للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِأَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنٍ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ لَا لِرَغْبَةٍ فِي شِرَائِهَا بَلْ (لَيَغُرَّ) غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيَهَا وَلَوْ كَانَ التَّغْرِيرُ بِالزِّيَادَةِ لِيُسَاوِيَ الثَّمَنُ الْقِيمَةَ، وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ الْإِيذَاءُ (وَلَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ

(وَبَيْعِ نَحْوِ رُطَبٍ) كَعِنَبٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَمَوْضِعُ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الرِّضَاءِ بَاطِنًا فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى عَدَمِهِ وَإِنَّمَا أَذِنَ ضَجَرًا وَحَنَقًا فَلَا، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ وَنَجْشٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ لُغَةً الْإِثَارَةُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إثَارَةِ الرَّغْبَةِ وَالِاسْمُ النَّجْشُ بِفَتْحَتَيْنِ يُقَالُ نَجَشَ الطَّائِرُ أَثَارَهُ مِنْ مَكَانِهِ وَفِعْلُهُ نَجَشَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَلَيْسَ مِنْ النَّجْشِ فَتْحُ بَابِ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ عَارِفًا وَأَخْبَرَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِ إلَخْ) وَمَدْحَ السِّلْعَةَ لِيُرَغِّبَ فِيهَا بِالْكَذِبِ كَالنَّجْشِ اهـ. شَرْحَ م ر وَقَوْلُهُ لِيُرَغِّبَ فِيهَا بِالْكَذِبِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي الْوَصْفِ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَدْحَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَحْمِلُ الْمَالِكَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دَفَعَ فِيهَا أَوْ لَا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا عَلِمَ بِهَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دُفِعَ لَهُ أَوَّلًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ بَلْ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) مِثَالٌ لَا قَيْدٌ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَنَفَعَ الْبَائِعَ وَلَمْ يَقْصِدْ خَدِيعَةَ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بُلُوغِ السِّلْعَةِ قِيمَتَهَا أَوْ لَا وَكَوْنِهَا لِيَتِيمٍ أَوْ لِغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ ارْتَضَاهُ الشَّارِحُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إيذَاءِ الْمُشْتَرِي وَلِعُمُومِ النَّهْيِ وَالْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُ الْإِثْمِ بِالْعَالِمِ بِالْحُرْمَةِ فِي هَذَا كَبَقِيَّةِ الْمَنَاهِي وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ بِخُصُوصِ تَحْرِيمِ النَّجْشِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ أَشَارَ السُّبْكِيُّ إلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُرْمَةَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الظَّاهِرِ لِلْقُضَاةِ فَمَا اشْتَهَرَ تَحْرِيمُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِرَافِ مُتَعَاطِيهِ بِالْعِلْمِ بِخِلَافِ الْخَفِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ. شَرْحَ م ر

(قَوْلُهُ أَيْضًا بَلْ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) يُقَالُ غَرَّهُ يَغُرُّهُ بِالضَّمِّ غُرُورًا خَدَعَهُ. اهـ. مُخْتَارٌ وَالتَّغْرِيرُ حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الْغَرَرِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِعْلَهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَرَّرَهُ لَا مِنْ غَرَّهُ الَّذِي عَبَّرُوا بِهِ هُنَا. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ الْإِيذَاءُ) تَنْبِيهٌ قَالَ فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَالصَّغِيرَةُ كَكَذَا إلَى أَنْ قَالَ وَكَالنَّجْشِ وَالِاحْتِكَارِ وَالْبَيْعِ وَالسَّوْمِ وَالْخِطْبَةِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ سَوْمٍ أَوْ خِطْبَةِ غَيْرِهِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَالتَّصْرِيَةِ وَبَيْعِ مَعِيبٍ لَمْ يُذْكَرْ عَيْبُهُ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ اهـ. وَنَقَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الزَّوَاجِرِ فِي الْجَمِيعِ بِأَنَّهَا كَبَائِرُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ) أَيْ بِعَدَمِ مُرَاجَعَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَتَأَمَّلْهُ، وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ لِلتَّدْلِيسِ كَالتَّصْرِيَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ مُوَاطَئَةِ الْبَائِعِ لِلنَّاجِشِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ جَزْمًا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أُعْطِيت فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا عَقِيقٌ أَوْ فَيْرُوزَجُ بِمُوَاطَأَتِهِ فَاشْتَرَاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ وَيُفَارِقُ التَّصْرِيَةَ بِأَنَّهَا تَغْرِيرٌ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ انْتَهَى اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ بِعْتُك هَذَا مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَقِيقَ أَوْ الْفَيْرُوزَ جَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّى جِنْسًا فَبَانَ خِلَافُهُ فَسَدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى نَوْعًا وَتَبَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ وَسُئِلَ شَيْخُنَا م ر عَمَّا لَوْ بِيعَ بُرْدٌ عَلَى أَنَّ حَوَاشِيَهُ حَرِيرٌ فَبَانَتْ غَيْرُهُ هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ فَأَجَابَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقَالَ لِأَنَّ الَّذِي بَانَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَعْضُ الْمَبِيعِ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَبَيْعِ نَحْوِ رُطَبٍ إلَخْ) وَمَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا فَهُوَ صَحِيحٌ وَمِثْلُ الْبَيْعِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ كَبَيْعِ أَمْرَدَ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ وَأَمَةٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ وَخَشَبٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ وَثَوْبٍ حَرِيرٍ لِلُبْسِ رَجُلٍ بِلَا نَحْوِ ضَرُورَةٍ وَسِلَاحٍ مِنْ نَحْوِ بَاغٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ إطْعَامُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ كَافِرًا مُكَلَّفًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَكَذَا بَيْعُهُ طَعَامًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ نَهَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ تَسَبَّبَ فِي الْمَعْصِيَةِ وَأَعَانَهُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَإِذْنِهِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصِّيَامِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ وَيَمْكُثَ فِيهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ ثَقِيفٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ» وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِمْ الْجُنُبَ لَا يُقَالُ هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَلِمَ صَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ بِوَصْفٍ لَازِمٍ فِي الْمَبِيعِ بَلْ فِي الْبَائِعِ خَارِجٌ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْبُطْلَانَ فِي التَّفْرِيقِ وَبَيْعُ السِّلَاحِ لِلْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ لِوَصْفٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْبَيْعِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ بَيْعِ سِلَاحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>