(وَمِنْ تِهَامَةِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ لَهُ أَلَمْلَمُ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَمِنْ نَجْدَيْ الْيَمَنِ وَالْحِجَازِ قَرْنٌ) بِإِسْكَانِ الرَّاءِ مَكَانٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ (وَمِنْ الْمَشْرِقِ) الْعِرَاقُ وَغَيْرُهُ (ذَاتُ عِرْقٍ) عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ أَيْضًا وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ عَائِشَةَ «- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ» ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» هَذَا إنْ لَمْ يُنَبْ مَنْ ذُكِرَ عَنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَمِيقَاتُهُ مِيقَاتُ مُنِيبِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
لِأَهْلِهِ كَمَا أَنَّ الشَّامِيَّ يُحْرِمُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ وَلَا يَصْبِرُ لِلْجُحْفَةِ مَرْدُودٌ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَهْلِ مِصْرَ وَلَا أَثَرَ لِلْمُحَاذَاتِ مَعَ تَعَيُّنِ مِيقَاتٍ لَهُمْ عَلَى أَنَّ بَدْرًا لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَهْلِهِ بَلْ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ كَمَا يَأْتِي وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بُنِيَ وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِنَقْضِهَا، وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ تِهَامَةِ الْيَمَنِ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ إقْلِيمٌ مَعْرُوفٌ وَمَسَافَتُهُ طُولًا فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ نَحْوُ عَشَرَةِ آلَافِ مِيلٍ وَعَرْضُهُ فِيمَا بَيْنَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ أَرْبَعُمِائَةِ مِيلٍ وَمِنْهُ الصِّينُ وَالْهِنْدُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَهُ أَلَمْلَمُ) بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَيُقَالُ لَهُ أَرَمْرَمُ وَيَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ بَدَلَ اللَّامَيْنِ وَيُقَالُ لَهُ الْأَلَمْلَمُ وَالْيَرَمْرَمُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) الْمُرَادُ مَرْحَلَتَيْنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَالْحِجَازِ) نَجْدٌ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ وَتِهَامَةُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ وَيُقَالَ لَهُ الْغَوْرُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْحِجَازُ وَالْيَمَنُ مُشْتَمِلَانِ عَلَى نَجْدٍ وَتِهَامَةَ وَحَيْثُ أُطْلِقَ نَجْدٌ فَالْمُرَادُ بِهِ نَجْدُ الْحِجَازِ وَسُمِّيَ بِالْحِجَازِ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ الْيَمَنِ وَالشَّامِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ أَوْ بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ أَوْ لِاحْتِجَازِهِ بِالْجِبَالِ وَالصُّخُورِ وَهُوَ مِنْ الْيَمَنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَقِيلَ: الْمَدِينَةُ نَجْدٌ وَقِيلَ تِهَامَةُ وَقِيلَ نِصْفُهَا نَجْدٌ وَنِصْفُهَا تِهَامَةُ وَهُوَ يُقَابِلُ أَرْضَ الْحَبَشَةِ مِنْ غَرْبِيِّهِ وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ الْبَحْرِ فَقَطْ وَمَسِيرَتُهُ نَحْوُ شَهْرٍ وَأَوَّلُهُ مَدِينَةُ أَيْلَةَ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ بِالْعَقَبَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْحَاجِّ الْمِصْرِيِّ وَمُنْتَهَاهُ مِنْ شَامَةِ مَدِينَةِ سَدُومَ مِنْ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ وَمِنْ غَرْبِيِّهِ جَبَلُ السَّرَاةِ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ طُولًا مِنْ أَقْصَى عَدَنٍ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ وَعَرْضًا مِنْ جُدَّةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً؛ لِأَنَّهَا أَحَاطَ بِهَا أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ وَبَحْرُ الْحَبَشَةِ وَبَحْرُ فَارِسَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: قَرْنٌ) وَيُقَالُ لَهَا قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِإِسْكَانِ الرَّاءِ) وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَحْرِيكِهَا فِي قَوْلِهِ إنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرْنِ بْنِ رُومَانَ قَبِيلَةِ مَزَادِ أَحَدِ أَجْدَادِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْعِرَاقُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسُهُولَةِ أَرْضِهِ وَاسْتِوَائِهَا بِعَدَمِ الْجِبَالِ وَالْأَحْجَارِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَطُولُهُ مِائَتَا فَرْسَخٍ وَعَرْضُهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: ذَاتُ عِرْقٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَرْيَةٌ فِي جِهَةِ الْمَشْرِقِ مُشْرِفَةٌ عَلَى وَادِي الْعَقِيقِ وَهِيَ الْآنَ خَرَابٌ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:
عِرْقُ الْعِرَاقِ يَلَمْلَمُ الْيَمَنِ ... وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ الْمَدَنِيّ
وَالشَّامُ جُحْفَةُ إنْ مَرَرْت بِهَا ... وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنُ فَاسْتَبِنِ
اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا ذَاتُ عِرْقٍ) وَفَوْقَهَا وَادٍ يُقَالُ لَهُ الْعَقِيقُ وَالْأَوْلَى لِهَؤُلَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَلِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» لَكِنَّهُ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَفِيهِ ضَعْفٌ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ جَعَلَهَا مَوَاقِيتَ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ هُنَّ) أَيْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لَهُنَّ أَيْ لِهَذِهِ النَّوَاحِي يَعْنِي لِأَهْلِهِنَّ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهَلَّا قَالَ هُنَّ لَهُمْ وَلِمَ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى النَّوَاحِي دُونَ الْأَهْلِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَأَجَابَ عَنْهُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بِأَنَّ الْمُسَوِّغَ لِذَلِكَ مُزَاوَجَةُ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ أَيْ مُشَاكَلَتُهُ مَعَ ظُهُورِ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ لِأَهْلِهِنَّ اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: مِيقَاتُ مُنِيبِهِ) أَيْ أَوْ مَكَانٌ آخَرُ مِثْلُهُ مَسَافَةٌ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ مِيقَاتِ الْمُنِيبِ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ النَّائِبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ الْمُنِيبِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُنِيبُ مَدَنِيًّا وَالنَّائِبُ مِصْرِيًّا فَأَحْرَمَ مِنْ رَابِغٍ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَالْحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِالْقِسْطِ وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الشَّرْعَ سَوَّى بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ، وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا فَرَّعَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ مَكِّيٌّ اُسْتُؤْجِرَ عَنْ آفَاقِيٍّ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ وَتَرَكَ مِيقَاتَ الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَالْحَطُّ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ. حَجّ بِنَوْعِ