَإِلَّا حَنِثَ وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَهُوَ بَدْوِيٌّ أَوْ قَرَوِيٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَأَيُّ بَيْتٍ مِنْ شِعْرٍ أَوْ أُدْمٍ أَوْ خَيْمَةٍ أَوْ بَيْتٍ مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ سَكَنَهُ حَنِثَ.

وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَاشْتَرَاهُ فُلَانٌ وَآخَرُ مَعَهُ طَعَامًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ بِعَيْنِهَا فَبَاعَهَا فُلَانٌ حَنِثَ بِأَيِّ وَجْهٍ سَكَنَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَا كَانَتْ لِفُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ إذَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارٍ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الدَّارِ فِي مَوْضِعٍ فَحَوَّلَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَدْخُلَهَا فَيَحْنَثَ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ رِدَاءٌ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا أَوْ ائْتَزَرَ بِهِ أَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ فائتزر بِهِ أَوْ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِهِ فَهَذَا كُلُّهُ لُبْسٌ يَحْنَثُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا عَلَى نِيَّتِهِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ رَجُلٍ مِنْ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ لَهُ فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا لَبِسَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَلْبَسَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا أَنْظُرُ إلَى مَخْرَجِ الْيَمِينِ ثُمَّ أُحْنِثُ صَاحِبَهَا أَوْ أَبَرُّهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَسْبَابَ مُتَقَدِّمَةٌ وَالْأَيْمَانَ بَعْدَهَا مُحْدَثَةٌ قَدْ يَخْرُجُ عَلَى مِثَالِهَا وَعَلَى خِلَافِهَا فَأُحْنِثُهُ عَلَى مَخْرَجِ يَمِينِهِ، أَرَأَيْت رَجُلًا لَوْ كَانَ قَالَ: وَهَبْت لَهُ مَالِي فَحَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ أَمَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَضْرِبْهُ؟ وَلَيْسَ يُشْبِهُ سَبَبَ مَا قَالَ؟ قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ بَيْتًا يَسْكُنُهُ فُلَانٌ بِكِرَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ نَوَى مَسْكَنَ فُلَانٍ فَيَحْنَثُ وَلَوْ حُمِلَ فَأُدْخِلَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ تَرَاخَى أَوْ لَمْ يَتَرَاخَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت شَهْرًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَى رَجُلٍ غَيْرِهِ بَيْتًا فَوَجَدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الْبَيْتِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ حَنِثَ فِي قَوْلِ مَنْ يَحْنَثُ عَلَى غَيْرِ النِّيَّةِ وَلَا يَرْفَعُ الْخَطَأَ (قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ سَوَّى الشَّافِعِيُّ فِي الْحِنْثِ بَيْنَ مَنْ حَلَفَ فَفَعَلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَهَلَكَ قَبْلَ غَدٍ لَمْ يَحْنَثْ لِلْإِكْرَاهِ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُكْرَهِ كَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحُكْمِ وَعَقَلْنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُوَ أَنْ يَغْلِبَ بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ فَإِذَا تَلِفَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ فِيهِ شَيْئًا بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ فَهُوَ فِي أَكْثَرَ مِنْ الْإِكْرَاهِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ لِوَقْتٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ قَبْلَ يَشَاءُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ الَّذِي جَعَلَ الْمَشِيئَةَ إلَيْهِ (قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا غَلَطٌ لَيْسَ فِي مَوْتِهِ مَا يَمْنَعُ إمْكَانَ بِرِّهِ وَأَصْلُ قَوْلِهِ: إنْ أَمْكَنَهُ الْبِرُّ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى فَاتَهُ الْإِمْكَانُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَقَدْ قَالَ: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ فَمَاتَ الَّذِي جَعَلَ الْإِذْنَ إلَيْهِ أَنَّهُ إنْ دَخَلَهَا حَنِثَ (قَالَ الْمُزَنِيّ) وَهَذَا وَذَاكَ سَوَاءٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ عِنْدَ

<<  <   >  >>