عند التصفح وجيزة لا تطغى على طبيعة النص التفسيري لابن عرفة، وهي مميزة غالبا بقوله "قلت"؛ مثال ذلك عند قوله تعالى:(فذرهم في غمرتهم)، وإليك سوق الكلام برمته:"قال ابن عطية" هذه موادعة منسوخة بآية السيف. قال ابن ع: انظر هذا فإن ابن عطية كثيرا ما يقوله وليس هو كذلك هنا، إذ لا يُحتاج إلى النسخ إلا عند الضرورة، ولنا أن نقول: معنى هذه الآية: "لا يهمك أمرهم". فيكون المراد بالترك، تركه التأسف عليهم والتحسر على كفرهم، لا أنه أمر بترك قتالهم. قلت: وعلى هذا يجيء من باب تعارض النسخ والتخصيص، فالتخصيص أولى".
ولم يقتصر الشريف السلاوي على نقل كلام ابن عرفة، بل إنه حكى سكوته أيضا، ولم أر أدق من هذا في نقل صورة مجالس الدرس، مثاله أنه قال: "قيل لابن ع: إن المعذبين في قبورهم أحياء. فسكت ولم يجب! ". وحين يناقش ابن عرفة طلبته على سبيل السجال، كان السلاوي يثبت ذلك أيضا؛ مثاله قوله: "قوله تعالى: (كذبت عاد المرسلين)، وقال قبله:(كذبت قوم نوح)؛ فأجيب بوجهين:
- الأول: قال ابن ع: عادتهم يجيبون بأن عادا صار علما على قومه بخلاف قوم نوح.
- الثاني: قال بعض أعرف الطلبة -طلبة ابن ع-: وذلك أن قوم نوح كانوا كثيرين متفرقين؛ لأنه أول رسول بعث إلى أهل الأرض كافة، فلذلك قال قوم نوح، بخلاف غيره من الرسل. ولم يرضه ابن ع".
وحاصل الأمر أن السلاوي التزم بنقل صورة أمينة عن مجالس التفسير لدى الشيخ، ولو بقيت لنا مقدمة روايته، لربما كنا نجده أفصح عن هذا الأمر دون مواربة.
والبسيلي حين ينقل ابن عرفة لا يلتزم تسميته في كل حين، ولا التخليص في النقل عنه، فتراه يذكر قيله مرة يصدِّره بالنسبة (الإمام، ابن عرفة، شيخنا ... )، وتراه أخرى