للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِمَنْ بِمَكَّةَ) مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ (هِيَ) أَيْ مَكَّةُ (وَلِنُسُكٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (لِمُتَوَجِّهٍ مِنْ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ) مَكَانٌ عَلَى نَحْوِ عَشْرِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَسِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ (وَمِنْ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ) قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قِيلَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، وَالْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنَّهَا عَلَى خَمْسِينَ فَرْسَخًا مِنْهَا هِيَ الْآنَ خَرَابٌ.

ــ

[حاشية الجمل]

جِهَتِهِ أَوْ مُحَاذِيهِ (تَنْبِيهٌ)

عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ الْمُتَمَتِّعَ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ وَفَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ عُمْرَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِ جِهَتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَدْخُلَهَا، بَلْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلِّهِ لَزِمَهُ دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ الْوُصُولِ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ مِثْلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ إنْ كَانَ مِيقَاتُ الْآفَاقِيِّ فِي الْمُتَمَتِّعِ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا لَزِمَهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا لَعَلَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ إذْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَمْ يَتَأَتَّ التَّخْيِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلْمِيقَاتِ إلَخْ، بَلْ تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَالْمُتَمَتِّعُ الْآفَاقِيُّ إنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ خَارِجَ مَكَّةَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ إلَى مِثْلِهِ مَسَافَةً أَوْ إلَى مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمَانِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ وَخَرَجَ بِالْآفَاقِيِّ الْمَكِّيُّ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دَمُ الْإِسَاءَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِمَنْ بِمَكَّةَ هِيَ) وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَمِيعِ بِقَاعِ مَكَّةَ وَفِي الْأَفْضَلِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَالثَّانِي مِنْ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْ الْبَيْتِ اهـ.

إيضَاحٌ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِحْرَامُ الْمَكِّيِّ مِنْ بَابِ دَارِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْآتِي وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَإِحْرَامُهُ مِنْ بَابِهِ يَكُونُ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يُسَنُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ، بَلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ مُحْرِمًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ لَا لِلصَّلَاةِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ إذَا اُسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَصْحِيحِ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَابِ دَارِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، قِيلَ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِمَنْ مِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا أَنَّ الْمَكِّيَّ يُحْرِمُ مِنْ طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ مِنْ مَقْصِدِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَاكَ قَاصِدٌ لِمَكَانٍ أَشْرَفَ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَهَذَا بِعَكْسِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِمُتَوَجِّهٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَخْ) عَبَّرَ بِالْمُتَوَجِّهِ لِيُوَافِقَ الْخَبَرَ الْآتِيَ وَهُوَ قَوْلُهُ هُنَّ لَهُنَّ إلَخْ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: ذُو الْحُلَيْفَةِ) قَالَ حَجّ تَصْغِيرُ الْحَلِفَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَاحِدَةُ الْحَلِفِ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ اهـ.

وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ كَقَصْبَةٍ وَطَرْفَةٍ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ حَلِفَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ عَشْرِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ) هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ الْعِيَانُ فَإِنَّ مِنْ رَابِغٍ إلَى مَكَّةَ سِتَّةَ مَرَاحِلَ وَزِيَادَةً كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَمِنْ رَابِغٍ إلَى بَدْرٍ قَرِيبٌ مِنْ تِلْكَ الْمَسَافَةِ وَكَذَلِكَ مِنْ بَدْرٍ إلَى الْمَدِينَةِ وَأَيْضًا فَالْحَاجُّ يَقْطَعُ هَذَا فِي سَيْرِهِ فِي عَشَرَةِ دُورٍ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ عِنْدَ الْعَارِفِينَ بِرُبْعِ الطَّرِيقِ إلَى مِصْرَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ جُمْلَةَ الْمَسَافَةِ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مَرْحَلَةً، وَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ يَقْطَعُهَا فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ دَارًا فَكَأَنَّ كُلَّ دَارٍ مِنْ دُورِ الْحَجِّ مَرْحَلَتَانِ طَوِيلَةٌ عَلَى قَصِيرَةٍ فَهَذِهِ الْمَسَافَةُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ رُبَّمَا كَانَتْ نَحْوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَرْحَلَةً فَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ بِالْمَرْحَلَةِ الدَّارَ مِنْ دُورِ الْحَجِّ تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهَا عَلَى مِيلٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِهَا الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ انْتَهَتْ فِي الْإِيضَاحِ، وَأَعْيَانُ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ لَا تُشْتَرَطُ، بَلْ مِثْلُهَا مَا يُحَاذِيهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ) أَيْ لِزَعْمِ الْعَامَّةِ أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِيهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ الشَّامِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ، وَأَمَّا الْآنَ فَمِيقَاتُهُمْ ذُو الْحُلَيْفَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْلُكُونَ طَرِيقَ تَبُوكَ وَهُوَ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ، وَالْمَدُّ مَعَ فَتْحِ الشِّينِ ضَعِيفٌ وَأَوَّلُهُ نَابُلُسُ مَدِينَةٌ مَشْهُورَةٌ بَيْنَ الرَّقَّةِ وَحَلَبَ وَآخِرُهُ الْعَرِيشُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ حَدَّهُ طُولًا مِنْ الْعَرِيشِ إلَى الْفُرَاتِ وَعَرْضًا مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ مِنْ نَحْوِ الْقِبْلَةِ إلَى بَحْرِ الرُّومِ وَمَا سَامَتَهُ مِنْ الْبُلْدَانِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مُشَاءَمَةِ الْقِبْلَةِ أَيْ لِأَنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي كَنْعَانَ شَامُوا إلَيْهِ أَيْ تَيَاسَرُوا أَوْ بِشَامِ بْنِ نُوحٍ فَإِنَّهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بِاللُّغَةِ السُّرْيَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَنْشَأَهُ أَوْ لِأَنَّ أَرْضَهُ ذَاتَ شَامَاتٍ بِيضٍ وَحُمْرٍ وَسُودٍ؛ وَلِذَلِكَ فَضَّلَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى مِصْرَ وَالرَّاجِحُ عَكْسُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمِصْرَ) هِيَ الْمَدِينَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَلِذَلِكَ تُذَكَّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>