{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] ، وَقِيسَ بِهِ الْقَارِنُ فَلَا دَمَ عَلَى حَاضِرِيهِ (وَهُمْ مِنْ) مَسَاكِنِهِمْ (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَرَمِ لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ، وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ إنَّهُ حَاضِرُهُ، قَالَ تَعَالَى {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: ١٦٣] أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الجمل]
نِصْفُ الدَّمِ إنْ أَيْسَرَ وَإِنْ أَعْسَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ أَوْ تَمَتَّعَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْإِسَاءَةِ لِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَدْ يَجِبُ الدَّمُ عَلَى غَيْرِ مُحْرِمٍ كَمُسْتَأْجِرٍ أَمَرَ أَجِيرَهُ بِتَمَتُّعِهِ كَالْوَلِيِّ بِسَبَبِ تَمَتُّعِ مُوَلِّيهِ أَوْ قِرَانِهِ أَوْ إحْصَارِهِ وَارْتِكَابِ الْمُمَيِّزِ الْمُحْرِمِ مَحْظُورًا بِخِلَافِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ إتْلَافًا بِخِلَافِ إتْلَافِهِ مَالَ الْآدَمِيِّ وَكَالْأَجْنَبِيِّ إذَا طَيَّبَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُمَيِّزًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْهَدْيُ وَالصَّوْمُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَحَاضِرُوهُ مَنْ اسْتَوْطَنُوا بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مَحَلًّا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ وَمَنْ لَهُ مَسْكَنَانِ قَرِيبٌ مِنْ الْحَرَمِ وَبَعِيدٌ مِنْهُ اُعْتُبِرَ مَا مُقَامُهُ بِهِ أَكْثَرُ ثُمَّ مَا بِهِ أَهْلُهُ وَمَالُهُ دَائِمًا أَكْثَرُ ثُمَّ مَا بِهِ أَهْلُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ مَا بِهِ مَالُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ مَا قَصَدَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ ثُمَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ وَأَهْلُهُ حَلِيلَتُهُ وَمَحَاجِيرُهُ دُونَ نَحْوِ أَبٍ وَأَخٍ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: مَا مُقَامُهُ بِهِ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَ مُقَامُهُ بِالْقَرِيبِ أَكْثَرَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْبَعِيدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْته قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِمْ فَإِنَّهُ أَخَّرَ اعْتِبَارَ رُتْبَةِ الْإِحْرَامِ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ وَبِالْأَوْلَى لَا دَمَ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَاحِدٌ قَرِيبٌ وَأَحْرَمَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ ذَهَبَ إلَيْهِ لِحَاجَةٍ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَكِّيُّ إذَا ذَهَبَ إلَى الْمَدِينَةِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ فَسُقُوطُ الدَّمِ عَنْ الْحَاضِرِ يَكْفِي فِيهِ اسْتِيطَانُهُ مَكَانًا حَاضِرًا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ خُرُوجُهُ عَنْ الْحُضُورِ وَالْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ عَلَيْهِ وَمَنْ لِوَطَنِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الْحَرَمِ وَالْأُخْرَى عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ فَهُوَ حَاضِرٌ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فَعَلَيْهِ أَهْلُ السَّلَامَةِ مِنْ الْحَاضِرِينَ اهـ.
وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرُ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ أَوْ مَكَّةَ عَلَى خِلَافِ الْمُرَجَّحِ مَرْحَلَتَانِ وَلَوْ مِنْ إحْدَى الطُّرُقِ لَا يُعَدُّ مِنْ الْحَاضِرِينَ جَوَابًا عَنْ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي نَحْوِ قَرْنِ الْمَنَازِلِ أَنَّهَا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ مَعَ أَنَّ لَهَا طَرِيقَيْنِ طَوِيلًا وَقَصِيرًا وَبَيْنَ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَهُ طَرِيقَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ تُعْتَبَرُ الْمَسْلُوكَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الْأَوْجَهَ هُوَ الْأَوَّلُ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّمِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْزِلَهُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْأَصْلَ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ بَعْضِهِمْ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا يَكُونُ سُلُوكُهُ بِهِ أَكْثَرَ أَخْذًا مِمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ وَكَانَتْ إقَامَتُهُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ اهـ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ اعْتِبَارِهِمْ فِيمَنْ لَهُ مَسْكَنَانِ فِي الْحَاشِيَةِ، ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَاضِرٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مَنْزِلَهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّمِ اهـ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْته أَوَّلًا ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ التُّحْفَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرُ وَهِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - نَصَّا عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ جُدَّةَ وَالطَّائِفِ وَعُسْفَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ قَدْ يُعَارِضُ ذِكْرُ الطَّائِفِ قَوْلَهُمْ فِي قَرْنِ الْمَنَازِلِ أَنَّهُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ أَيْضًا مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ بِنَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّائِفِ هُوَ وَمَا قَرُبَ إلَيْهِ فَيَشْمَلُ قَرْنًا اهـ.
وَإِذَا تَأَمَّلْت أُنْتِجَ لَك أَنَّ أَهْلَ السَّلَامَةِ مِنْ الْحَاضِرِينَ قَطْعًا بِنَصِّ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَلَوْ مَعَ النَّظَرِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ قَرْنًا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إذْ حَدُّ الْحَرَمِ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ كَانَ لِلسَّلَامَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَحِينَئِذٍ فَالْبَحْثُ فِيمَنْ عَدَا الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَجُدَّةَ وَعُسْفَانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ مَنْ دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الْحَرَمِ يُسَمَّى حَاضِرًا.
(قَوْلُهُ: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [الأعراف: ١٦٣] وَهِيَ أَيْلَةُ الَّتِي عِنْدَ عَقَبَةِ الْحَاجِّ الْمِصْرِيِّ؛ لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَحْرِ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا) أَيْ لَمْ يَسْتَفِيدُوا تَرْكَ مِيقَاتٍ أَيْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ مِيقَاتُ عَامٍ كَانَ يَلْزَمُهُمْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْآفَاقِيِّ فَإِنَّهُ رَبِحَ مِيقَاتًا أَيْ اكْتَسَبَ رَاحَةً بِسُقُوطِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ فَمَتَى رَبِحَ الْمِيقَاتَ رَبِحَ الرَّاحَةَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ اهـ. عَزِيزِي.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا أَيْ عَامًا لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ فَلَا يُشْكِلُ