وقد جاء "المختصر" منسوجا على منوال واحد في عُمْق النظر وعلوِّ الحكم، كبقية تآليفِ ابن عرفة، إلا أنَّه هو الذي سُلِّم له الفوزُ من غير نظير.
والمميز في "المختصر" أن صاحبَه خرج بالفقه من المنهج التقليدي الذي رَسَخ في البيئة الثقافية الإفريقية إلى هذه الطريقة الجديدة، والمعتمِدة على جَمْعِ الأنظار الفقهية، ومقارنِتها واستخلاص النتائج منها، بحسب منهج البحث العلمي المؤسَّس على المنطق والأصول.
والحدودُ التي أُخِذَت عن المختصر بالغة الأهمية، إذِ اعتبرت عمدةً في ضبط المسائل وتعريف الحقائق لدى علماء المغرب والمشرق، حيث أنه ما منْ تأليف كلي أو بحثٍ فقهي في القرن التاسع وما بعدَه، يأخذُ في بسْط بابٍ من أبواب الفقه إلا وهو معتمدٌ قبل كل شيء على إيرادِ تعريفِ ابنِ عرفة لتلك الحقيقة. وقد أعانه على هذه الصياغة الدقيقة المحكمة التي أثارت الإعجابَ شغفُه بالمنطق، وله فيه مختصر مركز.
وقد قصد في تأليفه أمرين اثنين:
- الأول: جمعُ أقصى ما يمكن جمعُه من مسائلِ الفقه ليمكنَ الرجوعُ إليها في القضاء والفتوى جمعَ تحقيق وترجيح.
- الثاني: تعريف أبواب الفقه تعريفا دقيقا موجزا مدخلا ومخرجا.
وقد دفع تقدير الأبي لهذا التأليف أن يمدحه فقال ناظما: