للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا لِحَاجٍّ قَبْلَ نَفْرٍ) لِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ وَلِامْتِنَاعِ إدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ إنْ كَانَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَلِعَجْزِهِ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا إنْ كَانَ بَعْدَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَمَكَانَاهَا) أَيْ الْمَوَاقِيتِ (لَهَا) أَيْ لِلْعُمْرَةِ (لِمَنْ يُحْرِمُ حِلٌّ) أَيْ طَرَفُهُ فَيَخْرُجُ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ وَيُحْرِمُ بِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ عَائِشَةَ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَجِّ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ مِنْهُ» ، وَالتَّنْعِيمُ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخُرُوجُ وَاجِبًا لَمَا أَمَرَهَا بِهِ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِرَحِيلِ الْحَاجِّ (وَأَفْضَلُهُ) أَيْ الْحِلِّ أَيْ بِقَاعِهِ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ (الْجِعْرَانَةُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي رَجَبٍ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَأَنَّهُ «قَالَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ «لَهُمَا حَجَّةً مَعِي» وَرُوِيَ «أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ وَفِي شَوَّالٍ» فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ اهـ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ كَعِبَارَةِ حَجّ تَقْتَضِي أَنَّهُ اعْتَمَرَ سِتَّ مَرَّاتٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعًا فَقَطْ بَلْ الرَّابِعَةُ وَهِيَ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ إنَّمَا عَدُّوهَا فِي الْأَرْبَعَةِ بِاعْتِبَارِ إحْرَامِهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَحَلَّلَ مِنْهَا وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهَا.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ (فَائِدَةٌ)

رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ أَرْبَعًا كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إلَّا الَّتِي فِي حَجَّتِهِ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ عُمْرَةٌ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةٌ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَعُمْرَةٌ مِنْ الْجِعْرَانَةِ حِينَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ وَرَجَعَ إلَى مَكَّةَ وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ» . اهـ. انْتَهَى وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حَجَّهُ كَانَ إفْرَادًا أَوْ تَمَتُّعًا وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ كَانَ قِرَانًا بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ خُصُوصِيَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ عُمْرَتُهُ الَّتِي اعْتَمَرَهَا بِالْفِعْلِ مُسْتَقِلَّةً ثَلَاثَةً فَقَطْ بَلْ ثِنْتَيْنِ بِإِسْقَاطِ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: لَا لِحَاجٍّ قَبْلَ نَفْرٍ) وَيَجُوزُ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ إذَا تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَيْنِ؛ لِأَنَّ مَبِيتَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمْيَ يَوْمِهَا يَسْقُطُ بِهِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ، وَأَمَّا الْحَاجُّ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ مَا دَامَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ مَا دَامَ مُقِيمًا بِمِنًى لِلرَّمْيِ فَإِذَا نَفَرَ مِنْ النَّفْرِ الثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ جَازَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَكِنْ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَعْتَمِرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ نَفْرٍ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَفِي الْمُخْتَارِ نَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ. أَيْ سَارَ مِنْهَا مُتَوَجِّهًا إلَى مَكَّةَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ أَيْ وَلَوْ بِنَفْرٍ فَتَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَحُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَصَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَخْرُجُ الْحَجُّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا لَا يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهَا، وَشَغْلُ الزَّمَانِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ مِنْ صَرْفِ قَدْرِهِ فِي الطَّوَافِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَطُوفَ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجَّةِ الْحَجَّةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مِنًى كَأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا وَحَقُّهَا أَنْ يَقُولَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى عَرَفَةَ فَيُحْرِمُ بِحَجٍّ آخَرَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَأْتِي مَكَّةَ لِلطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى إلَخْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ) أَيْ إنْ كَانَ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِحُكْمِهِ أَثَرُهُ فِي الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ، وَقَوْلُهُ وَلِعَجْزِهِ إلَخْ هَذِهِ الْعِلَّةُ يَنْبَغِي ضَمُّهَا لِلْعِلَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ هُوَ مِنْ تَمَامِ الْأُولَى فَهُوَ فِي الْمَعْنَى تَعْلِيلٌ لَهَا كَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ لِلْعَجْزِ الشَّرْعِيِّ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَفَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْبَدَلِ وَلَوْ صَوْمًا وَذَلِكَ لِبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ حِينَئِذٍ. اهـ. سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ) أَيْ وَلَوْ الثَّانِيَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ يُحْرِمُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بِقَاعِ الْحَرَمِ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ إلَيْهِ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا بِأَنْ يَجْتَهِدَ وَيَعْمَلَ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَحْدِيدِ الْحَرَمِ فِيهِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَجِدْ عَلَامَةً لِلِاجْتِهَادِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطُ بِأَنْ يَصِلَ إلَى أَبْعَدِ حَدٍّ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَيَكْفِي فِي الْخُرُوجِ لِلْحِلِّ نَقْلُ الْقَدَمِ مِنْ الْحَرَمِ إلَى مُلَاصِقِهِ مِنْ الْحِلِّ وَأَوْضَحَ مِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ رِجْلًا فَقَطْ إلَى الْحِلِّ اُشْتُرِطَ اعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ أَرْسَلَ عَائِشَةَ) أَيْ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ قَضَاءِ الْحَجِّ) أَيْ بَعْدَ فِعْلِهِ وَأَدَائِهِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْحِلِّ) بَيَانٌ لِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ، وَقَوْلُهُ أَيْ بِقَاعِهِ بَيَانٌ لِصِحَّةِ إضَافَةِ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>