للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» (فَإِنْ أَطْلَقَ) إحْرَامَهُ (فِي أَشْهُرِ حَجٍّ صَرَفَهُ بِنِيَّةٍ لِمَا شَاءَ) مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَكِلَيْهِمَا إنْ صَلَحَ الْوَقْتُ لَهُمَا (ثُمَّ) بَعْدَ النِّيَّةِ (أَتَى بِعَمَلِهِ) أَيْ مَا شَاءَهُ فَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ الْوَقْتُ لَهُمَا بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ: وَلَوْ ضَاقَ فَالْمُتَّجَهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ لِمَا شَاءَ وَيَكُونُ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً كَمَا مَرَّ فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى حَجٍّ فِي أَشْهُرِهِ (وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ أَبِي مُوسَى

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إحْرَامَهُمْ كَانَ مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّ تَخْصِيصَ الْأَوَّلِ بِالْعُمْرَةِ وَالثَّانِي بِالْحَجِّ مِنْ إعْطَاءِ الْأَكْمَلِ لِلْأَكْمَلِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْعَكْسُ بِأَنْ يَصْرِفَهُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ لِلْعُمْرَةِ وَمَنْ لَا لِلْحَجِّ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَجَّ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ وَمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ تَقَرُّبًا أَكْمَلُ حَالًا مِمَّنْ لَمْ يَسُقْهُ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ، وَأَمَّا كَوْنُ ظَاهِرِ الْخَبَرِ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ فَغَيْرُ مُرَادٍ شَرْعًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مُطْلِقِينَ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ أَنْ يَجْعَلَ حَجَّهُ عُمْرَةً وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. ع ش عَلَى م ر وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْهَدْيَ مَا يَسُوقُهُ الْحَاجُّ أَوْ الْمُعْتَمِرُ تَقَرُّبًا بِخِلَافِ دَمِ الْجُبْرَانِ فَإِنَّهُ مَا يُجْبِرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُحْرِمِ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فِي فَصْلِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ الْهَدْيُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ فِي الْأُولَى وَتَشْدِيدِهَا فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى لِمَكَّةَ وَحَرَمِهَا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نِعَمٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

(فَائِدَةٌ) :

قَالَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِائَةَ بَدَنَةٍ ذَبَحَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَاقِيَهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ عُمُرِهِ الشَّرِيفِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: صَرَفَهُ بِنِيَّتِهِ لِمَا شَاءَ) أَيْ وُجُوبًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ الْإِحْرَامِ اهـ. ح ل وَهَلْ لَهُ بَعْدَ الصَّرْفِ إلَى أَحَدِهِمَا وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى الْآخَرِ أَوْ لَا، قُلْت قَالَ الشِّهَابُ حَجّ فِي بَابِ النَّذْرِ فِيمَا لَوْ خُيِّرَ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ رَأَى شَيْئًا وَتَرَدَّدَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنِيًّا أَوْ مَذْيًا وَقَدْ نَظَرْنَا فِي أَخْذِهِ الْمَذْكُورِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الصَّرْفِ لَكِنْ لَوْ طَافَ ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ وَقَعَ طَوَافُهُ عِنْدَ الْقُدُومِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَلَوْ سَعَى بَعْدَهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ، وَإِنْ وَقَعَ تَبَعًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَيُحْتَاطُ لَهُ أَيْ فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ إلَّا إذَا وَقَعَ بَعْدَ طَوَافٍ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ الْوَقْتُ لَهُمَا) أَيْ حِينَ الصَّرْفِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ نَوَى فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ إلَخْ غَرَضُهُ مِنْهُ التَّعْمِيمُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ أَطْلَقَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا.

(قَوْلُهُ: صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ) أَيْ وُجُوبًا وَلَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً بِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ لِلْحَجِّ خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَإِنْ تَبِعَهُ حَجّ وَعَلَى الْجَوَازِ لَوْ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ تَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيَفُوتُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَيَقْضِيهِ مِنْ قَابِلٍ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً كَمَا مَرَّ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى عُمْرَةٍ وَبَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَى النُّسُكَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ كَانَ كَإِحْرَامِهِ قَبْلَهَا فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ أَنْ يُحْرِمَ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ إلَخْ) هُوَ يُشْبِهُ التَّعْلِيقَ لَكِنْ بِشَيْءٍ حَاصِلٍ لَا بِشَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ مُطْلَقًا يَصِحُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَأَنَا مُحْرِمٌ تَبِعَهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ كَانَ حَلَالًا فَهُوَ حَلَالٌ أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ خِلَافًا لِإِشْكَالِ الرَّافِعِيِّ الَّذِي حَاوَلَ بِهِ الْجَوَازَ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي اهـ. عَمِيرَةُ اهـ. سم وَقَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو صَارَ مِثْلَهُمَا إنْ اتَّفَقَا وَإِلَّا صَارَ قَارِنًا، قَالَ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ إحْرَامُهُمَا فَاسِدًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فِي الصَّحِيحِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ فَإِنْ صَرَفَهُ لِحَجٍّ وَكَانَ إحْرَامُ الصَّحِيحِ حَجًّا أَوْ لِعُمْرَةٍ، وَكَانَ إحْرَامُ الْآخَرِ الصَّحِيحِ عُمْرَةً صَارَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ صَرَفَهُ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ إحْرَامُ الْآخَرِ الصَّحِيحِ بِالْآخَرِ صَارَ قَارِنًا وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُ الْآخَرِ الصَّحِيحِ بِحَجٍّ فَيُصْرَفُ هَذَا الْمُطْلَقُ لِعُمْرَةٍ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ كَمَا تَوَهَّمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>