للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِنْ الْآفَاقِيِّينَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ أَوْ عَقِبَ دُخُولِهَا لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي دُونِ الْمَرْحَلَتَيْنِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ وَلَا يَضُرُّ التَّقْيِيدُ بِالْمُرِيدِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مَفْهُومٌ بِالْمُوَافَقَةِ وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ كَمَا هُنَا قَوْله تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بَدَلَ الْحَرَمِ بِمَكَّةَ

ــ

[حاشية الجمل]

بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذَا عَنَّ لَهُ النُّسُكُ ثُمَّ فَاتَهُ وَإِنْ رَبِحَ مِيقَاتًا بِتَمَتُّعِهِ لَكِنْ لَيْسَ مِيقَاتًا عَامًّا وَلَا يُشْكِلُ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ فِي هَذَا وَلَمْ يَجْعَلُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسَاءَةِ وَهُوَ إذَا كَانَ مَسْكَنُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ وَجَاوَزَهُ وَأَحْرَمَ كَالْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الدَّمُ كَالْمَكِّيِّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ مَكَّةَ بَلْ أَلْزَمُوهُ الدَّمَ وَجَعَلُوهُ مُسِيئًا كَالْآفَاقِيِّ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ مِمَّا ذُكِرَ تَابِعٌ لَهَا، وَالتَّابِعُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمَتْبُوعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَهُنَا لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِعَدَمِ إسَاءَتِهِ بِعَدَمِ عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِمُقْتَضَى الْآيَةِ وَهُنَاكَ يَلْزَمُهُ دَمٌ لِإِسَاءَتِهِ بِمُجَاوَزَتِهِ مَا عَيَّنَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى أَنَّ الْمَسْكَنَ الْمَذْكُورَ كَالْقَرْيَةِ بِمَنْزِلَةِ مَكَّةَ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ مُجَاوَزَتِهِ بِلَا إحْرَامٍ لِمُرِيدِ النُّسُكِ انْتَهَتْ وَذَكَرَ سَمِّ الْإِشْكَالَ بِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَقَالَ، قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ جَعَلُوا مَكَّةَ وَمَا جَاوَرَهَا مِنْ الْأَمْكِنَةِ مَعْدُودَةً مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ الدَّمُ عِنْدَ عَدَمِ عَوْدِهِ إلَى الْمِيقَاتِ وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِيمَا إذَا جَاوَزَهُ الْمُرِيدُ لِلنُّسُكِ غَيْرَ مُحْرِمٍ بَلْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الدَّمَ إذَا لَمْ يَعُدُّ، وَلَوْ جَعَلُوهُ شَيْئًا وَاحِدًا لَكَانَ يُحْرِمُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ كَمَا يُحْرِمُ مِنْ أَيِّ بِقَاعِ مَكَّةَ شَاءَ مَعَ أَنَّ الدَّمَ وَجَبَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِسَبَبِ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ اهـ. كَلَامُ النَّوَوِيِّ، وَأَجَابَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الشَّرْطِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ أَيْضًا إذَا جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى الصُّورَةِ الْمَطْوِيَّةِ فِي الْغَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ أَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ التَّقْيِيدُ بِالْمُرِيدِ إلَخْ أَيْ لَا يَضُرُّ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ التَّقْيِيدُ بِالْمُرِيدِ مَعَ أَنَّهُ فِيمَنْ اسْتَوْطَنَ فِي دُونِ الْمَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ لَا فَرْقَ فِيهِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ قَبْلَ الِاسْتِيطَانِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ أَوْ لَا يَكُونُ، وَحَاصِلُ دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ أَنَّ غَيْرَ الْمُرِيدِ يُفْهَمُ مِمَّا فِيهَا بِالْأَوْلَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْوُجُوبُ عَنْ مُرِيدِ النُّسُكِ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَعَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَأَصْلِهَا) وَهُوَ الْعَزِيزُ شَرْحُ الْوَجِيزِ لِلْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ فِي شَأْنِ مَنْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ أَيْ فِي شَأْنِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ دُونِ الْمَرْحَلَتَيْنِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ) أَيْ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ وَقَبْلَ إحْرَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا لِلْفَهَّامَةِ فِي الْحَاشِيَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ، هَذَا الْحَمْلُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحَمْلَ عَلَى آفَاقِيٍّ دَخَلَ مَكَّةَ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِيطَانِ فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي صُورَةِ التَّمَتُّعِ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْقَصْدِ وَيَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ وَإِنْ أَرَادَ مَنْ كَانَ مُسْتَوْطِنًا بِهَا فَعَنْ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ فَرَضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حُكِمَ فِيهَا بِعَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْآفَاقِيِّ، وَعِبَارَتُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَالَى تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ: الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يَجِبُ الدَّمُ بِشُرُوطٍ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ وَسَاقَ الْبَاقِيَ إلَى أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الشَّرْطِ السَّابِعِ فَذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَنْ جَاوَزَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَحَكَمَ فِيهَا بِعَدَمِ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ تَعْلَمُ مِنْهُ قَطْعًا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَوْطِنٍ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْآنِ وَذَكَرَ لَهُ شُرُوطًا إلَى أَنْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الشَّرْطِ السَّابِعِ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ إنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ بِمَعْنَى كَانَ مُسْتَوْطِنًا بِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مُسْتَوْطِنًا بِمَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدٍ قَدِمَ مِنْهَا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، قَالَ السُّبْكِيُّ لَوْ خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى بَعْضِ الْآفَاقِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ رَجَعَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي عَامِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَتْ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: بِالْمُوَافَقَةِ) أَيْ الْمَفْهُومُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ) وَكَذَا جَمِيعُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ إلَّا قَوْله تَعَالَى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ فَقَطْ، كَذَا أَطْلَقُوهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا آيَةُ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>