فِي مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِعَدَمِ رِضَاهُ قَالَ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] يَصِحُّ بِحَقٍّ كَأَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ شِرَاءِ مَالٍ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ مَالِ غَيْرِهِ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ عَلَيْهِ صَحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ.
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ الْبَيْعِ وَإِلَّا صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَقَصَدَ إيقَاعَهُ صَحَّ الْقَصْدُ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَقَالَ حَجّ وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْ الْإِكْرَاهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ قَوْلُ مُجْبِرِهَا لَا أُزَوِّجُك إلَّا إنْ بِعْتنِي مَثَلًا كَذَا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ لَهَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْبَيْعِ لَهُ لِأَنَّهَا إذَا طَلَبَتْ التَّزَوُّجَ فَامْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لَكِنْ لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا مَنْدُوحَةً وَاعْتَقَدَتْ أَنْ لَا طَرِيقَ إلَّا الْبَيْعُ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا اهـ. أَقُولُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِاضْطِرَارِهَا إلَيْهِ حِينَئِذٍ فَيَكُونُ امْتِنَاعُهُ مِنْ تَزَوُّجِهَا كَمَا لَوْ هَدَّدَهَا بِإِتْلَافِ مَالٍ لَهَا بَلْ أَوْلَى فَلَا يُقَالُ إنَّ امْتِنَاعَهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ وَالتَّهْدِيدَ بِعُقُوبَةٍ عَاجِلَةٍ ظُلْمًا لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَتْ الْعُقُوبَةُ خَاصَّةً بِنَحْوِ الضَّرْبِ بَلْ شَامِلَةٌ لِمِثْلِ الْغَصْبِ وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ انْتَهَتْ (مَسْأَلَةٌ)
هَلْ يَأْتِي هُنَا مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَوْ نَوَى الْبَيْعَ أَوْ ظَهَرَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ أَحَدِ عَبْدَيْنِ فَبَاعَهُمَا أَوْ عَلَى قَوْلِ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ مَلَّكْتُك هَذَا بِأَلْفٍ انْعَقَدَ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هُنَاكَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْإِتْيَانُ اهـ. سم وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي اهـ. مِنْ خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ
(قَوْلُهُ فِي مَالِهِ) تَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِمَالِهِ وَاحْتِرَازُهُ بِهِ عَنْ مَالِ غَيْرِهِ الْآتِي لَا قَرِينَةَ فِي الْمَتْنِ تَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ عُمُومُهُ يَشْمَلُ الْبُطْلَانَ فِي الْمُحْتَرَزِ الْآتِي أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَالِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَرَابِعُهَا وِلَايَةٌ إذْ بِالْإِكْرَاهِ تَنْتَفِي الْوِلَايَةُ وَبِأَنَّ الْمُحْتَرَزَ الْآتِيَ مُسْتَثْنًى مِنْ الشَّرْطِ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ رِضَاهُ) أَيْ وَالرِّضَا شَرْطٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بِحَقٍّ) وَمِنْ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ طَعَامٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهِ فَيُكْرِهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِ الزَّائِدِ عَنْ كِفَايَتِهِ سَنَةً قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا خَاصٌّ بِالطَّعَامِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَوْ بَاعَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ بِإِكْرَاهِ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ بِإِكْرَاهِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ قُدْرَةٌ كَمَنْ لَهُ شَوْكَةٌ مِثْلُ شَادِ الْبَلَدِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ إيصَالُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ بِتَعَاطِيهِ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ هَذَا وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَيُحَصِّلَ حَقَّهُ بِهِ وَأَنْ يَتَمَلَّكَهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ ظَافِرٌ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْمُلْتَزِمِينَ فِي الْبَلَدِ يَأْخُذُ غِلَالَ الْفَلَّاحِينَ لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ أَدَاءِ الْمَالِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ أَيْ وَلَوْ بِالتَّغَلُّبِ نَعَمْ لَوْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُعْطِيهِ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَدَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مُكَالَمَتِهِ وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ م ر أَنَّهُ يَحْنَثُ فَرَاجِعْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِإِكْرَاهِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِهِ بِحَقٍّ كَأَنْ أَكْرَهَ رَقِيقَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ وَلَوْ بِبَاطِلٍ عَلَى بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ مِنْهُمَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ عَلَى بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إكْرَاهُ الْوَلِيِّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِمَالِهِ مَا لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَيَدْخُلُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ وَالْحَاكِمُ فِي مَالِ الْمُمْتَنِعِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْوَلِيِّ حَيْثُ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ) الْبَيْعُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الشِّرَاءُ بِأَنْ يُكْرَهَ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ بِمَالِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ اهـ. ع ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ بِإِكْرَاهِهِ أَيْ الْغَيْرِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ عَلَى الشِّرَاءِ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ وَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ هَذَا أَوْ لَا يَبِيعَهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ فَالْجِهَةُ مُخْتَلِفَةٌ فَالْعَقْدُ لِلْإِذْنِ وَلَا حِنْثَ لِلْإِكْرَاهِ وَلَا أَثَرَ لِلْقَوْلِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ لِنُدُورَةِ، التَّصَرُّفَاتِ الْوَاقِعَةِ لِلَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِكْرَاهُ وَلَا أَثَرَ لِفِعْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا الْحَدَثُ وَالتَّحَوُّلُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِرْضَاعُ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّغْرِيمُ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ وَالْقَتْلُ وَإِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ أَكْلُهُ أَوْ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ وَإِكْرَاهُ مَجُوسِيٍّ مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ أَوْ مُحْرِمٍ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ أَوْ عَلَى رَمْيِهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ أَوْ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ ابْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْمَجْنُونِ يَطَأُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هُنَا