للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الموطأ" والفقه والأصول، ومن الوادي آشي "الصحيحين"، وكان رأسا في العبادة والزهد والورع، ملازما للشغل بالعلم، رحل إليه الناس وانتفعوا به، ولم يكن في المغرب من يجري مجراه في التحقيق ولا من اجتمع له في العلوم ما اجتمع له. وكانت والفتيا تأتي إليه من مسافة شهر.

ووقع في "أزهار الرياض": "وأما الإمام ابن عرفة، فانتفع به جماعة. وكان أصحابه كأصحاب سحنون؛ أئمةً في كل بلد، فمنهم أيضا من بلغ درجة التأليف ووقع الإتفاق على إمامته، وتقدمه وسمو رتبته ... وأمَّا من نجب من تلاميذ شيخ شيوخنا ابن عرفة، وتمكن من ملكة التعليم، فخَلْق يطول عددُهم، فمنهم من أدركناه وأخذنا عنه وأجازنا مروياته، ومنهم من لم ندركه".

وقد حلَّى ابنَ عرفة، أبو عبد الله المجاري الأندلسي (ت ٨٦٢ هـ)، بالشيخ الفقيه المفتي المحدث الراوية، إمام أهل زمانه في فتح أقفال المشكلات، وكشف نقاب الشُّبَهِ المعْضِلات.

وهذا أبو العباس أحمد بابا التنبكتي في كفايته، يعد ابن عرفة مجدد القرن الثامن؛ وذلك حيث قال: "ابن عرفة ... إمام المغرب وشيخ الإسلام العلامة المحقق القدوة النظار العالم المبعوث على رأس المائة الثامنة، حسبما ذكر السيوطي في نظمه رحمه الله".

ولعل كلام التنبكتي يوهم أن السيوطي عدَّ ابن عرفة مجدد القرن الثامن، والواقعُ خلافه فهو -أي السيوطي- في منظومته "تحفة المهتدين بأسماء المجددين"، إنما يذكر البلقيني والعراقي:

والثامنُ الحَبْرُ هو البُلْقِينِي ... أوْ حافظُ الأنامَ زَيْنُ الدِّين

<<  <  ج: ص:  >  >>