للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِيَعْرِفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ (بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا) فَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَتْ وَاحِدَةٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا بِأَنْ لَا يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ عَلَى الْإِحْرَامِ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ

ــ

[حاشية الجمل]

شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِهِ النَّفَلَ وَقَعَ عَنْ نُسُكِ الْإِسْلَامِ قَدْ يُتَّجَهُ الْفَرْقُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَلَا اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ حَجّ أَوَّلَ الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا الْوَقْتُ وَالنِّيَّةُ وَالْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ حَتَّى وَلَوْ جَرَتْ مِنْهُ أَفْعَالُ النُّسُكِ اتِّفَاقًا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا لَكِنْ يُرَدُّ ذِكْرُ النِّيَّةِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ وَيُرَدُّ ذِكْرُ الْوَقْتِ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَوَاقِيتِ، وَذِكْرُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ تَعَاطِي الْأَفْعَالِ كَفَى فَلَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، بَلْ يَكْفِي لِانْعِقَادِهِ تَصَوُّرُهُ بِوَجْهٍ انْتَهَى، وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ تَعَاطِي الْأَفْعَالِ كَفَى صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ لَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَا بَعْدَهُ لَمْ يَكْفِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَيْنُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ بِلَا فَرْقٍ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ حَالَ النِّيَّةِ وَفِي الْحَجِّ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ اهـ. بِالْحَرْفِ.

(قَوْلُهُ: لِيَعْرِفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ وَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ دَلَّتْ عَلَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مُفْرِدًا» وَاعْلَمْ أَنَّهُ جَازَ عَدَمُ التَّعْيِينِ هُنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ هُنَا إلَى الْفَرْضِ، وَإِنْ قَصَدَ التَّطَوُّعَ أَوْ النَّذْرَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ انْتَهَى اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا إلَخْ) أَيْ يَنْوِيَ مَا لَمْ يَكُنْ مُجَامِعًا وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ وَلَوْ مَعْذُورًا بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا مَعْذُورًا وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ نُسُكُهُ؛ لِأَنَّ مَا أَفْسَدَ فِي الدَّوَامِ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ وَإِنَّمَا كَانَ الْمَعْذُورُ هُنَا كَغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَثْنَاءِ لِضَعْفِ الِابْتِدَاءِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ كِلَيْهِمَا) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ فِي نِيَّتِهِ عَلَى الْحَجِّ إذْ لَوْ الْعَكْسَ لَكَانَ مُدْخِلًا لِلْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَوْ يَنْوِيهِمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُغْتَفَرُ مِثْلُ هَذَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِمَنْزِلَةِ قَصْدِهِمَا مَعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَقْصِدَ قَبْلَ فَرَاغِ نِيَّةِ الْحَجِّ أَنْ يَأْتِيَ بِقَصْدِ الْعُمْرَةِ عَقِبَهُ، وَهَذَا قَرِيبٌ جِدًّا قَالَهُ الطَّبَلَاوِيُّ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّفْرِيعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَتْنِ. اهـ. شَيْخُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ م ر لَا عَلَى صُورَةِ التَّفْرِيعِ، فَقَالَ وَلَوْ نَوَى حَجَّتَيْنِ أَوْ نِصْفَ حَجَّةٍ انْعَقَدَ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَتَيْنِ أَوْ نِصْفَ عُمْرَةٍ انْعَقَدَ عُمْرَةٌ قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ وَإِلْغَاءً لِلْإِضَافَةِ إلَى الثِّنْتَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَجَّتَيْنِ وَالْعُمْرَتَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَصَحَّ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَرْضَيْنِ لَا يُبِيحُ إلَّا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: انْعَقَدَتْ وَاحِدَةٌ) أَيْ انْعَقَدَ لَهُ وَاحِدَةٌ إلَخْ اهـ. ع ش.

وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ لَوْ نَوَى حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَا تَلْزَمُهُ الْأُخْرَى انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا انْعَقَدَتْ وَاحِدَةٌ) هَلْ مَحَلُّهُ إذَا جَمَعَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَنَوَيْتُ حَجَّتَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ عَطَفَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَنَوَيْتُ حَجَّةً أَوْ حَجَّةً أُخْرَى فَيَنْعَقِدُ قَوْلُهُ وَحَجَّةً أُخْرَى عُمْرَةٌ، كَمَا لَوْ قَالَ نَوَيْت الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَجَّةً أُخْرَى كَقَوْلِهِ وَالْعُمْرَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَنَعَ مِنْ انْعِقَادِهِ حَجًّا مَانِعٌ وَهُوَ تَقْدِيمُ نِيَّةِ الْحَجِّ فَهُوَ كَنِيَّةِ الْحَجِّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الِانْعِقَادَ عُمْرَةً مُسْتَبْعَدٌ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّرْحِ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّانِيَةُ إلَخْ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِانْعِقَادِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا) أَيْ فَلَوْ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيُّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ فَاسِدًا اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فَيَقْضِيهِ دُونَ الْآخَرِ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ النُّسُكِ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ النَّفْلِ وَعَلَيْهِ نُسُكُ فَرْضٍ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ وَلَوْ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ انْعَقَدَ مُطْلَقًا كَالطَّلَاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي هَذَا وَفِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ وَالنِّيَّةُ الْجَازِمَةُ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ وَيَقْبَلُ الْأَخْطَارَ وَيَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ عَلَى الْإِحْرَامِ) فَإِنْ زَادَ كَوْنُهُ تَطَوُّعًا أَوْ نَذَرَ أَوْ قَيَّدَهُ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَغَا وَانْصَرَفَ إلَى مَا عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ فَرْضٍ أَيْضًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: خَرَجْنَا) أَيْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ) أَيْ يُحْرِمَ وَهَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْإِهْلَالَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى التَّعْيِينِ بِصُوَرِهِ الثَّلَاثَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا إنَّ التَّعْيِينَ أَفْضَلُ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>