أَوْ مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدِكُمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ (وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ فَوْقَ مِيقَاتٍ إحْرَامٌ مِنْهُ) لَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ (وَمِنْ أَوَّلِهِ) وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَبْعَدُ لَا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ ذُو الْحُلَيْفَةِ، فَالْأَفْضَلُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَسْجِدِ
ــ
[حاشية الجمل]
تَصَرُّفٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ النَّائِبِ إلَخْ أَنَّهُ أَيْ مِيقَاتَ الْمُنِيبِ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ النَّائِبِ لَا يُعْتَبَرُ، بَلْ يُعْتَبَرُ مِيقَاتُ النَّائِبِ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمُنِيبُ مِصْرِيًّا وَالنَّائِبُ مَدَنِيًّا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّائِبِ الْمَدَنِيِّ الْإِحْرَامُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَتُهَا لِيُحْرِمَ مِنْ رَابِغٍ مِيقَاتِ الْمُنِيبِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ بِالْمُرُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِيُحْرِمَ مِنْ غَيْرِهِ مُرَاعَاةً لِجَانِبِ الْمُنِيبِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَدَنِيَّ مَرَّ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَّا لَوْ مَرَّ مِنْ طَرِيقِ مِصْرَ كَأَنْ جَاءَ مِنْهَا وَسَلَكَ طَرِيقَهَا فَيُحْرِمُ مِنْ رَابِغٍ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا كَمَا هِيَ مِيقَاتُ الْمُنِيبِ هِيَ مِيقَاتُ النَّائِبِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ وَمِنْ صُوَرِ الْمَفْهُومِ أَيْضًا مَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مِصْرِيٌّ بِمِصْرَ عَنْ مَكِّيٍّ مَاتَ بِمَكَّةَ أَوْ عَضَبَ بِهَا وَهُوَ مُقِيمٌ بِهَا فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمِصْرِيِّ النَّائِبِ مُجَاوَزَةُ الْجُحْفَةِ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ الَّتِي هِيَ مِيقَاتُ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ لِمَا سَبَقَ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ سم عَلَيْهِ نَقْلًا عَنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لَهُ أَيْ لِابْنِ حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدَ) وَإِذَا جَاوَزَ هَذَا الْأَبْعَدَ بِلَا إحْرَامٍ فَهَلْ يَلْزَمُ دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَكِنْ يُحَطُّ قِسْطٌ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا مِنْ ذَلِكَ الْأَبْعَدِ مَثَلًا عَشَرَةً وَمِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ تِسْعَةً حَطَّ مِنْ الْمُسَمَّى عَشَرَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اللُّزُومِ إلَخْ أَيْ إذَا أَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمُنِيبِ الشَّرْعِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَيَّدَ بِهِ بِأَقْرَبَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَحُكْمُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ مَكَان أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِحُرْمَةِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ عَلَى مُرِيدِ النُّسُكِ لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ صَحَّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ فَوْقَ مِيقَاتٍ إحْرَامٌ مِنْهُ) وَقِيلَ الْأَفْضَلُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَقَدْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ إحْرَامَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الْحُلَيْفَةِ إجْمَاعًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَذَا فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ تَغْرِيرًا بِالْعِبَادَةِ لِمَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى وَاجِبَاتِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَقَدْ يَجِبُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ كَأَنْ نَذَرَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ كَمَا يَجِبُ الْمَشْيُ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا وَكَمَا مَرَّ فِي أُجْرَةِ مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ وَقَدْ يُسَنُّ كَمَا لَوْ خَشِيَتْ طُرُوُّ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ عِنْدَ الْمِيقَاتِ، وَكَمَا لَوْ قَصَدَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِلْخَبَرِ الضَّعِيفِ «مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» شَكَّ الرَّاوِي اهـ. حَجّ فِي التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: إحْرَامٌ مِنْهُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَدْ عَلِمْت مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ سَائِغٌ وَلَا كَذَلِكَ الزَّمَانِيُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَكَانِيَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَقِّ النَّاسِ وَلَا كَذَلِكَ الزَّمَانِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالزَّمَانِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْمَكَانِ لِدَلِيلِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ دُونَ الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ فَالْأَفْضَلُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ وَكَأَنَّهُ أَيْ السُّبْكِيَّ اعْتَمَدَ فِي إحْرَامِهِ مِنْهُ أَيْ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِيَةَ فِي آدَابِ الْإِحْرَامِ وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَفْسِهِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْكَثِيرَةَ الشَّهِيرَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَحْرَمَ عِنْدَ انْبِعَاثِ رَاحِلَتِهِ أَيْ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ «ثُمَّ رَكِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَسَبَّحَ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ» عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَحِينَئِذٍ فَفِي اسْتِثْنَاءِ ذِي الْحُلَيْفَةِ نَظَرٌ بَلْ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْبَيْدَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّتِهَا، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ اتِّبَاعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ وَيَلْحَقُ بِهِ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَائِهِ كُلُّ مَسْجِدٍ بِمِيقَاتِ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِحْرَامُ عَقِبَ رَكْعَتَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ نَدْبُهُ إذَا تَوَجَّهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْهِ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ إنْ قَرُبَ طَرَفُ الْمِيقَاتِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَرَكْعَتَيْهِ حَتَّى لَمْ يُنْسَبَا إلَيْهِ عُرْفًا تَوَجَّهَ إلَى مَا دُونِهِ وَأَحْرَمَ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ فِي الْمُخْتَارِ، الْبَيْدَاءُ بِوَزْنِ الْبَيْضَاءِ الْمَفَازَةُ وَالْجَمْعُ بِيدٌ بِوَزْنِ بِيضٍ وَبَادَ هَلَكَ وَبَابُهُ بَاعَ وَجَلَسَ وَأَبَادَهُ اللَّهُ أَهْلَكَهُ وَبَيْدَ كَغَيْرِ وَزْنًا وَمَعْنًى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute