كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ بِخِلَافِ نِيَّةِ غَيْرِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ لِإِبَاحَتِهِ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ سَوَاءٌ أَسُنَّ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ أَمْ لَا كَدُخُولِ سُوقٍ وَسَلَامٍ عَلَى أَمِيرٍ وَالنِّيَّةُ شَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْتُ اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ، وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَصَلَاةٍ) أَيْ وَإِنْ تَعَذَّرَ فِعْلُهَا بِذَلِكَ الْوُضُوءِ حَالًا كَأَنْ نَوَى وَهُوَ بِمِصْرَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ نَوَى فِي شَهْرِ رَجَبٍ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمِثْلُهَا الطَّوَافُ إنْ تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ كَأَنْ كَانَ بِمِصْرَ وَنَوَى اسْتِبَاحَتَهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِأَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ نِيَّةُ اسْتِبَاحَتِهَا بِأَنْ قَالَ نَوَيْتُ اسْتِبَاحَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَخَذَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى غَيْرَ الِاسْتِبَاحَةِ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، أَوْ الْوُضُوءِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ صَحَّ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي ذَلِكَ انْحَطَّ كَلَامُهُ فِيهَا عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا.
فَإِذَا قَالَ: نَوَيْتُ رَفْعَ الْحَدَثِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَمْ يَصِحَّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا هُوَ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْوُضُوءِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَثَلًا فَلَا يَضُرُّ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَأَمَّا قَوْلُ وَالِدِ شَيْخِنَا: إنَّهُ لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ؛ إذْ صِحَّةُ النِّيَّةِ لَا كَلَامَ فِيهَا، وَأَمَّا صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِهَا فَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ لَا تَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْحَدَثِ وَقَدْ يُقَالُ صِحَّةُ الْوُضُوءِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ فِيهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ لِذَلِكَ أَيْ لِمَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ أَتَى بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِنْهَا - أَيْ النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ - رَفْعُ الْحَدَثِ، أَوْ الِاسْتِبَاحَةُ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِمَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ فَلَا يَأْتِي بِرَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا بِالِاسْتِبَاحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَوُضُوءِ الْجُنُبِ الَّذِي تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِمَا يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ.
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَطْلُبُ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ غَيْرِ الْجُنُبِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ مَا يُطْلَبُ لَهُ الْوُضُوءُ وَلِمَ اشْتَرَطَ فِي حَقِّهِ أَنْ يَأْتِيَ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ - أَيْ كَافِيَةٍ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ - غَيْرِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالِاسْتِبَاحَةِ وَمَا الْمُسْتَنَدُ فِي ذَلِكَ. قُلْتُ: قَدْ تَكَلَّمْتُ مَعَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي ذَلِكَ فَمَالَ لِإِنْكَارِ طَلَبِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ لِمَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ فَكَتَبْتُ سُؤَالًا وَرَفَعْتُهُ لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَالْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ لِمَا يُسَنُّ لَهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ لِذَلِكَ لَا رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ) أَيْ، أَوْ سَمَاعِهِمَا، أَوْ قِرَاءَةِ، أَوْ كِتَابَةِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ آلَتِهِ، وَحَمْلِ كُتُبِهِ، وَلِأَذَانٍ، أَوْ جُلُوسٍ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ دُخُولِهِ وَلِوُقُوفٍ بِعَرَفَةَ وَلِلسَّعْيِ وَلِزِيَارَةِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ غَيْرِهِ وَلِنَوْمٍ، وَيَقَظَةٍ، وَعِنْدَ خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَغَضَبٍ وَكَلَامٍ قَبِيحٍ، وَحَمْلِ وَمَسِّ مَيِّتٍ، وَلِمَنْ قَصَّ شَارِبَهُ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَمِنْ لَمْسِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ بَدَنَ الْخُنْثَى أَوْ أَحَدَ قُبُلَيْهِ، وَنَحْوِ فَصْدٍ وَقَيْءٍ، وَكُلِّ مَا قِيلَ إنَّهُ نَاقِضٌ، وَإِنْشَادِ شِعْرٍ، وَاسْتِغْرَاقِ ضَحِكٍ، وَحُزْنٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ فِي حُصُولِ الْوُضُوءِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا كَالْجُنُبِ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ إرَادَةِ الْأَكْلِ، أَوْ شُرْبِهِ، أَوْ جِمَاعِهِ أَوْ نَوْمِهِ، وَالْحَائِضُ، أَوْ النُّفَسَاءُ تَتَوَضَّأُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لِنَوْمِهَا، أَوْ أَكْلِهَا، أَوْ شُرْبِهَا تَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوْ الْوُضُوءَ، أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُرْفَعُ بِهِ الْحَدَثُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْوُضُوءِ الْمَذْكُورِ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْ أَعْضَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا كَالْوُضُوءِ بَعْدَ الْفَصْدِ، أَوْ الْحِجَامَةِ، أَوْ الْقَيْءِ، أَوْ حَمْلِ الْمَيِّتِ أَوْ مَسِّهِ، أَوْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ كَفَتْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ سُنَّةُ الْوُضُوءِ لِذَلِكَ؛ إذْ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهَا هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ م ر قَالَ وَمَا نُسِبَ لِإِفْتَائِي مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ أَرَهُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ اهـ شَيْخُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَدِيثٍ) هُوَ وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ لَهُ سُنَّةً كَالْقُرْآنِ لَكِنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي مُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ وَالسَّمَاعِ بَلْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ حِفْظِ أَلْفَاظِهِ وَتَعَلُّمِ أَحْكَامِهِ وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتِّصَالُ السَّنَدِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كِتَابِ الْمَاجِدِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَفِي فَتَاوَى حَجّ خِلَافُهُ وَنَصُّهَا: نَقَلَ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ وَاسْتِظْهَارِهِ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَنُقِلَ إفْتَاءَ بَعْضِهِمْ بِالثَّوَابِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ سَمَاعَهَا لَا يَخْلُو عَنْ فَائِدَةٍ لَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا عَوْدُ بَرَكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَارِئِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute