للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ (إلَى مِنًى) وَيُسَمَّى التَّاسِعُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْعَاشِرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ يَوْمَ الْمَقَرِّ لِاسْتِقْرَارِهِمْ فِيهِ بِمِنًى وَالثَّانِي عَشَرَ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثَ عَشَرَ يَوْمَ النَّفْرِ الثَّانِي (وَيُعَلِّمُهُمْ) فِيهَا (الْمَنَاسِكَ) إلَى الْخُطْبَةِ الْآتِيَة فِي مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَيَأْمُرُ فِيهَا أَيْضًا الْمُتَمَتِّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ، وَهَذَا الطَّوَافُ مَسْنُونٌ وَقَوْلِي أَوْ جُمُعَةً مِنْ زِيَادَتِي (وَ) أَنْ (يَخْرُجَ بِهِمْ مِنْ غَدٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بَعْدَ صُبْحٍ) أَيْ صَلَاتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ خَرَجَ بِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ

ــ

[حاشية الجمل]

صَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْصُوبِهِ وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ مَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدُهُمَا بِجَامِعِ أَنَّهُ مَسْنُونٌ أَمَرَ بِهِ فِيهِمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي الصَّوْمِ ثَمَّ عَوْدُ

مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ

عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ السَّبَبَ فِي الْغَيْثِ بِخِلَافِهِ هُنَا نَعَمْ مَرَّ ثَمَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ يَصِيرُ بِأَمْرِهِ وَاجِبًا بَاطِنًا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ لَا يَجِبُ إلَّا ظَاهِرًا فَقَطْ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا لَا يَجِبُ إلَّا ظَاهِرًا وَمَرَّ ثَمَّ أَيْضًا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ تَشْمَلُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ الْخَطِيبُ الَّذِي وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْخَطَابَةَ لَا غَيْرُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْقَضَاءِ النَّظَرَ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْخَطَابَةِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ مَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدُهُمَا إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْأَمْرِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ أَمْرٌ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَجَبَ الِامْتِثَالُ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ) أَيْ يَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ مِنْ مَكَّةَ لِيَسْتَعْمِلُوهُ فِي عَرَفَاتٍ وَغَيْرِهَا شُرْبًا وَغَيْرَهُ لِقِلَّتِهِ إذْ ذَاكَ بِتِلْكَ الْأَمَاكِنِ وَقِيلَ لِرُؤْيَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَبْحَ وَلَدِهِ فِي لَيْلَتِهِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَرَوَّى أَيْ تَفَكَّرَ فِي رُؤْيَاهُ الَّتِي رَآهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إلَى مِنًى) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا وَضَمُّ الْمِيمِ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُنْيَةٍ أَيْ مَا يُتَمَنَّى وَهِيَ بِالْقَصْرِ وَتَذْكِيرُهَا أَغْلَبُ وَقَدْ تُؤَنَّثُ وَيَجُوزُ فِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ عَلَى إرَادَةِ الْمَكَانِ أَوْ الْبُقْعَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى أَيْ يُرَاقُ فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَسْفَلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمْرَةَ لَيْسَتْ مِنْهَا وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ وَكَذَا مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى عَرَفَاتٍ كَذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(فَائِدَةٌ) فِي مِنًى أَرْبَعُ آيَاتٍ مَا يُقْبَلُ مِنْ أَحْجَارِهَا رُفِعَ وَمَا لَمْ يُقْبَلْ تُرِكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسُدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَأَنَّ الْحَدَأَةَ تَحُومُ بِمِنًى حَوْلَ اللَّحْمِ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا وَأَنَّ الذُّبَابَ لَا يُرَى فِيهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَنَّهَا تَتَّسِعُ بِأَهْلِهَا كَاتِّسَاعِ بَطْنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُشَاهَدٌ اهـ. مِنْ هَوَامِشِ بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى التَّاسِعُ يَوْمَ عَرَفَةَ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ وَإِذَا وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً فِي غَيْرِ يَوْمِ جُمُعَةٍ» ، أَخْرَجَهُ رَزِينٌ وَعَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ» قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ: سُئِلَ وَالِدِي عَنْ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ هَلْ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهَا مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهَا مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ، وَالثَّالِثُ الْعَمَلُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْأَزْمِنَةِ كَمَا يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْأَمْكِنَةِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِيهِ أَفْضَلَ، الرَّابِعُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَلَيْسَتْ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، الْخَامِسِ مُوَافَقَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ وَقْفَتَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا يَخْتَارُ اللَّهُ لَهُ الْأَفْضَلَ، قَالَ وَالِدِي أَمَّا مِنْ حَيْثُ إسْقَاطُ الْفَرْضِ فَلَا مَزِيَّةَ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَسَأَلَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ فَقَالَ قَدْ جَاءَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِهِ ذَلِكَ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَفِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَهَبُ قَوْمًا لِقَوْمٍ اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: إلَى الْخُطْبَةِ الْآتِيَةِ) هَذَا بَيَانٌ لِأَصْلِ السُّنَّةِ وَالْأَكْمَلُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ جَمِيعَ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى آخِرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَرْسَخُ فِي أَذْهَانِهِمْ وَرُبَّمَا لَمْ يَحْضُرْ بَعْضُهُمْ بَعْضَ الْخُطَبِ فَيَسْتَفِيدُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا مِمَّا حَضَرَهُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: الْمُتَمَتِّعِينَ) بِخِلَافِ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ الْآفَاقِيَّيْنِ لَا يُؤْمَرَانِ بِطَوَافِ وَدَاعٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَحَلَّلَا مِنْ مَنَاسِكِهِمَا وَلَيْسَتْ مَكَّةُ مَحَلَّ إقَامَتِهِمَا اهـ. م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ يَأْمُرُ فِيهَا الْمُتَمَتِّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ بَعْدَ إحْرَامِهِمْ وَقَبْلَ خُرُوجِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ لَهُمْ لِتَوَجُّهِهِمْ لِابْتِدَاءِ النُّسُكِ دُونَ الْمُفْرِدِينَ وَالْقَارِنِينَ لِتَوَجُّهِهِمْ لِإِتْمَامِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ صَلَاتِهِ) وَالْأَوْلَى عِنْدَ الضُّحَى كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ نَدْبًا. اهـ. شَرْحُ م ر فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْمَنْدُوبَ وَتَخَلَّفَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ تَتَأَتَّ لَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ نَدْبِ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَيْنَ حُرْمَةِ السَّفَرِ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا خَرَجَ بِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ الْجُمُعَةُ بِمَكَّةَ اهـ. حَجّ، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ الْجُمُعَةُ بِمَكَّةَ فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّعْطِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بِذَهَابِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ بِخِلَافِ ذَهَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ كَالْمُقِيمِ غَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>