فَلَا يُسَنُّ الطُّهْرُ لَهُ اكْتِفَاءً بِطُهْرِ الْعِيدِ وَسُنَّ أَنْ يَتَأَهَّبَ لِلْإِحْرَامِ بِحَلْقِ عَانَةٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَتَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى الطُّهْرِ كَمَا فِي الْمَيِّتِ، وَذِكْرُ التَّيَمُّمِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) سُنَّ (تَطْيِيبُ بَدَنٍ وَلَوْ بِمَا لَهُ جُرْمٌ) وَلَوْ امْرَأَةً بَعْدَ الطُّهْرِ (لِإِحْرَامٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» (وَحَلَّ) تَطَيُّبٌ لِإِحْرَامٍ (فِي ثَوْبٍ وَاسْتِدَامَتُهُ) أَيْ الطِّيبِ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافٍ لِوُضُوئِهِ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ إنْ نَوَى بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَآخَرَ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ الطُّهْرُ لَهُ) أَيْ وَلَا لِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ لِقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ عَرَفَةَ وَلَا لِطَوَافِ الْقُدُومِ لِقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ الدُّخُولِ وَلَا لِلْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ، وَإِنْ جَزَمَ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى بِاسْتِحْبَابِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِطُهْرِ الْعِيدِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ حَصَلَ لَهُ تَغَيُّرٌ فِي بَدَنِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اسْتِحْبَابِهِ لِدُخُولِ مَكَّةَ فِي حَقِّ مَنْ اغْتَسَلَ لِدُخُولِ الْحَرَمِ مِنْ قُرْبِ مَكَّةَ حَيْثُ تَغَيَّرَ رِيحُهُ اسْتِحْبَابُهُ هُنَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غُسْلَ الْعِيدِ يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ كَغُسْلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةَ، فَغُسْلُ الْعِيدِ مُحَصِّلٌ لِغُسْلِ الرَّمْيِ كَفِعْلِهِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ اهـ. ع ش عَلَى م ر فَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ لِلْعِيدِ فَلَا بَأْسَ بِالطُّهْرِ حِينَئِذٍ وَتَفُوتُ هَذِهِ الْأَغْسَالُ بِالْأَعْرَاضِ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَا تُقْضَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَتَأَهَّبَ لِلْإِحْرَامِ) فِي الْمُخْتَارِ تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِحَلْقِ عَانَةٍ) أَيْ فِي غَيْرِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ، وَكَذَا بِحَلْقِ رَأْسٍ لِمَنْ يَتَزَيَّنُ بِهِ وَإِلَّا نُدِبَ أَنْ يُلَبِّدَهُ بِنَحْوِ صَمْغٍ دَفْعًا لِنَحْوِ الْقَمْلِ وَيُنْدَبُ السِّوَاكُ أَيْضًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي شَرْحِ م ر بِحَلْقِ عَانَةٍ وَإِزَالَةِ أَوْسَاخٍ وَبِغَسْلِ رَأْسٍ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُنْدَبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَوَلَّدَ فِيهِ الْقَمْلُ وَلَا يَتَنَشَّفُ فِي مُدَّةِ إحْرَامِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَيُنْدَبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَشِيَ عُرُوضَ جَنَابَةٍ بِاحْتِلَامٍ أَوْ خَشِيَتْ الْمَرْأَةُ حُصُولَ حَيْضٍ وَيَنْبَغِي عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ عُرُوضَ مَا ذَكَرَ يُحْوِجُ إلَى الْغُسْلِ وَإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَ الشَّعْرِ وَإِزَالَةِ نَحْوِ الصَّمْغِ وَهُوَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إزَالَةِ بَعْضِ الشَّعْرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى الطُّهْرِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا وَإِلَّا سُنَّ تَأْخِيرُهُمَا عَنْهُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَيِّتِ) عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ الْكَرَاهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ اهـ. زي.
وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ فِي الْجَنَائِزِ وَكُرِهَ أَخْذُ شَعْرِ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَظُفْرِهِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَيِّتِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَرِيضَ يَتَعَهَّدُ نَفْسَهُ بِمَا ذَكَرَ لِيَكُونَ طُهْرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمَرْجُوحِ انْتَهَتْ، فَعَلَى هَذَا فِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيِّتِ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَطْيِيبُ بَدَنٍ) أَيْ لِغَيْرِ صَائِمٍ وَغَيْرِ مُحِدَّةٍ فِي الْعِدَّةِ وَيَحْصُلُ بِأَيِّ طِيبٍ كَانَ وَأَوْلَاهُ بِالْمِسْكِ الْمَخْلُوطُ بِمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ نَحْوِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُنْدَبُ الْجِمَاعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ وَلَمْ يُخَالِفُوهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَطْيِيبُ بَدَنٍ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الصَّائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ تَرْكُ التَّطَيُّبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الصَّائِمِ إذَا أَرَادَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَفْتَى بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلصَّائِمِ تَرْكُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمُحِدَّةِ لِحُرْمَةِ الطِّيبِ وَفِي غَيْرِ الْبَائِنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا تَرْكُ التَّطَيُّبِ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْعَدَدِ فِي بَحْثِ الْإِحْدَادِ مَا نَصُّهُ وَهِيَ فِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ وَأَكْلِهِ، وَالدُّهْنُ كَالْمُحَرَّمِ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لَكِنْ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ اهـ.
وَهُوَ شَامِلٌ لِلطِّيبِ الَّذِي فَعَلَتْهُ لِلْإِحْرَامِ بِأَنْ أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ فَتَطَيَّبَتْ ثُمَّ أَحْرَمَتْ ثُمَّ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَيْ وَلَوْ شَابَّةً خَلِيَّةً كَانَتْ أَمْ لَا وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ سَنِّ التَّطَيُّبِ فِي ذَهَابِ الْأُنْثَى لَهَا بِأَنَّ زَمَانَ الْجُمُعَةِ وَمَكَانَهَا ضِيقٌ وَلَا يُمْكِنُهَا تَجَنُّبُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِحِلِّهِ) أَيْ تَحَلُّلِهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُحِلُّ بِهِ جَمِيعَ الْمُحَرَّمَاتِ إلَّا النِّسَاءَ وَالْمُرَادُ عَقِبَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَّ فِي ثَوْبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَكَذَا ثَوْبُهُ مِنْ إزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ يُسَنُّ تَطِيبُهُ فِي الْأَصَحِّ كَالْبَدَنِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْبَابِ تَطَيُّبِ الثَّوْبِ الْمُحَرَّرَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ كَوْنَهُ مُبَاحًا، وَقَالَ لَا يُنْدَبُ جَزْمًا، وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازَ أَيْ الْإِبَاحَةَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَتُهُ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَتَلْزَمُهَا إزَالَتُهُ كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَتْهَا إزَالَتُهُ فِي وَجْهٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ دَلَالَتِهِ