للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَسُنَّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَمَعْنَى لَبَّيْكَ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنَّى أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ (وَ) سُنَّ (لِمَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ أَوْ يَكْرَهُهُ) أَنْ يَقُولَ (لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ) قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ

ــ

[حاشية الجمل]

وَيَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى التَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك بِنَصْبِ النِّعْمَةِ فِي الْأَشْهَرِ وَيَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ، وَلِذَا قَالَ الْأَبْيَارِيُّ: وَإِنْ شِئْت جَعَلْت خَبَرَ إنَّ مَحْذُوفًا أَيْ إنَّ الْحَمْدَ لَك وَالنِّعْمَةَ مُسْتَقِرَّةٌ لَك وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يُنْقِصَ عَنْهَا فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَزِيدُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ وَيُسَنُّ وَقْفَةٌ لَطِيفَةٌ عَلَى وَالْمُلْكَ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِلَا شَرِيكَ لَك اهـ. شَرْحُ م ر.

وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يُنْقِصَ عَنْهَا فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ نَحْوُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ وَالْعَمَلُ إلَيْك وَمَعْنَى وَسَعْدَيْكَ الْإِسْعَادُ وَهُوَ الْإِعَانَةُ أَيْ نَطْلُبُ مِنْك إسْعَادًا بَعْدَ إسْعَادٍ، وَمَعْنَى الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك أَيْ فِي قُدْرَتِك وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّرَّ؛ لِأَنَّ الْأَدَبَ عَدَمُ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ صَرِيحًا. وَاسْتَحَبَّ فِي الْأُمِّ لَبَّيْكَ إلَهَ الْحَقِّ بَعْدَ لَا شَرِيكَ لَك لِصِحَّتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَاءِ التَّلْبِيَةِ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَيُنْدَبُ لَهُ رَدُّهُ وَتَأْخِيرُهُ إلَى فَرَاغِهَا أَحَبُّ، وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا لِعَارِضٍ كَإِنْقَاذِ نَحْوِ أَعْمَى يَقَعُ فِي مُهْلِكٍ وَتَجُوزُ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَلَوْ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَالْمُلْكَ) قَالَ الْحَافِظُ حَجّ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ تَقْدِيرُهُ وَالْمُلْكُ كَذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت لِمَ قَرَنَ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ وَأَفْرَدَ الْمُلْكَ؟ قُلْت لِأَنَّ الْحَمْدَ مُتَعَلِّقُ النِّعْمَةِ وَلِهَذَا يُقَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ قَالَ لَا حَمْدَ إلَّا لَك وَلَا نِعْمَةَ إلَّا لَك، وَأَمَّا الْمُلْكُ فَهُوَ مَعْنًى مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ ذُكِرَ لِتَحْقِيقِ أَنَّ النِّعْمَةَ كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمُلْكِ، وَيُسَنُّ وَقْفَةٌ يَسِيرَةٌ بَعْدَ وَالْمُلْكَ لِئَلَّا يُوصَلَ بِالنَّفْيِ بَعْدَهُ فَيُوهِمُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: سَمِعْت بَعْضَ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا أَمَرَ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوك " وَقَفَ عَلَى الْمَقَامِ فَصَاحَ عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ فَاسْتَجَابَ لَهُ حَتَّى مَنْ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ اهـ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا فَرَغَ إبْرَاهِيمُ مِنْ الْكَعْبَةِ قِيلَ لَهُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ يَا رَبِّ مَا يَبْلُغُ صَوْتِي، قَالَ أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ فَنَادَى أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فَسَمِعَهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَفَلَا تَرَى النَّاسَ يَجِيئُونَ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يُلَبُّونَ اهـ. ابْنُ الْقَاسِمِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُثَنَّى) أَيْ مُلْحَقٌ بِالْمُثَنَّى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُفْرَدٌ مِنْ لَفْظِهِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف. وَفِي الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْمَقْصُورِ لَبَّى بِالْحَجِّ تَلْبِيَةً وَرُبَّمَا قَالُوا لَبَأَ بِالْحَجِّ بِالْهَمْزَةِ وَأَصْلُهُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَقَدْ سَبَقَ فِي لَبْأَهُ وَلَبَّاهُ قَالَ لَهُ لَبَّيْكَ قَالَ يُونُسُ النُّجُومِيُّ لَيْسَ لَبَّيْكَ مُثَنًّى إنَّمَا هُوَ مِثْلُ عَلَيْك وَإِلَيْك، وَقَالَ الْخَلِيلُ هُوَ مُثَنًّى، وَقَدْ سَبَقَ فِي لَبَبَ وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ الْخَلِيلِ أَنَّ أَصْلَ التَّلْبِيَةِ الْإِقَامَةُ بِالْمَكَانِ يُقَالُ لَبَّبَ بِالْمَكَانِ وَلَبَّ بِهِ إذَا أَقَامَ بِهِ قَالَ ثُمَّ قَلَبُوا الْبَاءَ الثَّانِيَةَ إلَى الْيَاءِ اسْتِثْقَالًا كَمَا قَالُوا تَظُنِّي، وَأَصْلُهُ تَظُنِّنْ قُلْت: وَهَذَا التَّخْرِيجُ عَنْ الْخَلِيلِ يُخَالِفُ التَّخْرِيجَ الْمَنْقُولَ فِي لَبَبَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَا مُنَافَاةَ اهـ. وَقَالَ فِي بَابِ الْهَمْزِ وَلَبَأَ بِالْحَجِّ تَلْبِيَةً وَأَصْلُهُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ قَالَ الْفَرَّاءُ رُبَّمَا خَرَجَتْ بِهِمْ فَصَاحَتُهُمْ إلَى هَمْزِ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ قَالُوا لَبَأَ بِالْحَجِّ وَحَلَأَ السَّوِيقُ وَرَثَأَ الْمَيِّتُ اهـ. وَقَالَ فِي بَابِ الْبَاءِ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ إلْبَابًا أَقَامَ بِهِ وَلَزِمَهُ وَلَبَّ لُغَةٌ فِيهِ، قَالَ الْفَرَّاءُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لَبَّيْكَ أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك وَنُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ كَقَوْلِك حَمْدًا لِلَّهِ وَشُكْرًا وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ لَبًّا لَك وَثُنِّيَ عَلَى مَعْنَى التَّأْكِيدِ أَيْ إلْبَابًا لَك بَعْدَ إلْبَابٍ وَإِقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ، قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ دَارُ فُلَانٍ تَلُبُّ دَارِي بِوَزْنِ تَرُدُّ أَيْ تُحَاذِيهَا أَيْ أَنَا مُوَاجِهُك بِمَا تُحِبُّ إجَابَةً لَك، وَالْيَاءُ لِلتَّثْنِيَةِ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى النَّصْبِ لِلْمَصْدَرِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ) أَيْ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وُجُوبًا وَأَصْلُهُ أُلَبِّي لَبَّيْنَ لَك أَيْ أَجَبْت إجَابَتَيْنِ بِك حَيْثُ دَعَوْتَنَا لِلْحَجِّ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: ٤] فَحُذِفَتْ النُّونُ مِنْ الْمُثَنَّى لِلْإِضَافَةِ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ وَالْفِعْلُ مُضْمِرٌ وُجُوبًا اهـ، بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ إلَخْ) يَنْبَغِي إنَاطَةُ هَذَا الْحُكْمِ بِمُطْلَقِ الْعِلْمِ وَإِنْ حَصَلَ بِغَيْرِ الرُّؤْيَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يُعْجِبُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الْمَحْسُوسَةِ وَالْمَعْقُولَةِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ) وَكَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا وَرَدَ فِي خَبَرِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ هَذَا الْبَيْتَ بِأَنْ يَحُجَّهُ كُلَّ سَنَةٍ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ مِنْ الْإِنْسِ فَإِنْ نَقَصُوا كَمَّلَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَإِنَّ الْكَعْبَةَ تُحْشَرُ كَالْعَرُوسِ الْمَزْفُوفَةِ فَكُلُّ مَنْ حَجَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>