للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ ذَلِكَ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ دَابَّةٍ) مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ (وَحَمْلَهَا) لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الْحَامِلِيَّةَ وَصْفًا تَابِعًا (أَوْ) بَيْعِ (أَحَدِهِمَا) أَمَّا بَيْعُهَا دُونَ حَمْلِهَا فَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يُسْتَثْنَى كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَلِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ (كَبَيْعِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَيْ مَوَالِيك أَنْ أُعِدَّهَا لَهُمْ أَيْ التِّسْعَ أَوَاقٍ ثَمَنًا عَنْك وَأَعْتِقَك وَيَكُونَ وَلَاؤُك الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْإِرْثِ لِي فَعَلْتُ ذَلِكَ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ أَيْ مِنْ عِنْدَ عَائِشَةَ إلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ مَقَالَةَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَأَبَوْا عَلَيْهَا أَيْ امْتَنَعُوا فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدَهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ عِنْدَهَا فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ إنِّي عَرَضْت ذَلِكَ الَّذِي قُلْتِهِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا فَامْتَنَعُوا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ لِأَنَّ فِي أَبَى مَعْنَى النَّفْيِ فَسَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَائِشَةَ خُذِيهَا أَيْ اشْتَرِيهَا مِنْهُمْ وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا أَمَرَهَا بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ شِرَائِهَا وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كِتَابَتَهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُكَاتِبِ وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا وَيُعْتَقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ إلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ.

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ فَاسْتُشْكِلَ الْحَدِيثُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا فَفَسَخَ مَوَالِيهَا كِتَابَتَهَا وَاسْتُشْكِلَ الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ الْوَلَاءَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ كَاسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَتِهِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا خَدَعَتْ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مَا لَا يَصِحُّ وَكَيْفَ أَذِنَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ رَاوِيهِ هُنَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ فَيُحْمَلُ عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ لَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَرَأَيْته عَنْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَأَثْبَتَ الرِّوَايَةَ آخَرُونَ وَقَالُوا هِشَامٌ ثِقَةٌ حَافِظٌ وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا وَجْهَ لِرَدِّهِ وَأَجَابَ آخَرُونَ بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْ الْمُزَنِيّ وَجَزَمَ بِهِ عَنْهُ الْخَطَّابِيُّ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ تَأْوِيلُ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى هُنَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْكَرَ الِاشْتِرَاطَ، وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى لَمْ يُنْكِرْهُ وَأَجَابَ آخَرُونَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ عَائِشَةَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَمَا خَصَّ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ بِالصَّحَابَةِ لِمَصْلَحَةِ بَيَانِ جَوَازِهَا فِي أَشْهُرِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَقْوَى الْأَجْوِبَةِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَأَجَابَ آخَرُونَ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرِطِي أَوْ لَا تَشْتَرِطِي فَذَلِكَ لَا يُفِيدُهُمْ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَيْمَنَ الْآتِيَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْمُكَاتِبِ اشْتَرِيهَا وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَالِّهِ بِحُرُوفِهِ

(قَوْلُهُ فَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا هِبَتُهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ عَقْدَ عَتَاقَةٍ وَالْوَلَاءُ لَهُ اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ صِحَّةِ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَفَاءِ فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي إعْتَاقَ قَرِيبٍ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ وَفَائِهِ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَبْدَى الصِّحَّةَ احْتِمَالًا وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أُقِرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شُهِدَ بِهَا أَوْ بَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ شَرْطِ الْعِتْقِ حُصُولُهُ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَرَادَ بِالْإِعْتَاقِ الْعِتْقَ أَيْ لَا الْإِيتَانَ بِالصِّيغَةِ صَحَّ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ وَحَمْلَهَا) مَفْعُولٌ مَعَهُ وَلَا يَصِحُّ الْعَطْفُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا. اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا) بِخِلَافِ بَيْعِ الْجُبَّةِ وَحَشْوِهَا أَوْ الْجِدَارِ وَأُسِّهِ لِدُخُولِ الْحَشْوِ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ وَالْأُسِّ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ اهـ. ز ي (قَوْلُهُ أَيْضًا لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ إلَخْ) فَيَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهِ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مَجْهُولٌ وَإِعْطَاؤُهُ حُكْمُ الْمَعْلُومِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا اهـ. شَرْحَ م ر

(قَوْلُهُ أَوْ أَحَدِهِمَا) أَيْ دُونَ الْآخَرِ أَيْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ أَمَّا بَيْعُهَا دُونَ حَمْلِهَا إلَخْ

(قَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ فِي بَابِ الْخِيَارِ (فَرْعٌ)

قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ بَاعَ حَامِلًا ثُمَّ أَعْتَقَ حَمْلَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ مَعْلُومًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى الْوَضْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>