للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ أَيْ بَرِيقِهِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» وَخَرَجَ بِاسْتِدَامَتِهِ مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ أَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ الْمُطَيَّبَ ثُمَّ لَبِسَهُ لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَتُهُ مَوْجُودَةً فِي ثَوْبِهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ مَاءٌ ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ امْتَنَعَ لُبْسُهُ وَإِلَّا فَلَا وَذِكْرُ حِلِّ تَطَيُّبِ الثَّوْبِ هُوَ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَصْحِيحُ أَنَّهُ يُسَنُّ كَالْبَدَنِ.

(وَسُنَّ خَضْبُ يَدَيْ امْرَأَةٍ لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ إلَى الْكُوعَيْنِ بِالْحِنَّاءِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ وَمَسْحُ وَجْهِهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِهِ فَلْتَسْتُرْ لَوْنَ الْبَشَرَةِ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ لِلْمُحْرِمِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَكُونَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَإِنْ فَعَلَتْهُ فَلَا فِدْيَةَ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا الْخَضْبُ بَلْ يَحْرُمُ (وَيَجِبُ تَجَرُّدُ رَجُلٍ لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (عَنْ مُحِيطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي مَنَاسِكِهِ بِسَنِّهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَاعْتَرَضُوا الْأَوَّلَ بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يَحْصُلْ وَلَا يَعْصِي بِالنَّزْعِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأُيِّدَ الثَّانِي بِشَيْئَيْنِ ذَكَرْتهمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُمَا وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ فَجَوَابُهُ أَنَّ التَّجَرُّدَ فِي الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْإِبَاحَةِ دُونَ النَّدْبِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَكَانَ يُمْكِنُ الْإِبَاحَةُ فِي كُلٍّ أَوْ النَّدْبُ فِي كُلٍّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَأَنِّي أَنْظُرُ) كَأَنَّ هُنَا لِلتَّحْقِيقِ أَيْ أَتَحَقَّقُ النَّظَرَ وَهِيَ تَأْتِي لِلتَّحْقِيقِ كَمَا تَأْتِي لِلشَّكِّ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْوَاوِ وَآخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ، وَقَوْلُهُ أَيْ بَرِيقِهِ وَهُوَ لَمَعَانُهُ، وَقَوْلُهُ مَفْرَقِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا مَا بَيْنَ الْعَارِضَيْنِ، وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمَفْرِقُ الْمَكَانُ الَّذِي وَسَطَ الرَّأْسِ يُفْرَقُ بِهِ بَيْنَ الشَّعْرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ فِي الْمِصْبَاحِ الْوَبِيصُ مِثْلُ الْبَرِيقِ وَزْنًا وَمَعْنًى وَهُوَ اللَّمَعَانُ، يُقَالُ وَبَصَ وَبِيصًا وَالْفَاعِلُ وَابِصٌ وَوَابِصَةٌ وَبِهِ سُمِّيَ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ أَخَذَ الطِّيبَ إلَخْ) وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا عِبْرَةَ بِانْتِقَالِ الطِّيبِ بِإِسَالَةِ الْعَرَقِ، وَلَوْ تَعَطَّرَ ثَوْبُهُ مِنْ بَدَنِهِ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ لَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ إلَخْ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَكِنْ عِبَارَتُهُ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ إلَخْ نَصُّهَا وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسِهِ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مِبْخَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطَيُّبًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ) أَيْ وَإِنْ ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ فَقَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ مُقَابِلٌ لِهَذَا الْمَحْذُوفِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ خَضْبُ يَدَيْ امْرَأَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُحِدَّةٍ، وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ شَامِلٌ لِلْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ، وَقَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيُسَنُّ الْخَضْبُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ إذَا كَانَتْ حَلِيلَةً وَإِلَّا كُرِهَ وَلَا يُسَنُّ لِلْحَلِيلَةِ نَقْشٌ وَلَا تَسْوِيدٌ وَلَا تَظْرِيفٌ وَلَا تَحْمِيرُ وَجْنَةٍ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ حَلِيلِهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْخَلِيَّةِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: يَدَيْ امْرَأَةٍ) أَيْ وَلَوْ خَلِيَّةً شَابَّةً لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِالْحِنَّاءِ) مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْخَضْبِ بِالْحِنَّاءِ إذَا كَانَ تَعْمِيمًا دُونَ التَّظْرِيفِ وَالنَّقْشِ وَالتَّسْوِيدِ اهـ. شَرْحُ م ر، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّظْرِيفِ الْمُحَرَّمِ تَظْرِيفُ الْأَصَابِعِ بِالْحِنَّاءِ مَعَ السَّوَادِ أَمَّا الْحِنَّاءُ وَحْدَهُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ اهـ. كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي النَّقْشِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَلْتَسْتُرْ لَوْنَ الْبَشَرَةِ إلَخْ) وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى يَدَيْهَا مَخْضُوبَتَيْنِ وَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا أَفَادَ الْخَضْبُ نَوْعَ سِتْرٍ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَتْهُ فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ) أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصْحَابُ وَلَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِ الْيَدَيْنِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَتَجُوزُ الْحِنَّاءُ لِلصَّبِيِّ كَالْحَرِيرِ، انْتَهَى بِرْمَاوِيٌّ وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي بَابِ اللِّبَاسِ خِضَابُ الشَّعْرِ مِنْ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِالْحِنَّاءِ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ، بَلْ سُنَّةٌ صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ اتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا، قَالَ السُّيُوطِيّ وَأَمَّا خِضَابُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ فَمُسْتَحَبٌّ لِلْمَرْأَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ وَحَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ اهـ. قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَدَمُ حُرْمَةِ خِضَابِ غَيْرِهِمَا لَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ مَا فِي مَعْنَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَالْعُنُقِ وَالْوَجْهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَجَرُّدُ رَجُلٍ لَهُ) أَيْ وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا، وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ مَا قَابَلَ الْمَرْأَةَ، وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ لَا يَعْصِي بِالنَّزْعِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ آتٍ بِوَاجِبٍ اهـ. ح ل وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ التَّجَرُّدُ بَعْدَ التَّطَيُّبِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: ذَكَرْتهمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ الْوُجُوبَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ؛ وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءَ، بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا الصَّيْدُ فَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَمِمَّا لَوْ وَطِئَ أَوْ أَكَلَ لَيْلًا مَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ لَمْ يَلْزَمْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>