مِنْ الْأَذَانِ (ثُمَّ يَجْمَعُ بِهِمْ) بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ (الْعَصْرَيْنِ تَقْدِيمًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ وَيَقْصُرُهُمَا أَيْضًا الْمُسَافِرُ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّ (وَ) أَنْ (يَقِفُوا بِعَرَفَةَ) إلَى الْغُرُوبِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ــ
[حاشية الجمل]
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ لَا الْإِقَامَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُخَفِّفُهَا بِحَيْثُ يَفْرَغُ مِنْهَا مَعَ فَرَاغِ الْأَذَانِ ثُمَّ يُقِيمُ وَيُصَلِّي بِهِمْ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَيَكُونُ جَمْعُهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ انْتَهَتْ وَلَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الثَّانِيَةِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّعْلِيمِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى شُرِعَتْ مَعَ الْأَذَانِ وَإِنْ مَنَعَ سَمَاعَهَا قَصْدًا لِلْمُبَادَرَةِ بِالصَّلَاةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَذَانِ) أَيْ أَذَانِ الظُّهْرِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: الْعَصْرَيْنِ) أَيْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَيُسِرُّ فِيهِمَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْجَمْعُ وَالْقَصْرُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْمُزْدَلِفَةِ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ فَيَخْتَصَّانِ بِسَفَرِ الْقَصْرِ فَالْمَكِّيُّونَ وَمَنْ سَفَرُهُ قَصِيرٌ يَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ سَلَامِهِ أَتِمُّوا وَلَا تَجْمَعُوا مَعَنَا فَإِنَّا قَوْمُ سَفَرٍ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الْحُجَّاجَ إذَا دَخَلُوا مَكَّةَ وَنَوَوْا أَنْ يُقِيمُوا بِهَا أَرْبَعًا لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ فَإِذَا خَرَجُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إلَى مِنًى وَنَوَوْا الذَّهَابَ إلَى أَوْطَانِهِمْ عِنْدَ فَرَاغِ نُسُكِهِمْ كَانَ لَهُمْ الْقَصْرُ مِنْ حِينِ خَرَجُوا؛ لِأَنَّهُمْ أَنْشَئُوا سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مَعْهُودًا فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ مِنْ سَفَرِهِمْ مِنْ بَعْدِ نَفْرِهِمْ مِنْ مِنًى بِيَوْمٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الْآنَ فَاطَّرَدَتْ عَادَةُ أَكْثَرِهِمْ بِإِقَامَةِ أَمِيرِهِمْ بَعْدَ النَّفْرِ فَوْقَ أَرْبَعٍ كَوَامِلَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِمَّنْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ مِنْهُمْ قَصْرٌ وَلَا جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنْشِئُوا حِينَئِذٍ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مَعْهُودًا إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ يَقْصُرُونَ وَيَجْمَعُونَ فِي مَكَّةَ إذَا دَخَلُوهَا وَبَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَيْهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى؛ لِأَنَّ بِدُخُولِهِمْ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ بِهَا فِي هَذَا الدُّخُولِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ إلَيْهَا الْآنَ فِي الْغَالِبِ إمَّا فِي الْخَامِسِ أَوْ الرَّابِعِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَخْرُجُوا إلَى عَرَفَاتٍ فِي الثَّامِنِ اهـ. رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ.
(فَرْعٌ)
يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْحُجَّاجِ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَحْوِ يَوْمَيْنِ نَاوِينَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَهَلْ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ مَكَّةَ نَظَرًا لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ يَسْتَمِرُّ سَفَرُهُمْ إلَى عَوْدِهِمْ إلَيْهَا مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَقْصِدِهِمْ فَلَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّتُهُمْ الْإِقَامَةَ الْقَصِيرَةَ قَبْلَهُ وَلَا الطَّوِيلَةَ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى، لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَالٌ وَكَلَامُهُمْ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا لِلنُّسُكِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ كَوْنِهِ لِلنُّسُكِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقِفُوا بِعَرَفَةَ) الظَّاهِرُ أَنَّ أَصْلَ الْوُقُوفِ وَاجِبٌ مَعَ أَنَّهُ بِالنَّصْبِ فِي كَلَامِهِ لِعَطْفِهِ لَهُ عَلَى يَخْطُبُ الْمُقْتَضِي لِاسْتِحْبَابِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ اسْتِمْرَارِهِ إلَى الْغُرُوبِ إذْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ حِينَئِذٍ اهـ. شَرْحُ م ر فَلِذَلِكَ صَحَّحَ الشَّارِحُ الْعَطْفَ بِقَوْلِهِ إلَى الْغُرُوبِ أَخْذًا لَهُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ، إذْ قَوْلُهُ إلَى الْغُرُوبِ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَإِذَا فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ سُنَّ لَهُمْ أَنْ يُبَادِرُوا إلَى عَرَفَةَ إلَخْ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَإِذَا فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ سَارُوا إلَى الْمَوْقِفِ وَعَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَقَفَ أَجْزَأَهُ، لَكِنَّ أَفْضَلَهَا مَوْقِفُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمَفْرُوشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ إلَالٌ عَلَى وَزْنِ هِلَالٍ وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمَعْرُوفُ كَسْرُهَا اهـ. وَقَوْلُهُ الْمَفْرُوشَةُ إلَخْ أَيْ الْمَجْعُولَةُ وَالْمَخْلُوقَةُ لَا أَنَّهَا مَفْرُوشَةٌ بِوَضْعِ الْخَلْقِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَهِيَ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَدْ حُوِّطَ عَلَيْهَا بِحَائِطٍ صَغِيرٍ عُلْوُهُ نِصْفُ قَامَةٍ وَفِيهِ مِحْرَابٌ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسَاجِدِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ، وَأَمَّا حُدُودُ عَرَفَةَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ مَا جَاوَزَ وَادِي عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ إلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ مِمَّا يَلِي بَسَاتِينَ ابْنِ عَامِرٍ وَنَقَلَ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدُّ عَرَفَاتٍ مِنْ الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى بَطْنِ عُرَنَةَ إلَى جِبَالِ عَرَفَةَ إلَى وَضِيقٍ إلَى مُلْتَقَى وَضِيقٍ وَوَادِي عُرَنَةَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِعَرَفَاتٍ أَرْبَعُ حُدُودٍ أَحَدُهَا يَنْتَهِي إلَى جَادَّةِ طَرِيقِ الْمَشْرِقِ وَالثَّانِي إلَى حَافَّاتِ الْجَبَلِ الَّذِي وَرَاءَ أَرْضِ عَرَفَاتٍ.
وَالثَّالِثُ إلَى الْبَسَاتِينِ الَّتِي تَلِي قَرْيَةَ عَرَفَاتٍ وَالرَّابِعُ يَنْتَهِي إلَى وَادِي عُرَنَةَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَيُطِيفُ بِمُنْعَرَجَاتِ عَرَفَاتٍ جِبَالٌ وُجُوهُهَا الْمُقْبِلَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَمُتَعَرِّجُ الْوَادِي اسْمُ فَاعِلٍ حَيْثُ يَمِيلُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً. اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ أَيْ مِنْ