وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ فِيهِ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْوَلَاءِ وَلَوْ مَعَ الْعِتْقِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِشَرْطِ تَدْبِيرِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا عَنْ غَيْرِ مُشْتَرٍ مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ خَبَرُ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَهَلْ يُعْتَقُ عَنْ جِهَةِ الشَّرْطِ أَمْ يَلْغُو مَا أَتَى بِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الرِّقِّ وَيُطَالِبُ بِهِ ثَانِيًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُ كَوْنِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْعِتْقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ عَنْهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ.
(فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ إعْتَاقِ يَدِهِ مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَنَقَلَ سَمِّ عَلَى حَجّ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ شَرْطُ ذَلِكَ شَرْطًا لِإِعْتَاقِ الْجُمْلَةِ إمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ وَإِمَّا مِنْ بَابِ السِّرَايَة وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِ الْعُضْوِ وَبِتَقْدِيرِ سُقُوطٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إعْتَاقُ الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِإِعْتَاقِ الْيَدِ وَقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ إنْ عَتَقَهَا أَيْ عَنْ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَيُعْتَقُونَ بِمَوْتِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ) مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَيْرِ مُطَالَبَتُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَاضِيًا أَوْ نَحْوَهُ دُونَ الْآحَادِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ لِيُنَاسِبَ التَّعْمِيمَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلِبَائِعٍ كَغَيْرِهِ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا: الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ الْمُطَالِبُ هُوَ الْبَائِعُ فَقَطْ اهـ. سُلْطَانٌ وَأُجِيبَ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ إلَخْ قِيلَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّ مُفَادَ الْغَايَةِ كَوْنُ مَا وَرَاءَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا وَرَاءَهَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلِأَنَّ مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ بَعِيدَةٌ وَتَخْصِيصُ الثَّانِي بِكَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ لَا يَضُرُّ فِي تَعْمِيمِ الْأَوَّلِ نَعَمْ فِيهِ إيهَامُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ مَعَ الْأَصْلِ وَاضِحَةٌ فِي تَقْرِيرِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَصُّهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْتَاقِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ لَهُ وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ) أَيْ كَعِتْقِ الْعَبْدِ الْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ فِي كَوْنِ الْحَقِّ فِي الْعِتْقِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْعَبْدِ اهـ. شَيْخُنَا أَوْ فِي أَنَّ لِ كُلِّ أَحَدٍ الْمُطَالَبَةَ بِهِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلَاءِ، وَالْمَعْنَى وَخَرَجَ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْوَلَاءُ مُصَاحِبًا لِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ غَيْرَ مُصَاحِبٍ لَهُ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ الْمَشْرُوطُ مَعَهُ الْوَلَاءُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمُشْتَرِي أَوْ عَنْ غَيْرِهِ لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي خُرُوجِ مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ عَنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْوَلَاءِ بَلْ لِكَوْنِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْوَلَاءُ لِمَنْ يَقَعُ عَنْهُ الْعِتْقُ صَارَ شَرْطُهُ لِغَيْرِهِ مُفْسِدًا فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ أَوْ عَنْ مُشْتَرٍ. تَأَمَّلْ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ خَبَرُ بَرِيرَةَ) هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بَرِيرَةُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى بَرِيرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قِيلَ كَانَتْ لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ رُوِيَ لَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ وَاحِدٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْبُخَارِيِّ مَعَ شَرْحِهِ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ مَا نَصُّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرْنَا مَالِكٌ الْإِمَامُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى مَوْلَاةُ قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فَقَالَتْ كَاتَبْت أَهْلِي تَعْنِي مَوَالِيَهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِوَزْنِ جَوَارٍ وَالْأَصْلُ أَوَاقِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَخُذِفَتْ إحْدَى الْيَاءَيْنِ تَخْفِيفًا وَالثَّانِيَةُ عَلَى طَرِيقِ قَاضٍ فِي كُلِّ عَامٍ وَفِيهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَلِأَبِي ذَرٍّ وَالْوَقْتِ وَالْأَصْلِ وَابْنِ عَسَاكِرَ أُوقِيَّةٌ بِهَمْزَةِ مَضْمُومَةٍ وَهِيَ عَلَى الْأَصَحِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا أَيْ إذَا أَدَّتْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى الْكِتَابَةِ عِتْقُ رَقَبَةٍ بِعِوَضٍ مُؤَجَّلٍ الْقِيَم، فَأَكْثَرُ، فَأَعِينِينِي بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لِلْمُؤَنَّثَةِ مِنْ الْإِعَانَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمَيْهَنِيِّ فِي بَابِ اسْتِغَاثَةِ الْمُكَاتِبِ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ فَأَعْيَتْنِي بِصِيغَةِ الْخَبَرِ الْمَاضِي مِنْ الْإِعْيَاءِ وَالضَّمِيرُ لِلْأَوَاقِيِ وَهِيَ مُتَّجِهَةُ الْمَعْنَى أَيْ أَعْجَزَتْنِي عَنْ تَحْصِيلِهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْت لَهَا إنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ بِكَسْرِ الْكَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute