كَنُفَسَاءَ (طَوَافُ وَدَاعٍ) وَيُسَمَّى بِالصَّدَرِ أَيْضًا
ــ
[حاشية الجمل]
تَرْكِهِ بِالدَّمِ سُنَّةٌ أَيْضًا اهـ. إيضَاحٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَتَى بِنُسُكٍ إذَا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِ نُسُكِهِ فَمَتَى بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَأَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ مَوْلَانَا وَشَيْخُنَا السَّيِّدُ الْمَرْحُومُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنَّا بِهِ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الصَّغِيرِ هَلْ يَلْزَمُ وَلِيَّهُ أَنْ يَطُوفَ بِهِ طَوَافَ الْوَدَاعِ أَمْ لَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَوْ لَيْسَ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ خَرَجَ بِهِ إثْرَ نُسُكٍ وَجَبَ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ تَوَابِعِهَا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ وَيُحْتَمَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ إثْرَ نُسُكٍ فَلَا وُجُوبَ هَذَا مَا ظَهَرَ الْآنَ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّيَ يَعْنِي سم - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ لَمْ نَرَ فِيهِ نَقْلًا وَعِنْدِي يَجِبُ إنْ قُلْنَا إنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: كَنُفَسَاءَ) أَيْ وَكَمُسْتَحَاضَةٍ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا وَذِي جُرْحٍ نَضَّاحٍ يُخْشَى مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ اهـ. حَجّ وَقَوْلُهُ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا بِخِلَافِ فِي نَوْبَةِ طُهْرِهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا كَالْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذَا نَفَرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ فَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا، أَوْ طُهْرِهَا لَزِمَهَا وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ دَمًا فَانْصَرَفَتْ بِلَا وَدَاعٍ، ثُمَّ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ نُظِرَ إلَى مَرَدِّهَا السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ فَإِنْ بَانَ أَنَّهَا تَرَكَتْهُ فِي طُهْرِهَا وَجَبَ الدَّمُ أَوْ فِي حَيْضِهَا فَلَا دَمَ اهـ. سم عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: طَوَافُ وَدَاعٍ) وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَطْوِفَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافٍ يَخُصُّهُ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَفَعَلَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ عَقِبَهُ لَمْ يَكْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيلِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا طَوَافُ وَدَاعٍ) وَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ، ثُمَّ أَتَى الْمُلْتَزَمَ فَيَلْصَقُ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلُ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْعَبْدُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى سَيَّرْتنِي فِي بِلَادِك وَبَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًى وَإِلَّا فَمِنْ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي وَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَاصْحَبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتنِي وَاجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَأْتِي بِآدَابِ الدُّعَاءِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي آدَابِ عَرَفَاتٍ وَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي تَضَرُّعِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ أَتَى إلَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا مُتَزَوِّدًا، ثُمَّ عَادَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَاسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ وَمَضَى وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً حَائِضًا اُسْتُحِبَّ لَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِهَذَا الدُّعَاءِ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَتَمْضِيَ اهـ. إيضَاحٌ وَفِي حَجّ أَنَّ الْمُكْثَ لَمَّا ذُكِرَ بَلْ وَلِلْإِطَالَةِ فِي الدُّعَاءِ بِغَيْرِ الْوَارِدِ لَا يُوجِبُ إعَادَةَ الطَّوَافِ اهـ. وَإِذَا فَارَقَ الْبَيْتَ مُوَدِّعًا فَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَخْرُجُ وَبَصَرُهُ إلَى الْبَيْتِ لِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، وَقِيلَ يَلْتَفِتُ إلَيْهِ فِي انْصِرَافِهِ كَالْمُتَحَزِّنِ عَلَى مُفَارَقَتِهِ.
وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ يَخْرُجُ وَيُوَلِّي ظَهْرَهُ إلَى الْكَعْبَةِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ قَالُوا، بَلْ الْمَشْيُ قَهْقَرَى مَكْرُوهٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ سُنَّةٌ مَرْوِيَّةٌ وَلَا أَثَرٌ مَحْكِيٌّ وَمَا لَا أَصْلَ لَهُ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ كَرَاهَةُ قِيَامِ الرَّجُلِ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ نَاظِرًا إلَى الْكَعْبَةِ إذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ إلَى وَطَنِهِ بَلْ يَكُونُ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. إيضَاحٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَتْبُوعِ بِرَكْعَتَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ حَافِيًا وَأَنْ لَا يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى سَقْفِهِ وَلَا يَنْظُرَ إلَى أَرْضِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَيَاءً مِنْهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْصِدَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْبَابَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَأَنْ يَدْعُوَ فِي جَوَانِبِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُسَنُّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ إلَخْ إلَى أَنْ قَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي أَنَّ الْمُوَدِّعَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَخْرُجُ وَقَالَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute