الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِمَنْ فَوْقَ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) مَكَانَاهَا لِنُسُكٍ (لِمَنْ لَا مِيقَاتَ بِطَرِيقِهِ إنْ حَاذَاهُ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَامَتَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ (مُحَاذَاتُهُ) فِي بَرٍّ كَانَ أَوْ بَحْرٍ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَحَرَّى (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) كَأَنْ كَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا (مُحَاذَاةَ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا تَعْبِيرِي بِأَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَبْعَدِهِمَا أَيْ إلَى مَكَّةَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّقْيِيدِ بِمَا إذَا اسْتَوَتْ مَسَافَتُهُمَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا إذَا تَفَاوَتَتْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ فِي الْأَصَحِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا (فَ) مَكَانَيْهَا لِنُسُكٍ (مَرْحَلَتَانِ مِنْ مَكَّةَ) إذْ لَا مِيقَاتَ أَقَلَّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْقَدْرِ (وَ) مَكَانَيْهَا لِنُسُكٍ (لِمَنْ دُونَ مِيقَاتٍ لَمْ يُجَاوِزْهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُرِيدَ نُسُكٍ) بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْهُ وَهُوَ مِنْ مَسْكَنِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ أَوْ جَاوَزَهُ غَيْرُ مُرِيدِ نُسُكٍ (ثُمَّ أَرَادَ مَحَلَّهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
يُقَالُ هُوَ كَثِيرُ الْمَالِ بَيْدَ أَنَّهُ بَخِيلٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ الْيَوْمَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، بَلْ كُلُّ مِيقَاتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ آخِرَ الْمِيقَاتِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ) أَيْ لَا بِظَهْرِهِ وَلَا بِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَرَاءَهُ وَالثَّانِيَ أَمَامَهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي بَرٍّ كَانَ أَوْ بَحْرٍ) فَعَلَى هَذَا مِيقَاتُ الْمِصْرِيِّ الَّذِي سَافَرَ فِي الْبَحْرِ الْجُحْفَةُ؛ لِأَنَّهُ يُحَاذِيهَا
١ -
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَحَرَّى) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ أَوْ مَوْضِعُ مُحَاذَاتِهِ تَحَرَّى إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي التَّحَرِّي إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ حَاذَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَوْقَهُ نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِظْهَارُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضِيقُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ) أَيْ عَلَى التَّرْتِيبِ لِيَظْهَرَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُرْبِ مَعْنًى فَالْمُرَادُ أَنَّهُ حَاذَاهُمَا بِحَسَبِ الْمَالِ فَسَقَطَ مَا هُنَا مِنْ الْإِشْكَالِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: مُحَاذَاةُ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَاقَى الْآخَرَ أَوَّلًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَقْرَبَهُمَا إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ طَرِيقِهِ وَبَيْنَهُ مِيلٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ مِيلَانِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ عَلَى كُلٍّ تَكُونُ الْمَسَافَةُ مِنْهُ إلَيْهِ وَاحِدَةً اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا) كَأَنْ كَانَ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعْرًا فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ سَقَطَ الدَّمُ أَوْ إلَى الْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ إلَخْ هَذَا هُوَ ثَمَرَةُ كَوْنِهِ يُحْرِمُ مِنْ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ وَإِلَّا فَالصُّورَةُ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ فِيهِ مُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ مَعًا فَلَا وَجْهَ لِنِسْبَةِ الْإِحْرَامِ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ قِيلَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ فَكِلَاهُمَا مِيقَاتُهُ، قُلْنَا لَا بَلْ مِيقَاتُهُ الْأَبْعَدُ إلَى مَكَّةَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ إلَخْ انْتَهَتْ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ، وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا هَذَا كَلَامٌ لَمْ أَرَ لَهُ وَجْهَانِ إذْ كَيْفَ يُحَاذِي مِيقَاتًا أَوَّلًا فَيَسُوغُ لَهُ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ مُحَاذَاتِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِيقَاتٍ آخَرَ لِأَجْلِ بُعْدِهِ مِنْ مَكَّةَ هَذَا شَيْءٌ لَا يَسْمَحُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِيمَا أَظُنُّ عَلَى أَنَّ فِيهِ إشْكَالًا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُقْسَمَ مُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَقْسَامِهِ مُحَاذَاةُ أَحَدِهِمَا أَوَّلًا لَكِنْ يَعْتَذِرُ عَنْ هَذَا الْأَخِيرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُحَاذَاتُهُمَا وَلَوْ فِيمَا يَئُولُ إلَيْهِ الْحَالُ، وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ بِأَنَّهُ يُحَاذِي بِصَدْرِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا يَمْنَةٌ وَيَسْرَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُوَ فِيمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. سم وَانْظُرْ هَلْ يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ، وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا عَلَى مَا إذَا جَاوَزَ ذَلِكَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا إلَخْ) لَا يُقَالُ الْمَوَاقِيتُ مُسْتَغْرِقَةٌ لِجِهَاتِ مَكَّةَ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ مُحَاذَاتِهِ لِمِيقَاتٍ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ فِي ظَنِّهِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ بِالْجَائِي مِنْ سَوَاكِنَ إلَى جُدَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُرَّ بِرَابِغٍ وَلَا بِيَلَمْلَمَ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ أَمَامَهُ فَيَصِلُ جُدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ فَتَكُونُ هِيَ مِيقَاتُهُ اهـ. حَجّ فِي التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ أَمَامَهُ أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَ الْمِيقَاتِ أَمَامَهُ لَا يُعْتَبَرُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا مِيقَاتَ أَقَلَّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْقَدْرِ) بِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ أَنَّ الْمَسَافَةَ مِنْهُ لَا مِنْ مَكَّةَ أَنْ تَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمَرْحَلَتَيْنِ هُنَا بَدَلٌ عَنْ أَقْرَبِ مِيقَاتٍ إلَى مَكَّةَ، وَأَقْرَبُ مِيقَاتٍ إلَيْهَا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهَا لَا مِنْ الْحَرَمِ فَاعْتُبِرْت الْمَسَافَةُ مِنْ مَكَّةَ لِذَلِكَ اهـ. حَجّ فِي التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَهُ) عَطْفٌ عَلَى النَّفْيِ بِالنَّظَرِ لِإِحْدَى صُورَتَيْهِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِمَنْ دُونَ مِيقَاتٍ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَرَادَهُ، وَقَوْلُهُ مَحَلُّهُ أَيْ مَحَلُّ سَكَنِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَمَحَلُّ إرَادَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَمُحْتَرَزُ الْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَمْ يُجَاوِزْهُ مُرِيدُ نُسُكٍ أَمَّا إذَا جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ أَيْ فَمِيقَاتُهُ هُوَ الَّذِي جَاوَزَهُ فِي حَلَبَةِ الْإِرَادَةِ وَيُعْلَمُ تَفْصِيلُ حُكْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ إلَخْ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى بَيَانٌ لَمُحْتَرِزِ الْقَيْدِ الَّذِي قَبْلَهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِيقَاتٌ آخَرُ وَإِلَّا كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَقَبْلَ الْجُحْفَةِ فَمِيقَاتُهُمْ الثَّانِي وَهُوَ الْجُحْفَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا مَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ حَجّ فِي التُّحْفَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ م ر فِي شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا مَحَلُّهُ) فَلَوْ جَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ