للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ بَلْ بَعْضُهَا هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ وَذِكْرُ حُكْمِ الظُّفْرِ فِي هَذِهِ وَفِي الْعُذْرِ مِنْ زِيَادَتِي هَذَا (إنْ اخْتَارَ دَمًا) فَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ فَفِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعٌ وَفِي اثْنَيْنِ صَاعَانِ أَوْ الصَّوْمُ فَفِي وَاحِدٍ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِي اثْنَيْنِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية الجمل]

الْجَنَابَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَشَرَتِهِ إلَّا بِحَلْقِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ لُزُومِ الْفِدْيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

ثُمَّ رَأَيْته - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَقَرَّ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ بَعْدَ أَنْ أَبْدَى احْتِمَالًا بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ قَالَ لِأَنَّ الْعُذْرَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ حُرْمَةُ الْحَلْقِ كَالْحِسِّيِّ وَهُوَ مَرَضُ الرَّأْسِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنْ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِبَقَاءِ شَعْرِ رَأْسِهِ لَزِمَتْهُ إزَالَتُهُ مَعَ الْفِدْيَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى النَّزْعِ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْت مِنْ تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى فَرْقِ الْحَاشِيَةِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا إلَخْ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ مِمَّا إذَا لَبَّدَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ ثُمَّ مَاتَ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إلَّا سَبَبُ الْحَلْقِ بِخِلَافِ هَذَا فَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ سَبَبُهُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ شَرْعًا، إذْ الْإِكْرَاهُ لَيْسَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي رَفْعِ الْفِدْيَةِ فَتَأَمَّلْ.

(تَنْبِيهٌ)

شَمِلَ قَوْلُهُمْ لَمْ يَتَحَلَّلْ مَا لَوْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ أَزَالَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْبَدَنِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِحِلِّ حَلْقِ الْبَدَنِ بَعْدَ حَلْقِ الرُّكْنِ أَوْ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا فَلِلْحَجِّ ثَلَاثُ تَحَلُّلَاتٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ وَقِيَاسُهُ جَوَازُ التَّقْلِيمِ إذْ هُوَ يُشْبِهُهُ اهـ. وَمَالَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَأَيَّدَهُ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرَحِمَهُ مَا عَدَا الْقِيَاسَ بِأَنَّ إطْلَاقَهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ بَعْدَ الْحَلْقِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ لَهُ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَسْبَابِ صَادِقٌ بِمَا قَالَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ وَنَظَرَ هُوَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ فِي الْقِيَاسِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الظُّفْرَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الرَّأْسِ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ لَهُ وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَهُ بِأَنَّ إبَاحَةَ حَلْقِ غَيْرِ الرَّأْسِ لَيْسَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ حَلْقِهِ وَإِنَّمَا هِيَ لِدُخُولِ وَقْتِ حَلْقِهِ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ كَذَلِكَ وَرَدَّهُ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إبَاحَةُ حَلْقِهِ قَبْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَقُولُ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ فِي اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ بِمَا تَقَرَّرَ وَمِنْ عِبَارَتِهِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَلْقُ شَعْرِ الْبَدَنِ قَبْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ اهـ. فَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ حَلْقِ الْبَدَنِ قَبْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ فَقَوْلُهُ: يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهُ لَا عَلَى هَذَا الصَّرِيحِ مَعَ أَنَّهُمَا وَقَعَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ.

وَحَاصِلُ رَدِّهِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَنْعُ وَمِنْ عِبَارَةِ الزَّرْكَشِيّ فِي الِاعْتِرَاضِ قَالَ الْأَصْحَابُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَلْقِ إنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ قَبْلُ أَوْ إنَّ التَّحَلُّلَ مَحْظُورٌ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلْقِ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاقْتَصَرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى نَقْلِ هَذَا عَنْهُ فِي الِاعْتِرَاضِ وَقَالَ بَعْدَهُ وَهُوَ صَرِيحٌ كَمَا تَرَى فِي حُرْمَةِ إزَالَةِ شَعْرِ الْبَدَنَ بَعْدَ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْآنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَخْ مَا قَالَهُ مِمَّا حَاصِلُهُ عَدَمُ ارْتِضَاءِ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الشُّعُورِ كَغَيْرِهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِعَكْسِ مَا قَالَهُ هُنَا مِمَّا ارْتَضَاهُ وَأَيَّدَهُ وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَوْسَعُ مِنْهُ وَالْحَلْقُ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَ آنِفًا لَيْسَ صَرِيحًا بَلْ وَلَا ظَاهِرًا فِي حُرْمَةِ إزَالَةِ شَعْرِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْحَلْقِ الَّتِي يَرُدُّهَا قَوْلُهُ: هُنَا يَعْنِي فِي مَتْنِ الْمُخْتَصَرِ وَلَا مَعْنَى لِحِلِّ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بَلْ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ حَلْقَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ يَدْخُلُ وَقْتُهُمَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، قَالَ فِي خَادِمِهِ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَشَعْرَ بَدَنِهِ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْحَجِّ إلَّا تَحَلُّلَانِ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلَانِ إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ رَأْسِهِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ إزَالَةِ شَعْرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ فَتَجُوزُ إزَالَتُهُ قَبْلَ الرَّأْسِ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ اهـ. وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا ثُمَّ بَعْدَ عَامٍ رَأَيْت سَيِّدِي الْمَرْحُومَ السَّيِّدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْتَوْجَهَهُ أَيْضًا اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.

(قَوْلُهُ: عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ) أَيْ بِالطَّعَامِ أَيْ جَعَلَهُ عِدْلَهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ مِثْلَهُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] إلَى أَنْ قَالَ {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: ٩٥] وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ وَهُوَ الثَّابِتُ الْحَرَمِيُّ وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ قَوْلَ الشَّارِحِ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ فَقَالَ أَيْ قَوَّمَ الْحَيَوَانَ بِالطَّعَامِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَ دَمًا) أَيْ بِفَرْضِ أَنَّهُ أَزَالَ الثَّلَاثَةَ بِأَنْ قَالَ أَنَا لَوْ أَزَلْت الثَّلَاثَةَ كُنْت أُكَفِّرُ بِدَمٍ فَإِنْ قَالَ كُنْت أُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الصَّوْمِ فَفِيهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُدُّ أَوْ الْمُدَّانِ سَوَاءٌ اخْتَارَ الدَّمَ أَوْ غَيْرَهُ فَتَقْيِيدُهُ ضَعِيفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>