للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ فِيهِمَا وَخَبَرِهِمَا أَيْضًا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ أَيْ يَدْلُكُهُ بِهِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» وَيُقَاسُ بِمَا فِيهَا مَا فِي مَعْنَاهُ، وَقَوْلِي وَتَأَكَّدَ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ وَتَغَيُّرِ الْفَمِ.

(وَسُنَّ لِوُضُوءٍ تَسْمِيَةٌ أَوَّلَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ لِلْأَمْرِ بِهَا وَلِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلِ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (فَإِنْ تُرِكَتْ) عَمْدًا

ــ

[حاشية الجمل]

جِمَاعِهِ أَوْ لَا؟ الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ طَلَبِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ اسْتَاكَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرَّةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي) أَيْ لَوْلَا خَوْفُ الْمَشَقَّةِ مَوْجُودٌ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ لَوْلَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا صَلَّى جَمَاعَةً بِسِوَاكٍ وَصَلَّى صَلَاةً مُنْفَرِدًا بِلَا سِوَاكٍ فَهَذِهِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ تِلْكَ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ لِلسِّوَاكِ عَشَرَةٌ وَلِلْجَمَاعَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَعَلَيْهِ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا بِسِوَاكٍ وَصَلَّى جَمَاعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلَ بِسَبْعَةَ عَشَرَ، وَالْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهَا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا وَهِيَ السَّبْعُ، وَالْعِشْرُونَ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا قَدْ تَعْدِلُ كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَخَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ لَوْلَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ فَتَقْتَضِي امْتِنَاعَ الْأَمْرِ لِخَوْفِ الْمَشَقَّةِ فَلَا تُسْتَفَادُ السُّنِّيَّةُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ أَمْرُ الْإِيجَابِ مَعَ ثُبُوتِ أَمْرِ النَّدْبِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ أَمْرِ الْإِيجَابِ ثُبُوتُ أَمْرِ النَّدْبِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُسْتَفَادُ بِمَعُونَةِ السِّيَاقِ، وَالْقَرَائِنِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ يَدْلُكُهُ) فِي الْمِصْبَاحِ دَلَكْت الشَّيْءَ دَلْكًا مِنْ بَابِ قَتَلَ، مَرَسْتَهُ بِيَدِك وَدَلَكْت النَّعْلَ بِالْأَرْضِ مَسَحْتهَا بِهَا وَدَلَكَتْ الشَّمْسُ وَالنُّجُومُ دُلُوكًا مِنْ بَابِ قَعَدَ زَالَتْ عَنْ الِاسْتِوَاءِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْغُرُوبِ أَيْضًا اهـ وَمِثْلُهُ الْمُخْتَارُ. (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ) أَيْ مَنْزِلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْكَعْبَةُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ السِّوَاكُ لِدُخُولِهَا أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِمَا فِيهَا إلَخْ) فَالْقِرَاءَةُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ وَإِرَادَةِ النَّوْمِ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَأَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ بِغَيْرِ نَوْمٍ فَفِي مَعْنَى تَغَيُّرِهِ بِالنَّوْمِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ مُسْتَأْنَفًا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ فَلَا حَاجَةَ لِقِيَاسِهِ وَإِنْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَظْهَرْ أَيْضًا إذْ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: لِلْأَمْرِ بِهَا) وَلِلِاتِّبَاعِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِآيَةِ الْوُضُوءِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَعْرَابِيٍّ «تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ» وَلَيْسَ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ تَسْمِيَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ) وَفِي زِيَادَةِ الْعَبَّادِيِّ أَنَّ سُنَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ: بِسْمِ اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ، وَفِي الْأَكْلِ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، أَوْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا، وَفِي التَّضْحِيَةِ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَفِي وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَفِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِسْمِ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مِنْ مَوْضِعٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ بَعْدَ التَّعَوُّذِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ، ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا زَادَ الْغَزَالِيُّ فِي بِدَايَةِ النِّهَايَةِ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونَ وَيُسَنُّ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا وَتُسَنُّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ عِبَادَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَتِلَاوَةٍ وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ، وَجِمَاعٍ وَذَبْحٍ وَخُرُوجٍ مِنْ مَنْزِلٍ لَا لِلصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالْأَذْكَارِ وَتُكْرَهُ لِمَكْرُوهٍ وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمُهَا لِمُحَرَّمٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ " تَحْرِيمُهَا لِمُحَرَّمٍ " أَيْ لِذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَكْرُوهِ أَيْ فَتُكْرَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ لِذَاتِهِ كَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ كَبَصَلٍ، وَلْيُنْظَرْ لَوْ أَكَلَ مَغْصُوبًا هَلْ هُوَ مِثْلُ الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ الْحُرْمَةُ فِيهِ ذَاتِيَّةٌ،

وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحِينَئِذٍ فَصُورَةُ الْمُحَرَّمِ الَّذِي تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْرَبَ خَمْرًا، أَوْ يَأْكُلَ مَيْتَةً لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَكْلِ الْمَغْصُوبِ أَنَّ الْغَصْبَ أَمْرٌ عَارِضٌ عَلَى حَالِ الْمَأْكُولِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ هَذَا اهـ رَشِيدِيٌّ وَبَقِيَ الْمُبَاحَاتُ الَّتِي لَا شَرَفَ فِيهَا كَنَقْلِ مَتَاعٍ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا وَلَا ذَا بَالٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُ م ر وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا قَرَأَ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>