لِحْيَةٍ وَعَارِضٍ (وَ) لَا بَاطِنِ كَثِيفِ (لِحْيَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (وَعَارِضٍ) وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ الْوَجْهِ (وَ) لَا بَاطِنِ كَثِيفِ (بَعْضِهَا) أَيْ الثَّلَاثِ.
(وَ) قَدْ (تَمَيَّزَ) عَنْ بَعْضِهَا الْآخَرِ إنْ كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ فَلَا يَجِبُ لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ الْبَعْضُ الْكَثِيفُ عَنْ الْخَفِيفِ فَيَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي اللِّحْيَةِ، وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا، وَإِنْ تَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ بَقِيَّةِ الشُّعُورِ الْكَثِيفَةِ لِنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوهِمُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَاللِّحْيَةُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ وَهِيَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ، وَالْعَارِضُ مَا يَنْحَطُّ عَنْ الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ، وَذِكْرُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالرِّجْلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ أَوَّلًا لِنُدْرَتِهَا وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ نَتْفُهَا أَوْ حَلْقُهَا؛ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ، وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى بَشَرَتُهُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ، وَالْكَثِيفُ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهَا فِيهِ وَلَوْ خُلِقَ لَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
مَا خَرَجَ عَنْهُ وَقَالَ حَجّ: الْخَارِجُ مِنْ اللِّحْيَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ هُوَ الَّذِي إذَا مُدَّ خَرَجَ بِالْمَدِّ عَنْ جِهَةِ نُزُولِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ تَدْوِيرِهِ بِأَنْ طَالَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ اهـ قُلْت: هَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِيفٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَبَاطِنِ كَثِيفِ لِحْيَةٍ) الْبَاطِنُ مَا يَلِي الصَّدْرَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَمَا بَيْنَ الشَّعْرِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَجْهُ الشَّعْرِ الْأَعْلَى مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَبِالْبَاطِنِ مَا عَدَا ذَلِكَ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ النَّسَائِيّ الْبَاطِنُ هُوَ الْوَجْهُ التَّحْتَانِيُّ اهـ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا) وَجَمْعُهَا لِحًى بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَصْلَةً مَكْرُوهَةً، بَعْضُهَا أَشَدُّ قُبْحًا مِنْ بَعْضٍ وَعَدَّهَا فَلْتُرَاجَعْ وَأَفَادَنِي بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ أَنَّ عَدَدَ شَعْرِ لِحْيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَدُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنْهُمْ الرُّسُلُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ وَقِيلَ: أَكْثَرُ، وَمِنْ فَضَائِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْحَقَّ - جَلَّ وَعَلَا - ذَكَرَ أَعْضَاءَهُ عُضْوًا عُضْوًا فِي التَّنْزِيلِ، وَجُمْلَتُهُ كَذَلِكَ فَذَكَرَ وَجْهَهُ فِي قَوْلِهِ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤] ، وَعَيْنَهُ فِي قَوْلِهِ {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: ١٣١] ، وَلِسَانَهُ فِي قَوْلِهِ {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} [مريم: ٩٧] ، وَيَدَهُ وَعُنُقَهُ فِي قَوْلِهِ {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: ٢٩] ، وَصَدْرَهُ وَظَهْرَهُ فِي {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: ١] ، وَقَلْبَهُ فِي قَوْلِهِ {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٤] وَجُمْلَتَهُ فِي قَوْلِهِ {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ الْوَجْهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَخْرُجَا لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ الْخَارِجِ مِنْ اللِّحْيَةِ، وَالْعَارِضِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ الشُّعُورِ الشَّامِلَ لِذَلِكَ اهـ ح ل فَيَكُونُ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَبَعْضِهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ بِدُونِ وَصْفِهَا بِالْكَثَافَةِ فَفِيهِ تَجْرِيدٌ وَالدَّاعِي إلَيْهِ تَقْدِيرُ الشَّارِحِ لَفْظَ كَثِيفٍ بِجَنْبِ لَفْظِ الْبَعْضِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَمَيَّزَ عَنْ بَعْضِهَا الْآخَرِ) الْمُرَادُ بِالتَّمَيُّزِ أَنْ يَسْهُلَ إفْرَادُ كُلٍّ بِالْغَسْلِ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ مَا لَا يَسْهُلُ إفْرَادُهُ بِهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ) قَيْدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ الْكَثِيفَ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ، وَالْعَارِضِ يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِهِ وَقَدْ اعْتَمَدَ م ر خِلَافَهُ فَسَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ حَيْثُ قَالَ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ ظَاهِرِهِ مِنْهُمَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمَتْنِ " مِنْ رَجُلٍ " قَيْدًا فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ فَيُوَافِقَ مُعْتَمَدَ م ر وَيُؤَيِّدُهُ صَنِيعُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ز ي: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ شَعْرَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى إذَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي تَنْدُرُ كَثَافَتُهُ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْكَثِيفِ فَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ، وَالْخَفِيفِ فَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُعُورَ الْوَجْهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ كَالْهُدْبِ وَالشَّارِبِ، وَالْعَنْفَقَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ، وَالْخُنْثَى فَيَجِبَ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفَّتْ، أَوْ كَثُفَتْ أَوْ غَيْرَ نَادِرَةِ الْكَثَافَةِ وَهِيَ لِحْيَةُ الذَّكَرِ وَعَارِضَاهُ فَإِنْ خَفَّتْ بِأَنْ تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ تَحْتِهَا فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، وَإِنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا وَكَثُفَ بَعْضُهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إنْ تَمَيَّزَ فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَانَتْ كَثِيفَةً وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ، وَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ - وَهُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ - فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ فَاحْذَرْهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ) وَهِيَ الشُّعُورُ الْخَفِيفَةُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الذَّقَنُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْمَعُ لَحْيَيْهِ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَذْقَانٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ ذُقُونٌ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسُودٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ أَوَّلًا) أَيْ حَيْثُ حَكَمَ بِوُجُوبِ غَسْلِ شَعْرِ الْوَجْهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَ وَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ رَجُلٍ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْوُجُوبِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَأْمُرْهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ، وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ أَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ، أَوْ اسْتِعْمَالِهِ إذَا أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ وَمِنْهُ إزَالَةُ نَحْوِ صُنَانٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا) فِي الْمُخْتَارِ: مَثَلَ بِهِ: نَكَّلَ بِهِ أَيْ جَعَلَهُ نَكَالًا وَعِبْرَةً لِغَيْرِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَالِاسْمُ الْمُثْلَةُ بِالضَّمِّ وَمَثَّلَ بِالْقَتِيلِ جَدَعَهُ وَبَابُهُ أَيْضًا نَصَرَ اهـ، وَفِي الْمِصْبَاحِ وَمَثَلْت بِالْقَتِيلِ مَثْلًا مِنْ بَابَيْ