للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَعْضًا (بِحَرَمٍ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» ، وَقِيسَ بِمَكَّة بَاقِي الْحَرَمِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِصَيْدٍ مَمْلُوكٍ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ وَتَعْبِيرِي بِالتَّعَرُّضِ لَهُ الشَّامِلِ لِلتَّعَرُّضِ لِجُزْئِهِ كَشَعْرِهِ وَبَيْضِهِ أَيْ غَيْرِ الْمَذَرِ وَلَوْ بِإِعَانَتِهِ غَيْرَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاصْطِيَادِهِ أَمَّا الْمَذَرُ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَغَيْرِهِ الْعِبْرَةُ فِيهِ بِمُسْتَقَرِّهِ وَلَوْ كَانَ نِصْفُهُ فِي الْحِلِّ وَنِصْفُهُ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضًا) وَالْعِبْرَةُ بِالْقَوَائِمِ وَلَوْ وَاحِدَةً دُونَ الرَّأْسِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى قَائِمَتِهِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ لَا ضَمَانَ، وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا، مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَمِ وَعَلَى هَذَا اعْتِبَارُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ شَرْطُهُ أَنْ يُصِيبَ الرَّامِي الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا فِي الْحِلِّ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِيهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

١ -

(قَوْلُهُ: بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِحُكْمِهِ الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ الْمُتَعَلِّقِ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِهَا يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَهَذَا التَّعَلُّقُ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِتَحْرِيمِهَا يَوْمَئِذٍ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ فِي الْوَرَقَةِ الْآتِيَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ تَنْبِيهٌ قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْمَقَامُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ كَالْحُرْمَةِ إمَّا أَنْ تَكُون عِبَارَةً عَنْ مُجَرَّدِ الْخِطَابِ أَيْ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ أَوْ مَعَ قَيْدِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْ حُرْمَةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ الْمَذْكُورَ قَدِيمٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَزِمَ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمُكَلَّفِينَ بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ إذْ التَّعْلِيقُ التَّنْجِيزِيُّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ قُلْت لَيْسَ الْمُرَادُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَدْ أَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ غَيْرِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ يُحَرِّمُ مَكَّةَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَفِي الْمُخْتَارِ عَضَدَ الشَّجَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعَهُ وَعَضَدَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَعَانَهُ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالْخَلَا مَقْصُورٌ الرَّطْبُ مِنْ الْحَشِيشِ الْوَاحِدَةُ خَلَاةٌ وَخَلَيْت الْخَلَا قَطَعْته وَبَابُهُ رَمَى وَاخْتَلَيْته أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَلَالِ فِيهِ أَيْ الْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لِصَيْدٍ مَمْلُوكٍ بِأَنْ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ حَلَالٌ آخَرُ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَحْرُمُ شِرَاؤُهُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّمَلُّكَاتِ وَيَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: الشَّامِلِ لِلتَّعَرُّضِ لِجُزْئِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ لَبَنٍ وَبَيْضٍ وَشَعْرٍ وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي وَرَقِ شَجَرِ الْحَرَمِ جَزَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الشَّجَرَ وَجَزُّ الشَّعْرِ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَوْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِنَحْوِ اللَّبَنِ نَقْصُ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ أَيْضًا فَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ تُقَوَّمُ الْعَنْزُ بِلَبَنٍ وَبِلَا لَبَنٍ وَيُنْظَرُ نَقْصُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْمَغْرُومِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُمَا بِالْقِيمَةِ هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تَسْقُطُ أَوْ لَا، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَتُهُ مِنْ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ وَقَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ الْمَغْرُومِ أَيْ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْأُمُّ قُوِّمَ اللَّبَنُ مُسْتَقِلًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: كَشَعْرِهِ) أَيْ أَوْ وَبَرِهِ أَوْ رِيشِهِ أَوْ صُوفِهِ وَكَذَا لَبَنُهُ وَلَوْ قَلَعَ رِيشَةً فَنَبَتَ مَكَانَهَا غَيْرُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اللُّزُومُ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ سِنُّ الْمَثْغُورِ فَرَاجِعْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَائِدَةٌ)

قَيَّدَ مَوْلَانَا وَشَيْخُنَا الْمَرْحُومُ السَّيِّدُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجُزْءَ بِالْمُتَّصِلِ أَخْذًا مِنْ الْمُنْتَقَى لِلنَّسَائِيِّ وَيُفْهِمُهُ تَعْلِيلُهُمْ لَهُ بِوِقَايَتِهِ لَهُ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَفَرَّقَهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَقِ الشَّجَرِ لِحُرْمَتِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ هَذَا التَّقْيِيدُ فِي اللَّبَنِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ إلَّا لِلْمُتَّصِلِ بِأَنْ كَانَ فِي الضَّرْعِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ ثُمَّ رَأَيْتهمْ حَكَوْا الْقَطْعَ بِالضَّمَانِ فِيمَا إذَا حَلَبَهُ هُوَ وَحَكَوْا الْخِلَافَ فِيهِ إذَا حَلَبَ وَصَحَّحُوا الضَّمَانَ وَبِهِ يَتَقَيَّدُ مَا ذَكَرْته فِي الْمُنْفَصِلِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا حَلَبَ لَهُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ، وَأَمَّا الْبَيْضُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُنْفَصِلًا فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ إذْ يَتَأَذَّى بِهِ الصَّيْدُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ الْمُنْفَصِلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَارَةُ الْمِسْكِ مَعَهُ كَالرِّيشِ أَيْضًا فَيُجْزِئُ فِيهَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُتَّصِلِ وَغَيْرِهِ اهـ ابْنُ الْجَمَّالِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِدَلَالَةٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ إعَارَةِ آلَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَذَرُ) أَيْ الَّذِي فَسَدَ بِحَيْثُ لَا يُفَرِّخُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ) رَاجِعٌ لِلْحُكْمَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ كَانَ بَيْضَ نَعَامٍ حَرُمَ التَّعَرُّضُ لَهُ وَضَمِنَهُ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>