وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا. .
(وَ) ثَالِثُهَا (غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ (بِكُلِّ مِرْفَقٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ الْعَكْسِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ــ
[حاشية الجمل]
قَتَلَ وَضَرَبَ إذَا جَدَعْتَهُ وَظَهَرَ آثَارُ فِعْلِكَ عَلَيْهِ تَنْكِيلًا وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ، وَالْمُثْلَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ، وَالْمَثُلَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ الْعُقُوبَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهَا أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ الزَّائِدُ فَيَجِبُ غَسْلُ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ أَيْضًا وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرَّأْسَيْنِ فَيُقَالُ إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ وَهَلْ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ الزَّائِدِ فَقَطْ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الْفَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ اهـ ز ي. (تَنْبِيهٌ) :
يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَقَطْ، وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ سم أَقُولُ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ وَكَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ وَجَبَ قَرْنُهَا بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ، وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ وَقَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ ظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَ الْإِحْسَاسُ بِاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَةَ مِنْ الْكَفَّيْنِ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ أَنَّ مَا بِهِ الْإِحْسَاسُ مِنْهُمَا هُوَ الْأَصْلِيُّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ) أَتَى بِهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَدَيْنِ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ إلَى الْمَنْكِبِ فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ كَفَّيْهِ اهـ أُجْهُورِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِكُلِّ مِرْفَقٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ كُلِّ مِرْفَقٍ، أَوْ قَدْرِهِمَا مِنْ فَاقِدِهِمَا، وَالْمُرَادُ قَدْرُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ إنْ فُقِدَ الْمِرْفَقَانِ بِاعْتِبَارِ أَقْرَانِهِ فَلَوْ نَبَتَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِمَا فَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُهُمَا، وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي وَصَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ قَدْرِهِمَا، وَإِلَيْهِ مَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل وَسُمِّيَا مِرْفَقَيْنِ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهِمَا فِي الِاتِّكَاءِ عَلَيْهِمَا وَنَحْوِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] إلَى بِمَعْنَى مَعَ إنْ قُلْنَا: إنَّ الْيَدَ إلَى الْكُوعِ فَقَطْ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِغَسْلِ الْكُوعَيْنِ، وَالْمِرْفَقَيْنِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَاسْتُفِيدَ دُخُولُ الْمَرَافِقِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْإِجْمَاعِ، وَمِنْ كَوْنِ الْغَايَةِ فِيهَا لِلْإِسْقَاطِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ الْيَدَ تَصْدُقُ عَلَى الْعُضْوِ إلَى الْكَتِفِ لِإِفَادَتِهَا مَدَّ الْحُكْمِ إلَيْهَا أَيْ إلَى مَدْخُولِهَا، وَإِسْقَاطِ مَا وَرَاءَهَا وَضَابِطُهُ أَيْ إفَادَتِهَا هَذَا الْحُكْمَ تَارَةً وَإِسْقَاطِ مَا وَرَاءَهَا أُخْرَى أَنَّ اللَّفْظَ إنْ تَنَاوَلَ مَحَلَّهَا لَوْلَا ذِكْرُهَا أَفَادَتْ الثَّانِيَ أَيْ كَوْنَهَا غَايَةً لِلْإِسْقَاطِ، وَإِلَّا أَفَادَتْ الْأَوَّلَ أَيْ كَوْنَهَا غَايَةً لِمَدِّ الْحُكْمِ فَاللَّيْلُ فِي الصَّوْمِ مِنْهُ أَيْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْيَدِ هُنَا فَإِنَّهَا مِنْ الثَّانِي لِصِدْقِهَا عَلَى الْعُضْوِ إلَى الْكَتِفِ لُغَةً فَكَانَ ذِكْرُ الْغَايَةِ إسْقَاطًا لِمَا وَرَاءَ الْمَرَافِقِ فَدَخَلَ الْمِرْفَقُ وَيَدْفَعُ مَا نُقِضَ بِهِ الضَّابِطُ مِنْ نَحْوِ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ كَذَا بِمَنْعِ خُرُوجِ السُّورَةِ عَنْ الْمَقْرُوءِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَيَجُوزُ جَعْلُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ، أَوْ الْكُوعِ مَجَازًا إلَى الْمَرَافِقِ مَعَ جَعْلِ " إلَى " غَايَةً لِلْغَسْلِ دَاخِلَةً فِي الْمَعْنَى بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ إلَخْ حَاصِلُ هَذَا الضَّابِطِ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْغَايَةَ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا دَخَلَتْ فِيهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا كَمَا يَأْتِي فِي: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ كَذَا مِنْ خُرُوجِ السُّورَةِ إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى خُرُوجِهَا، وَإِلَّا فَتَدْخُلُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ.
وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَرْجُوحٌ وَأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ دُخُولِهَا مُطْلَقًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَعَلَى هَذَا الْأَوَّلِ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ الْكَهْفِ مَثَلًا، أَوْ اسْتَأْجَرَ آخَرَ عَلَى قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا وَجَبَ قِرَاءَتُهَا أَيْضًا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى إخْرَاجِهَا وَعَلَى كَلَامِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَكَلَامِ ابْنِ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي لَا تَدْخُلُ السُّورَةُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] الْأَيْدِي جَمْعُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ وَالْأَيَادِي جَمْعُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ النِّعْمَةُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ أَخْرَجَهُمَا عَوَامُّ الْعُلَمَاءِ بِاللُّغَةِ عَنْ أَصْلِهِمَا فَاسْتَعْمَلُوا الْأَيَادِيَ فِي جَمْعِ الْيَدِ لِلْجَارِحَةِ وَتَجِدُ أَكْثَرَ النَّاسِ يَكْتُبُ لِصَاحِبِهِ: الْمَمْلُوكُ يُقَبِّلُ الْأَيَادِيَ الْكَرِيمَةَ أَوْ الْكِرَامَ وَهُوَ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ الْأَيْدِيَ الْكَرِيمَةَ قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute