أَشْهُرِهِ ثُمَّ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ طَوَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْوُقُوفَ وَالرَّمْيَ وَالْبَيْتَ.
(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ (إفْرَادٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ اعْتَمَرَ عَامَهُ) فَلَوْ أُخِّرَتْ عَنْهُ الْعُمْرَةُ كَانَ الْإِفْرَادُ مَفْضُولًا؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ مَكْرُوهٌ (ثُمَّ تَمَتُّعٌ) أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ عَلَى خِلَافٍ فِي أَفْضَلِيَّةِ مَا ذُكِرَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إفْرَادُ الْحَجِّ» وَرَوَيَا أَيْضًا أَنَّهُ «أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا» وَرَجَحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا بَيَّنْته مَعَ فَوَائِدَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَشْهُرِهِ) كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ الْغَايَةِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. ح ل وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ لَا لِلْغَايَةِ كَمَا فُهِمَ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْعَكْسِ وَيَكُونُ قِرَانًا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مِنْ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الطَّوَافِ لِلْقُدُومِ وَجَوَّزَهُ الْقَدِيمُ قِيَاسًا عَلَى الْعَكْسِ فَيَكُونُ قِرَانًا أَيْضًا وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ إدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ يُفِيدُ زِيَادَةً عَلَى أَعْمَالِهَا بِالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا إفْرَادٌ) وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ أَنَّ الْقَارِنَ الَّذِي اعْتَمَرَ قَبْلَ قِرَانِهِ أَوْ بَعْدَهُ يَكُونُ قِرَانُهُ أَفْضَلَ مِنْ الْإِفْرَادِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَقْصُودِهِ مَعَ زِيَادَةِ عُمْرَةٍ أُخْرَى كَمُتَيَمِّمٍ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ ثُمَّ بِالْوُضُوءِ آخِرَهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ كَيْفِيَّاتِ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ الْمُسْقِطِ لِطَلَبِهِمَا لَا بَيْنَ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فَقَطْ أَوْ أَدَائِهِمَا مَعَ زِيَادَةِ نُسُكٍ مُتَطَوَّعٍ بِهِ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ كَلَامٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ نَقُولُ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْقِرَانِ مَعَ الْعُمْرَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ فِي فَضِيلَةِ الِاتِّبَاعِ مَا يَرْبُو عَلَى زِيَادَةِ الْعَمَلِ كَمَا لَا يَخْفَى مِنْ فُرُوعٍ ذَكَرَهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ اسْتَنَابَ وَاحِدًا لِلْحَجِّ وَآخَرَ لِلْعُمْرَةِ لَا تَحْصُلُ لَهُ كَيْفِيَّةُ الْإِفْرَادِ الْفَاضِلِ؛ لِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْإِفْرَادِ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ اعْتَمَرَ عَامَهُ) أَيْ وَهُوَ آخِرُ ذِي الْحِجَّةِ اهـ ح ل وَهُوَ الْعِشْرُونَ يَوْمًا الْبَاقِيَةُ مِنْهُ فَلَوْ اعْتَمَرَ فِي الْمُحَرَّمِ كَانَ مَفْضُولًا اهـ. شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَجَّةِ الَّذِي هُوَ شَهْرُ حَجِّهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ اهـ.
وَلَوْ حَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِهَا فِي الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ آتِيًا بِالْإِفْرَادِ الْأَفْضَلِ صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ سَمِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ثَوَابَهُ دُونَ ثَوَابِ مَنْ أَتَى بِهَا كَامِلَةً فِي ذِي الْحِجَّةِ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ الْإِفْرَادُ مَفْضُولًا) أَيْ عَنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَهُمَا الْأَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعُمْرَةِ عَنْ سَنَةِ الْحَجِّ مَكْرُوهٌ اهـ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ مَكْرُوهٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَفْضَلُهَا إفْرَادٌ ثُمَّ تَمَتُّعٌ فَقَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ أَيْ مِنْ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ يَعْنِي أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْإِفْرَادِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ وَأَفْضَلِيَّةُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْقِرَانِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ وَبَقِيَ خِلَافٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ أَفْضَلِيَّةُ الْقِرَانِ عَلَى الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَأَفْضَلُهَا الْإِفْرَادُ وَبَعْدَهُ التَّمَتُّعُ وَفِي قَوْلِ: التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَأَطَالُوا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَفِي قَوْلٍ: الْقِرَانُ أَفْضَلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: رَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) أَتَى بِدَلِيلَيْنِ الْأَوَّلُ يُفِيدُ أَفْضَلِيَّةَ الْإِفْرَادِ وَالثَّانِي يُفِيدُ أَفْضَلِيَّةَ التَّمَتُّعِ وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ الَّذِي عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ حَجّ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» اهـ.
(قَوْلُهُ: وَرَوَيَا أَنَّهُ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا) وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ قَرَنَ» وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْإِفْرَادُ هُوَ الْأَرْجَحَ بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ أَوَّلًا مُطْلَقًا ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُطْلَقٌ نَظَرَ إلَى أَوَّلِ إحْرَامِهِ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُتَمَتِّعٌ نَظَرَ إلَى أَوَّلِ صَرْفِهِ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ قَارِنٌ نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ إدْخَالِ الْحَجِّ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُفْرِدٌ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْجَمْعِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ رُوَاتَهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ أَلِفَهُ أَصْلِيَّةٌ لِانْقِلَابِهَا عَنْ أَصْلٍ كَقُضَاةٍ. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ) أَيْ مِنْ لَدُنْ خُرُوجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ تَحَلَّلَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: اخْتَارَهُ) أَيْ الْإِفْرَادَ أَوَّلًا أَيْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ فَعَلَهُ خُصُوصِيَّةً لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى بَيَانِ جَوَازِهَا فِي هَذَا الْمَجْمَعِ الْعَظِيمِ وَإِنْ سَبَقَ بَيَانُهَا مِنْهُ قُبِلَ مُتَعَدِّدًا. اهـ. حَجّ وَإِنَّمَا احْتَاجَ إلَى بَيَانِ جَوَازِهَا فِي هَذَا الْمَجْمَعِ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَا يُزَاحِمُونَ بِهَا الْحَجَّ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْته مَعَ فَوَائِدَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَخَصَّ بِجَوَازِهِ فِي