للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ إقَامَتُهَا بِمِنًى كَمَا عُرِفَ فِي بَابِهَا (إلَى مِنًى) فَيُصَلُّونَ بِهَا الظُّهْرَ وَمَا بَعْدَهَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(وَ) أَنْ (يَبِيتُوا بِهَا وَ) أَنْ (يَقْصِدُوا عَرَفَةَ إذَا أَشْرَقَتْ)

ــ

[حاشية الجمل]

فَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَتَعَطَّلْ بِمَكَّةَ أَيْ بِأَنْ كَانَ تَمَامَ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ أَوْ جَمِيعَ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ قَوْلَهُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَيْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ تَعْطِيلُ مَحِلِّهِمْ مِنْ إقَامَتِهَا وَالذَّهَابِ إلَيْهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ ثُمَّ قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ أَيْ جَوَازَ سَفَرِ مَنْ لَزِمَتْهُ إذَا أَمْكَنَتْهُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ تَبْطُلْ جُمُعَةُ بَلَدِهِ بِأَنْ كَانَ تَمَامَ الْأَرْبَعِينَ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُرْمَةِ تَعْطِيلِ بَلَدِهِمْ عَنْهَا لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مُعَطِّلُونَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ سَفَرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ اتَّجَهَ مَا قَالَهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا فِي طَرِيقِهِ اهـ. وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِ أَنَّهُمْ لَوْ عَطَّلُوا لِحَاجَةٍ جَازَ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ التَّعْطِيلِ وَالسَّفَرِ لِحَاجَةٍ إذَا تَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ أَمْكَنَتْهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ جَوَازُ التَّعْطِيلِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إذَا أَمْكَنَتْهُمْ فِي مِنًى مَثَلًا وَإِنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِحَاجَةٍ، بَلْ قَدْ يُتَّجَهُ هُنَاكَ وَهُنَا جَوَازُ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَزِمَ التَّعْطِيلُ وَعَدَمُ إدْرَاكِهَا فِي مَحَلٍّ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ حِينَئِذٍ فَيُتَأَمَّلُ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَمَنْ لَزِمَ مِنْ خُرُوجِهِ التَّعْطِيلُ امْتَنَعَ وَإِنْ أَدْرَكَهَا بِمَحِلٍّ آخَرَ وَمَنْ لَا فَإِنْ لَزِمَتْهُ امْتَنَعَ أَيْضًا إلَّا إنْ أَدْرَكَهَا بِآخَرَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ عَقِبَ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّامِنُ جُمُعَةً خَرَجَ مَنْ تَلْزَمُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ وَأَمْكَنَ فِعْلُهَا بِمِنًى جَازَ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَخَلَّفَ بِمَكَّةَ مَنْ يُقِيمُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُمْ مُسِيئُونَ بِتَعْطِيلِ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ تَعَلُّقُ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ بِالْخُرُوجِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا قَبْلَهُ كَمَا هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ بَحْثَ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ إلَّا فِي قَوْلِ الْإِيضَاحِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ بَنَى بِهَا أَيْ بِمِنًى قَرْيَةً وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ أَقَامُوا الْجُمُعَةَ هُمْ وَالنَّاسُ مَعَهُمْ اهـ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي قَوْلِ الْإِيضَاحِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ مَا نَصُّهُ فَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ يَوْمَ جُمُعَةٍ خَرَجُوا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ. سم عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ) أَيْ كَالْمَكِّيِّينَ وَالْمُقِيمِينَ إقَامَةً مُؤَثِّرَةً فَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا كَذَلِكَ فَلَهُمْ الْخُرُوجُ بَعْدَ الْفَجْرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ إقَامَتُهَا) فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ بِأَنْ أُحْدِثَ ثَمَّ قَرْيَةٌ وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ جَازَ خُرُوجُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ لِيُصَلِّيَ مَعَهُمْ وَإِنْ حَرُمَ الْبِنَاءُ ثَمَّ اهـ. شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ وَإِنْ حَرُمَ الْبِنَاءُ ثَمَّ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي السَّنِينِيَّةِ الْكَائِنَةِ بِبُولَاقَ وَإِنْ كَانَتْ بِحَرِيمِ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَصِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبِيتُوا بِهَا) عَطْفٌ عَلَى يَخْطُبَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا سَيَأْتِي لَكِنْ يَكُونُ حِينَئِذٍ فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُقَيَّدٌ بِالْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ وَأَنْ يَبِيتُوا وَيَقْصِدُوا وَيُقِيمُوا إلَخْ مَا سَيَأْتِي وَتَرْكِيبُ أَصْلِهِ كَتَرْكِيبِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ حَجّ مَا نَصُّهُ قِيلَ فِي تَرْكِيبِهِ نَظَرٌ إذْ تَقْدِيرُهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيتُوا إلَخْ فَلَوْ قَطَعَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ عَنْ الْعَطْفِ، فَقَالَ وَيُسَنُّ أَنْ يَبِيتُوا إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ خَصَّ الْإِمَامَ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ نَحْوِ يَخْطُبُ وَيَخْرُجُ بِهِمْ ثُمَّ عَمَّمَهُ وَغَيَّرَهُ بِمَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ بِنَحْوِ يَبِيتُوا إلَخْ مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى اهـ. بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ.

١ -

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَنْ يَبِيتُوا بِهَا) أَيْ لِلِاسْتِرَاحَةِ لِأَجْلِ الْمَسِيرِ مِنْ الْغَدِ إلَى عَرَفَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ إيقَادِ الشُّمُوعِ وَغَيْرِهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُنْكَرَاتٍ، قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ يُسَنُّ الْمَشْيُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا إلَى انْقِضَاءِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَقْصِدَ مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكِّعِينِ وَيُكْثِرَ التَّلْبِيَةَ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَيُصَلِّيَ فِيهِ مَكْتُوبَاتِ يَوْمِهِ وَصُبْحَ غَدِهِ اهـ. م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَيُسْتَحَبُّ لِلْحُجَّاجِ كُلِّهِمْ حَتَّى مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمِنًى وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَنْ يَبِيتُوا بِهَا وَأَنْ يُصَلُّوا بِهَا الْعَصْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَوْلَى صَلَاتُهَا بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ وَالنُّزُولُ بِمَنْزِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ وَهُوَ بَيْنَ مَنْحَرِهِ وَقِبْلَةِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ وَهُوَ إلَيْهَا أَقْرَبُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْصِدُوا عَرَفَةَ) أَيْ مُكْثِرِينَ فِي سَيْرِهِمْ التَّلْبِيَةَ وَالدُّعَاءَ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ إلَيْك تَوَجَّهْت وَإِلَى وَجْهِك الْكَرِيمِ أَرَدْت فَاجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَحَجِّي مَبْرُورًا وَارْحَمْنِي وَلَا تُخَيِّبْنِي إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَسُمِّيَ الْمَوْقِفُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ نُعِتَ لِإِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ، وَقِيلَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَهُ الْمَنَاسِكَ فِيهِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَدُورُ فِي الْمَشَاعِرِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ عَرَفْت، وَقِيلَ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ لَمَّا نَزَلَا مِنْ الْجَنَّةِ مُتَفَرِّقَيْنِ آدَم بِالْهِنْدِ بِجَبَلِ سَرَنْدِيبَ وَحَوَّاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>