أَمَّا دَائِمُهُ فَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ لِبَقَاءِ حَدَثِهِ (أَوْ) نِيَّةُ (وُضُوءٍ) وَلَوْ بِدُونِ أَدَاءً وَفَرْضٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ: أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) أَيْ الْوُضُوءِ
ــ
[حاشية الجمل]
فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَمَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَإِ هُنَا، وَفِي تَعْيِينِ الْمَأْمُورِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ التَّعَرُّضُ لِلْإِمَامَةِ أَمَّا إذَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لَهَا كَإِمَامَةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا دَائِمُهُ فَلَا تَكْفِيهِ إلَخْ) وَفِيهِ حَيْثُ كَانَتْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْمُرَادُ مِنْهَا رَفْعُ حُكْمِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَائِمِ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْحُكْمُ الْعَامُّ وَهَذَا لَا يُوجَدُ لِدَائِمِ الْحَدَثِ وَقَدْ يُقَالُ: يُحْمَلُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْخَاصِّ بِقَرِينَةِ الْحَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ غَالِبًا وَمِنْ النِّيَّاتِ الْمُعْتَبَرَةِ الطَّهَارَةُ الْوَاجِبَةُ، أَوْ أَدَاءُ الطَّهَارَةِ، أَوْ فَرْضُ الطَّهَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَاعْتَمَدَ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمُجَدَّدَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ خِلَافًا لحج حَيْثُ اكْتَفَى بِذَلِكَ تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ قَالَ: وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ نَوْمٍ، أَوْ أَكْلٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ أَيْ فَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ فَرْضُ الْوُضُوءِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ رَفْعُ حُكْمِهِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ رَفْعًا خَاصًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ رَفْعِ حُكْمِ الْحَدَثِ الرَّفْعُ الْمُطْلَقُ، تَأَمَّلْ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ أَيْ إنْ أَرَادَ بِالرَّفْعِ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ، أَوْ الْمَنْعَ الْعَامَّ، أَوْ أَطْلَقَ الرَّفْعَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلٍ فَيَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ انْتَهَتْ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِوُضُوئِهِ إلَّا فَرْضًا وَنَوَافِلَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: فَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا أَمَّا لَوْ نَوَى مَعَهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَيَكْفِي بَلْ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ لِلَّاحِقِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدُونِ أَدَاءِ فَرْضٍ) أَيْ فَيَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ لَهُ، أَوْ لِأَجْلِهِ أَوْ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ، أَوْ لِلصَّلَاةِ لَا الطَّهَارَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِاللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ وَلَا مُمَيِّزَ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ: وَكَذَا نِيَّةُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ: تَصِحُّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ النَّجَاسَةِ لَا يَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ بِخِلَافِهَا عَنْ الْحَدَثِ وَسَكَتَ عَنْهَا الْعَلَّامَةُ م ر فَحَرِّرْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ: أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) لَعَلَّ الْعُمُومَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهَا صِحَّةُ الْوُضُوءِ بِنِيَّتِهِ أَوْ أَدَائِهِ، أَوْ فَرْضِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا، وَأَيْضًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَطْرَأُ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاوِيَ لِرَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ الْوَقْتَ اهـ شَرْحُ م ر وَالْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ هُنَا الْإِتْيَانُ بِالطَّهَارَةِ لَا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ؛ إذْ لَيْسَ لِلطَّهَارَةِ وَقْتٌ مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ اهـ حف.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) وَتَدْخُلُ الْمَسْنُونَاتُ كَالدَّلْكِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ وَنَحْوِهَا تَبَعًا كَنَظِيرِهِ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ السُّنَنَ تَدْخُلُ تَبَعًا اهـ حَجّ بِإِيضَاحٍ. وَتَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ بِالسُّنَنِ الَّتِي بَعْدَ الْوَجْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) هَلْ الْمُرَادُ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِخُصُوصِهِ فَعَلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُتَعَلِّمِ مِنْ الْمُصْحَفِ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لَا يُقَالُ: الثَّانِيَةُ نَظِيرُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي مَحَلٍّ مُتَنَجِّسٍ لِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّا نَقُولُ: تِلْكَ الصَّلَاةُ لَا تَجُوزُ لِأَحَدٍ، وَأَمَّا هَذِهِ فَتَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ كَوْنُ الصَّلَاةِ فِي الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ لَا تَجُوزُ لِأَحَدٍ، إذْ تَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا طَاهِرًا، وَمَسُّ الْمُصْحَفِ مِنْ الصَّبِيِّ قَدْ يَمْتَنِعُ فِيمَا إذَا لَمَسَ لِغَيْرِ التَّعْلِيمِ اهـ ح ل وَذَكَرَ ع ش عَلَى م ر: أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ عَامِدَةً لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَالِطَةً صَحَّتْ وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُهُ، يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الصَّبِيُّ اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِحَاجَةِ التَّعْلِيمِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ مُبَاحٌ لَهُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ لَا لِخُصُوصِ ذَلِكَ بِأَنْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ مُطْلَقًا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْنَعُ مِنْ الْمَسِّ لِغَيْرِ حَاجَةِ التَّعْلِيمِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ، أَوْ الطَّوَافِ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْحِفْنِيِّ.
١ -
(قَوْلُهُ أَيْضًا: أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) بِأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مَثَلًا بِخُصُوصِهَا، أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِشَيْءٍ مِنْ أَفْرَادِهِ اهـ ع ش بَلْ: وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute