الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَمْشِيَتِهِ التَّوَسُّطَ وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ أَمَّا الْمَشُوبُ بِمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (فَلَا تَكْفِي) الْمُمَاثَلَةُ (فِي بَاقِي أَحْوَالِهِ كَجُبْنٍ) وَأَقِطٍ وَمَصْلٍ وَزُبْدٍ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ فَالْجُبْنُ يُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةُ وَالْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ وَالْمَصْلُ يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ وَالزُّبْدُ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَخِيضٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضٍ وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالسَّمْنِ
ــ
[حاشية الجمل]
خُثُورَةً بِمَعْنَى ثَخُنَ وَاشْتَدَّ فَهُوَ خَاثِرٌ وَخَثِرَ خَثْرًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَخَثُرَ يَخْثُرُ مِنْ بَابِ قَرُبَ يَقْرُبُ لُغَتَانِ فِيهِ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزِ وَبِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَخْثَرْته وَخَثَّرْته اهـ.
(قَوْلُهُ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا) أَيْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْآخَرُ خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ كَلَامِهِ وَنَصُّهُ عَلَى الْوَزْنِ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ أَيْ عَنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ أَمَّا الْمَشُوبُ بِمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَخْ) يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ خُلِطَ بِالسَّمْنِ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ لِلْبَيْعِ مَعَ السَّمْنِ كَالدَّقِيقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَخْلُوطِ لَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِدَرَاهِمَ لِأَنَّ الْخَلْطَ يَمْنَعُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ بِمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَظْهَرُ فِي الْكَيْلِ أَمَّا الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ اهـ. شَرْحُ م ر وَمَحَلُّهُ فِي نَحْوِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصَالِحِهِ كَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ حُمُوضَتُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ اهـ. رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَة ح ل قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا بِالنَّقْدِ ذَكَرَهُ حَجّ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَبِيعِ وَذَكَرَ عَنْ الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا لَوْ وُضِعَ الْمَاءُ لِأَجْلِ تَحْمِيضِهِ فَإِنَّهُ مُغْتَفَرٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ حَيْثُ يَصِحُّ بِأَنَّ رَوَاجَ ذَلِكَ يُسَوِّغُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ الزُّبْدُ يُوجَدُ فِيهِ اللَّبَنُ وَالْمِلْحُ وَرَاجَعَ حَجّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْأَصْلِ: " أَوْ نَقْدَانِ وَلَا غَالِبَ " وَكَتَبَ أَيْضًا كَلَامُ حَجّ يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ ذَلِكَ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ الصِّحَّةُ وَنُقِلَ عَنْ السُّبْكِيّ اهـ. ح ل وَقَدْ رَاجَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا نَصَّ عِبَارَتِهِ هَكَذَا وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِالْمَغْشُوشَةِ الْمَعْلُومِ قَدْرَ غِشِّهَا أَوْ الرَّائِجَةِ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ انْفِرَادٌ أَمْ لَا اُسْتُهْلِكَ فِيهَا أَمْ لَا وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا فَيَكُونُ كَبَعْضِ الْمَعَاجِينِ أَيْ الْمَجْهُولَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ مَقَادِيرِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّقْدُ وَهُوَ مَجْهُولٌ لِأَنَّهُ لَا رَوَاجَ ثَمَّ حَتَّى يَخْلُفَ الْجَهْلَ بِالْمَقْصُودِ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ وَنَحْوِ الْمِسْكِ الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ لِغَيْرِ تَرْكِيبٍ نَعَمْ بَحَثَ أَبُو زُرْعَةَ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطُهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَتِهِ وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ وَفِي عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ مَعَ صِحَّةِ بَيْعِهَا مُعَيَّنَةً وَإِذَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْغَالِبُ وَهِيَ مِثْلِيَّةٌ فَتُضْمَنُ بِمِثْلِهَا حَيْثُ ضُمِنَتْ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ لَا بِقِيمَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ فُقِدَ الْمِثْلُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا يَوْمُ الْمُطَالَبَةِ إلَّا إنْ عُلِمَ سَبَبُهَا الْمُوجِبُ لَهَا كَالْغَصْبِ فَيَجِبُ أَقْصَى قِيمَتِهَا وَالْإِتْلَافُ فَيَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمِ التَّلَفِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَعَكْسَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَجُبْنٍ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ مَعَ تَخْفِيفِ النُّونِ وَبِضَمِّهَا مَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ وَتَرْكِهِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَمَصْلٍ) هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمِشِّ الْحَصِيرِ اهـ.
وَعِبَارَةُ زي الْمَصْلُ وَالْمُصَالَةُ مَا سَالَ مِنْ مَاءِ الْأَقِطِ إذَا طُبِخَ ثُمَّ عُصِرَ اهـ. بِحُرُوفِهِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَقِطُ كِنَايَةٌ عَنْ اللَّبَنِ إذَا وُضِعَ فِي النَّارِ وَجَمَدَ وَيُوضَعُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمِلْحِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْأَقِطُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ الْمَخِيضِ يُطْبَخُ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَمْصُلَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَقَدْ تُسَكَّنُ لِلتَّخْفِيفِ مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عَنْ الْفَرَّاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ يُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةِ) فِي الْمِصْبَاحِ الْإِنْفَحَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَثْقِيلُ الْحَاءِ أَكْثَرُ مِنْ تَخْفِيفِهَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَحَضَرَنِي أَعْرَابِيَّانِ فَصِيحَانِ مِنْ بَنِي كِلَابٍ فَسَأَلَتْهُمَا عَنْ الْإِنْفَحَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَا أَقُولُ إلَّا إنْفَحَةً يَعْنِي بِالْهَمْزِ وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَقُولُ إلَّا مِنْفَحَةً يَعْنِي بِالْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ ثُمَّ افْتَرَقَا عَلَى أَنْ يَسْأَلَا جَمَاعَةً مِنْ بَنِي كِلَابٍ فَاتَّفَقَتْ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِ هَذَا وَجَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِ هَذَا فَهُمَا لُغَتَانِ وَالْإِنْفَحَةُ كِرْشٌ الْجَمَلِ وَالْجَدْيِ مَا دَامَ يَرْضِعُ وَهِيَ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِهِ أَصْفَرُ يُعْصَرُ فِي صُوفَةٍ مُبْتَلَّةٍ بِاللَّبَنِ فَيَغْلُظُ كَالْجُبْنِ فَإِذَا رَعَى النَّبْتَ لَمْ يَبْقَ إنْفَحَةً بَلْ يَصِيرُ كَرِشًا وَيُقَالُ لَهُ مَجْبَنَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ) كَانَ مُرَادُهُ بِالدَّقِيقِ فُتَاتًا لَطِيفًا يَحْصُلُ مِنْ اللَّبَنِ عِنْدَ جَعْلِهِ فِي الْحَصِيرِ وَإِرَادَةُ جَعْلِهِ جُبْنًا فَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِالدَّقِيقِ مَا دَقَّ وَلَطُفَ اهـ. شَيْخُنَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ الْمُرَادُ دَقِيقُ الْبُرِّ لِأَنَّ الْأَقِطَ لَبَنٌ يُضَافُ إلَيْهِ دَقِيقٌ فَيُجَمِّدَهُ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى الْحَصِيرِ الَّتِي يُعْصَرُ عَلَيْهَا سَالَ مِنْهُ الْمَصْلُ مَخْلُوطًا بِالدَّقِيقِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالسَّمْنِ) أَيْ لِأَنَّ السَّمْنَ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالنَّقْدِ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَهَلْ مِثْلُهُ بَيْعُ التَّمْرِ بِخَلِّهِ أَوْ عَصِيرِهِ وَالزَّبِيبُ بِخَلِّهِ أَوْ عَصِيرِهِ وَالْعِنَبِ