للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ بِمَا أَهْلَلْت فَقُلْت لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» (فَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ (مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُ زَيْدٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا إحْرَامًا فَاسِدًا وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت لَا يَنْعَقِدُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ (وَإِلَّا) بِأَنْ صَحَّ إحْرَامُ زَيْدٍ (فَ) يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ (كَإِحْرَامِهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

بَعْضُ الطَّلَبَةِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ لَيْسَ ابْتِدَاءَ إحْرَامٍ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَالصَّرْفَ تَفْسِيرٌ لَهُ وَهَلْ يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ الصَّرْفِ نَظَرًا لِلْإِحْرَامِ الْآخَرِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِتَمَامِهِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ إلَخْ) وَوَقَعَ لِعَلِيٍّ كَمَا وَقَعَ لِأَبِي مُوسَى وَهُوَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحَيْنِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: طُفْ بِالْبَيْتِ) هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ إحْرَامَ أَبِي مُوسَى كَإِحْرَامِهِ يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا فَيَصْرِفُهُ لِمَا شَاءَ فَيَجُوزُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أَنَّ الْأَنْسَبَ لِأَبِي مُوسَى الْعُمْرَةُ فَأَمَرَهُ بِهَا، وَأَمَّا عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفِي قَوْلٍ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَخُصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ حَجًّا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ إحْرَامَهُ وَإِنْ انْعَقَدَ حَجًّا لَكِنْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُصُّوا بِجَوَازِ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ ثَمَّ وَعَلَيْهِ فَأَمْرُهُ لَهُ بِالْعُمْرَةِ أَمْرٌ بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَيْهَا وَهُوَ جَائِزٌ لِأَصْحَابِهِ خُصُوصِيَّةً اهـ. ع ش عَلَى م ر

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر هُنَاكَ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ كَلَامٌ فِي حَجَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحَجِّ أَصْحَابِهِ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ لِنَفَاسَتِهِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُنَازَعَةِ فِيهِ حَيْثُ قَالَ: الصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَخُصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ وَبِهَذَا يَسْهُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، فَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْإِفْرَادِ وَهُمْ الْأَكْثَرُ أَوَّلَ الْإِحْرَامِ وَرُوَاةِ الْقِرَانِ آخِرَهُ وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَقَدْ انْتَفَعَ بِالِاكْتِفَاءِ بِعَمَلٍ وَاحِدٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عُمْرَةً مُفْرَدَةً وَلَوْ جُعِلَتْ حَجَّتُهُ مُفْرَدَةً لَكَانَ غَيْرَ مُعْتَمِرٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْحَجَّ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ فَانْتَظَمَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَجَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَكَانُوا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجٍّ وَمَعَهُمْ هَدْيٌ وَقِسْمٌ بِعُمْرَةٍ وَفَرَغُوا مِنْهَا ثُمَّ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ، وَقِسْمٌ بِحَجٍّ مِنْ غَيْرِ هَدْيٍ مَعَهُمْ وَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْلِبُوهُ عُمْرَةً وَهُوَ مَعْنَى فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ أَمَرَهُمْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ مُخَالَفَةِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَحْرِيمِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ كَمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ لِذَلِكَ

وَدَلِيلُ التَّخْصِيصِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد «وَعَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً، فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً» فَانْتَظَمْت فِي إحْرَامِهِمْ أَيْضًا فَمَنْ رَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَارِنِينَ أَوْ مُتَمَتِّعِينَ أَوْ مُفْرِدِينَ أَرَادَ بَعْضَهُمْ وَهُمْ الَّذِينَ عُلِمَ مِنْهُمْ ذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ، وَكَرِهَ جَمْعٌ تَسْمِيَةَ حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ مُنَابِذٌ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِنَحْوِ مَا مَرَّ فِي تَسْمِيَةِ الطَّوَافِ شَوْطًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِأَنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدًا مُحْرِمًا أَصْلًا أَوْ أَتَى بِصُورَةِ إحْرَامٍ فَاسِدٍ لِكُفْرِهِ أَوْ جِمَاعِهِ انْتَهَتْ، فَأَنْتَ تَرَاهُ صَوَّرَ الْإِحْرَامَ الْفَاسِدَ بِمَا ذَكَرَ وَذَكَرَ أَنَّهُ صُورَةُ إحْرَامٍ وَهَذَا أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ وَالسِّيَاقِ مِنْ تَصْوِيرِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ لَهُ بِمَا إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ صَحِيحًا ثُمَّ أَفْسَدَهَا ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ حَيْثُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَهَذَا إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي تَصْوِيرِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ لِلسِّيَاقِ كَمَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ أَصْلَ إحْرَامِ زَيْدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ فَإِذَا أَشْبَهَ غَيْرُهُ إحْرَامَهُ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ انْعَقَدَ إحْرَامُ الْغَيْرِ عُمْرَةً كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الِابْتِدَاءِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِهِ) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ فَيَنْعَقِدُ وَهِيَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَمَسَّكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ عَلَّقَ، فَقَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت، فَقَالَ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ شُرُوعٌ فِي إبْدَاءِ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ، فَقَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ جَازِمًا بِهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لَا يَنْعَقِدُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا فِي الْوَاقِعِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْإِحْرَامُ الْمُعَلَّقُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ فِي الشَّارِحِ وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>