أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ (وَعَدَمُ إكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَنَحْوِهِمَا بَرْقَائِيٌّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
أَمَّا لَوْ كَانَ مِلْكَ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْمُضِيعُ لِمَالِهِ وَلَوْ قَالَ مَالِكُ وَدِيعَةٍ سَلِّمْ وَدِيعَتِي لِلصَّبِيِّ أَوْ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ بَرِئَ لِامْتِثَالِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَمِنْ الدَّيْنِ خُبْزُ الْوَظَائِفِ وَدَرَاهِمُ الْجَامِكِيَّةِ إذَا دَفَعَ مَنْ هُمَا تَحْت يَدِهِ لِلصَّبِيِّ وَلَوْ أَعْطَى صَبِيٌّ دِينَارًا لِمَنْ يَنْقُدُهُ أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُقَوِّمُهُ ضَمِنَ الْآخِذُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ مِلْكَ الصَّبِيِّ أَوْ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً إلَى غَيْرِهِ وَقَالَ هِيَ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ بِالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ عُمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ قَرِينَةٍ أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَرَدُّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ أَيْ إيصَالِ الْهَدِيَّةِ وَالْإِخْبَارِ بِالدُّخُولِ الْفَاسِقُ وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ. شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَيْهِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ نَقَدْت الدَّرَاهِمَ نَقْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالْفَاعِلُ نَاقِدٌ وَالْجَمْعُ نُقَّادٌ مِثْلُ كَافِرٍ وَكُفَّارٍ وَانْتَقَدْت كَذَلِكَ إذَا اعْتَبَرْتَهَا لِتَمَيُّزِ جَيِّدِهَا وَزَيْفِهَا وَنَقَدْت الرَّجُلَ الدَّرَاهِمَ بِمَعْنَى أَعْطَيْته فَيَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ وَنَقَدْتُهَا لَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ أَيْضًا فَانْتَقَدَهَا أَيْ قَبَضَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذِرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ. ع ش.
وَعِبَارَةُ م ر فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِالرُّشْدِ عَدَمُ الْحَجْرِ لِيَشْمَلَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ وَدِينِهِ ثُمَّ بَذِرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَجُهِلَ حَالُهُ فَإِنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَنْ جُهِلَ رِقُّهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْحَجْرِ كَالْحُرِّيَّةِ وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ إذَا عَقَدَ فِي الذِّمَّةِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ إلَخْ وَجْهُ الشُّمُولِ لِهَذِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْجُورِ مَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْلَمْ انْفِكَاكُهُ وَهَذَا لَمْ يُعْلَمْ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَجْرٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ ذَهَبَ حَجْرُ الصِّبَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَجْرٌ يَخْلُفُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَأُورِدَ عَلَى مَفْهُومِ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ الْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْوَكِيلُ فَإِنَّ كُلًّا غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَا أَنْ يَتَصَدَّقَ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ اهـ. ح ل وَأَجَابَ الشَّوْبَرِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ صِحَّتُهُ وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الدَّوْرُ تَأَمَّلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الَّذِي يُرِيدُهُ اهـ. وَبِهَذَا أَجَابَ م ر عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُقَالُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِإِيرَادِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ صَحِيحُ التَّصَرُّفِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَفْهُومِ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ أَيْضًا اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ) أَيْ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْعِتْقُ أَيْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ. اهـ. ح ل وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ قَدْ يُوهِمُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ بَيْعٌ حَقِيقِيٌّ وَلَكِنْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْعِتْقُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ بَيْعٌ لَفْظًا حَصَلَ بِهِ الْعِتْقُ فَقَوْلُهُ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَعْتَقْتُك بِكَذَا وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّرْحِ كم ر وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ سَفِيهًا لَكِنَّ كَوْنَهُ عَقْدَ عَتَاقَةٍ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ الْعَبْدَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِمُوَكِّلِهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ الصِّحَّةَ فِيهَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْعَ تَصَرُّفِهِ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَقَدْ زَالَ بِعَقْدِهِ مَعَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ هَذَا إذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ آخَرُ اشْتَرِ نَفْسَك عَنِّي مِنْ سَيِّدِك بِكَذَا فَاشْتَرَى كَذَلِكَ كَانَ بَيْعًا حَقِيقَةً وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْعَبْدِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِأَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُ كَمَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنٍ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ إكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ فِي مَالِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَتْنَ هَكَذَا وَإِلَّا فَإِطْلَاقُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَفْرِيعُهُ فِي الشَّرْحِ صُورَةُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي مَالِهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَهُ فَرْدَانِ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ وَأَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ وَالثَّانِي صَحِيحٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ) أَيْ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ صَحَّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ اهـ. ز ي اهـ. ع ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر