مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ سُمِّيَ عَزْمًا، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَتَعْبِيرِي بِإِلَيْهِ - أَيْ الْوُضُوءِ - أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِلَى طُهْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى طُهْرٍ وَهُوَ الْغُسْلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (مَقْرُونَةٌ بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِخَلْفِ أَوَّلِ الْمَغْسُولِ وُجُوبًا عَنْهَا وَلَا بِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ بَعْضُ الْوَجْهِ كَفَى لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ وَجَبَ إعَادَتُهُ وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ دُونَ أَوَّلِهِ كَفَتْ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَوُجُوبُ قَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْمُسْتَمِعِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ إنَّ سَمَاعَ الْأَذْكَارِ مُبَاحٌ لَا سُنَّةٌ اهـ وَمَا اسْتَوْجَهَهُ حَجّ يُوَافِقُهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا) أَيْ الْقَصْدُ بِفِعْلِهِ - أَيْ الشَّيْءِ - فَإِنْ تَرَاخَى أَيْ الْفِعْلُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْقَصْدِ.
وَعِبَارَةُ ح ل فَإِنْ تَرَاخَى أَيْ الْقَصْدُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْفِعْلِ اهـ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى اهـ شَيْخُنَا، وَاعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي مَفْهُومِ النِّيَّةِ يُشْكِلُ بِتَحَقُّقِهَا بِدُونِهِ فِي الصَّوْمِ وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي أَجْزَاءِ الْمَفْهُومِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) فَائِدَةٌ: فِي الزَّرْقَانِيُّ عَلَى الْمَوَاهِبِ مَا نَصُّهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ يَسْمَعُ بِهِمَا كَمَا أَنَّ فِي الرَّأْسِ أُذُنَيْنِ وَلِلْقَلْبِ عَيْنٌ كَمَا أَنَّ لِلْبَدَنِ عَيْنًا قَالَهُ الرَّاغِبُ اهـ. (قَوْلُهُ: مَقْرُونَةٌ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ عَلَى الْحَالِ مِنْ النِّيَّةِ، أَوْ صِفَةٌ لَهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ بِأَوَّلِ الْمَغْسُولِ وَلَوْ شَعْرًا خَارِجًا عَنْ حَدِّهِ لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ بِخِلَافِ جَوَانِبِ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ تِبَاعًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (تَنْبِيهٌ) :
لَوْ سَقَطَ غَسْلُهُ لِعِلَّةٍ قَامَتْ بِهِ وَجَبَ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ، أَوْ مَسْحُهُ بَعْدَهُ فَلَوْ سَقَطَ عَنْهُ غَسْلُ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ وَجَبَ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ غَسْلِهِمَا اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) يَنْبَغِي أَوْ مَسْحِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ بِوَجْهِهِ جَبِيرَةٌ فَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ مَسْحِهَا قَبْلَ غَسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالْغَسْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ السُّنَنِ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بَعْضُ الْوَجْهِ كَطَرَفَيْ الشَّفَتَيْنِ كَفَى قَرْنُ النِّيَّةِ بِذَلِكَ الْبَعْضِ وَهَلْ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِهِ أَوْ لَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَيْ بِغَسْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْوَجْهَ أَيْ غَسْلَ الْوَجْهِ فَقَطْ وَجَبَ إعَادَتُهُ أَيْ إعَادَةُ غَسْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَيْ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ إجْزَاءِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمَغْسُولِ عَنْ الْوَجْهِ لِاخْتِلَافِ مَلْحَظِهِمَا اهـ ح ل، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ الْحَالَةُ الْأُولَى الِاعْتِدَادُ بِالنِّيَّةِ، الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ وُجُوبُ إعَادَةِ الْبَعْضِ الْمَغْسُولِ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ، أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ، الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ حُسْبَانُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى فَحَاصِلُهَا أَنَّهُ مَتَى غَسَلَ مَعَ الْمَضْمَضَةِ، أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ بَعْضَ الْوَجْهِ كَحُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ اعْتَدَّ بِالنِّيَّةِ سَوَاءٌ نَوَى الْوَجْهَ فَقَطْ، أَوْ الْمَضْمَضَةَ فَقَطْ، أَوْ نَوَاهُمَا، أَوْ أَطْلَقَ، وَحَاصِلُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ الْوَجْهَ فَقَطْ لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ الْمَضْمَضَةَ فَقَطْ أَوْ قَصَدَهَا مَعَ الْوَجْهِ، أَوْ أَطْلَقَ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَحَاصِلُ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْمَضْمَضَةِ وَلَا الِاسْتِنْشَاقِ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ سَوَاءٌ أَنَوَى الْمَضْمَضَةَ فَقَطْ، أَوْ الْوَجْهَ فَقَطْ أَوْ نَوَاهُمَا، أَوْ أَطْلَقَ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ م ر فَتَأَمَّلْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا، ثُمَّ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ ق ل نَقْلًا عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّ نِيَّةَ الْوَجْهِ فَقَطْ تُفَوِّتُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَكَذَا نِيَّتُهُمَا اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمَضْمَضَةَ مَثَلًا فَقَطْ، أَوْ أَطْلَقَ لَا تُفَوِّتُ الْمَضْمَضَةُ وَلَا الِاسْتِنْشَاقُ وَلَوْ انْغَسَلَ بَعْضُ وَجْهِهِ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْأُجْهُورِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ نَقْلًا عَنْ الشَّوْبَرِيِّ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِالْمَضْمَضَةِ، أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ وَانْغَسَلَ مَعَهُ جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مُقْتَرِنًا بِالنِّيَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَلَا تُحْسَبُ لَهُ الْمَضْمَضَةُ وَلَا الِاسْتِنْشَاقُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لِعَدَمِ تَقَدُّمِهِمَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ مُجَلِّي فِي الْمَضْمَضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ بِالْحَرْفِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخُ الشبراملسي وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ سم فِي حَاشِيَةِ حَجّ وز ي فِي حَاشِيَتِهِ نَقْلًا عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا ح ف وَمُقْتَضَى هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي فَوَاتِ سُنَّةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَعَدَمِ حُسْبَانِهِمَا بَيْنَ عُزُوبِ النِّيَّةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ وَعَدَمِ عُزُوبِهَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ بَعْضُ الْوَجْهِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ تُقَارِنَ جُزْءًا مِنْ مَفْرُوضٍ لَا غُسْلًا مَفْرُوضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ) أَيْ وَحْدَهُ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ الْمَضْمَضَةَ، أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْوَجْهَ، وَالْمَضْمَضَةَ فَقَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: تَجِبُ إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مَانِعٌ وَمُقْتَضٍ فَغُلِّبَ الْمَانِعُ عَلَى الْمُقْتَضِي وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ: لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ، وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا قَصَدَهُمَا مَعًا عِنْدَ الْعَلَّامَةِ م ر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute