للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون عامةً تتناولُ ما إذا كان الإنسانُ غيرَ ضاحكٍ ولا باكٍ، ووجودُ الضحك عند التعجب، ووجودُ البكاء عند الحزن نقولُ نحن إنه أمر عادي خلقه الله تعالى عند ذلك لاَ بِهِ، ويقول المعتزلة إنه أمرٌ عقلي مِنْ فِعل العبد وطبعِه".

كما وقع له ذلك مع السكوني حيث صرح أنه لا يتعين كون قول الزمخشري -عند قوله تعالى: (أم اتخذوا من دون الله شفعاء) - "لا يستطيع أحد شفاعة إلا بشرطين؛ أحدهما أن يكون المشفوع له مرتضى". لا يتعين أن يكون قوله "مرتضى" اعتزالا كما زعم ابن خليل في "التمييز"؛ لاحتمال كون معنى "مرتضى" أي مومنا، ولا يتعين تقييده بالطائع".

وقد يتجاوز البسيلي مناقشة الزمخشري إلى مناقشة شراحه، كالطيبي والسكوني، فيرى أن قول الزمخشري: "إن سبب الحكمة والمصلحة" اعتزال، ثم يورد عليه كلام صاحب "فتوح الغيب"، ويتعقبه في قوله: "معنى بالحق أي بالثواب"؛ بأنه إن أراد الثواب الشرعيَّ لا العقليَّ فهو مذهبنا، وأمّا المعتزلة فيقولون بالتحسين والتقبيح، وأن الله تعالى يجب عليه عقلا أن يُثِيبَ الطائع؛ فمعنى كلام الطيبي أن الله تعالى خلق السماوات والأرض بسبب الثواب والعقاب شرعا.

ومع أنه يمتح من معين شراح الكشاف، إلا أنه يخالفهم في أحايين في تقرير موضع الاعتزال، فعندما فسر الزمخشري قوله تعالى: (إلا بِإِذْنِ اِللَّهِ)، بقوله: "أي بمشيئته وإرادتِه"؛ أورد البسيلي بعده قول السُّكوني: "اعتزالٌ هنا، بناءً على نفْي الكلام، والمرادُ بالإذن قولُه تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ اِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيكُونُ). لكنه توقف في قبول كلامه فقال: "حدواثُ الحادِثِ لا يتوقَّفُ عقْلا على الكلام، بلِ على العِلمِ والقدرةِ والإرادة، وأمَّا شرعاً فيتوقف على الكلام، لقوله تعالى: (إِنَّمَا أمْرُهُ إِذَا أرَادَ شَيْئاً) الآية، وإنما اعتزالُ الزمخشري هنا مِن

<<  <  ج: ص:  >  >>