(لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا) بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يَظُنَّهُ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ مِنْهُ فَالْبَيْعُ لَهُ مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ أَوْ كُرِّهَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ مُحَقَّقَةٍ أَوْ مَظْنُونَةٍ أَوْ لِمَعْصِيَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَوْ مُتَوَهَّمَةٍ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَبَيْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ
ــ
[حاشية الجمل]
لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ وَصْفَ الْحِرَابَةَ الْمُقْتَضِي لِتَقْوِيَتِهِمْ بِهِ عَلَيْنَا مَوْجُودٌ حَالَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ وَصْفِ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُتَرَتِّبٌ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا مَضَى مِنْهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَقَرُّوهُ فِيمَنْ حَمَلَتْ أَمَتَهَا عَلَى فَسَادٍ بِأَنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهَا قَهْرًا إذَا تَعَيَّنَ الْبَيْعُ طَرِيقًا إلَى خَلَاصِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي فِيمَنْ يُكَلِّفُ قِنَّهُ مَا لَا يُطِيقُهُ بِأَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ الذُّلِّ.
وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ تَعْيِنِهِ طَرِيقًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ وَالْبَائِعُ لَهُ الْحَاكِمُ وَمِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَيْضًا احْتِكَارُ الْقُوتِ لِخَبَرِ «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ أَيْ عُرْفًا لِيُمْسِكَهُ وَيَبِيعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لِلتَّضْيِيقِ حِينَئِذٍ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ وَهَلْ يُكْرَهُ إمْسَاكُ مَا فَضُلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ سَنَةً؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهَا نَعَمْ الْأَوْلَى بَيْعُهُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَيُجْبَرُ مَنْ عِنْدَهُ زَائِدٌ عَلَى السَّنَةِ عَلَى بَيْعِهِ فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ اخْتِصَاصُ تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ وَلَوْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَوْ قَاضِيًا التَّسْعِيرُ فِي قُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَعَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ مُخَالِفُهُ لِلِاقْتِيَاتِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ إذْ الْحَجْرُ عَلَى شَخْصٍ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى حُرْمَةِ التَّسْعِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِمَا مَرَّ أَيْ مِنْ الِاقْتِيَاتِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالُوا بِتَفْرِيعِهِ عَلَى جَوَازِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ اخْتِصَاصُ تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ وَكَذَا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا كَالْأُدْمِ وَالْفَوَاكِهِ اهـ. عُبَابٌ اهـ. سَمِّ وَخَرَجَ بِالْأَقْوَاتِ الْأَمْتِعَةُ فَلَا يَحْرُمُ احْتِكَارُهَا مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ. حَادِثَةٌ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهُوَ أَنَّ ذِمِّيًّا اسْتَعْمَلَ الْوَشْمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِلَا حَاجَةٍ تَدْعُوَا إلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ الْوَشْمِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إزَالَتِهِ أَمْ لَا كَمَنْ فُعِلَ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَيْثُ لَمْ يُكَلَّفْ إزَالَتُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي الْأَصْلِ وَيُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا يَنْجُسُ مَاءٌ قَلِيلٌ بِمُلَاقَاةِ مَحَلِّ الْوَشْمِ لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْعَفْوُ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا تَعَدِّيَ مِنْهُ حَالَ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا) أَيْ وَلَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَرْطِهِ وَهَلْ يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّبِيبِ لِحَنَفِيٍّ يَتَّخِذُهُ مُسْكِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّ النَّبِيذِ بِشَرْطِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِاعْتِقَادِ الْبَائِعِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا حُرِّمَ أَوْ كُرِّهَ إلَخْ) اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَبُّبِ إلَى الْحَرَامِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ نَصًّا خَاصًّا بِبَيْعِ نَحْوِ رُطَبٍ كَعِنَبٍ وَالْفَصْلُ مَعْقُودٌ لِمَا فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ) وَمِنْهُ بَيْعُ سِلَاحٍ لِنَحْوِ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَدِيكٍ لِمَنْ يُهَارِشُ بِهِ وَكَبْشٍ لِمَنْ يُنَاطِحُ بِهِ وَمَمْلُوكٍ لِمَنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ وَجَارِيَةٍ لِمَنْ يُكْرِهُهَا عَلَى الزِّنَا وَأَمَةٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ وَدَابَّةٍ لِمَنْ يُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَخَشَبٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ وَثَوْبٍ حَرِيرٍ لِلُبْسِ رَجُلٍ بِلَا ضَرُورَةٍ وَإِطْعَامِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ كَافِرًا مُكَلَّفًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَبَيْعِ طَعَامٍ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ نَهَارًا وَلَوْ بِبَلَدِهِ وَمِنْهُ النُّزُولُ عَنْ وَظِيفَةٍ لِغَيْرِ أَهْلٍ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَرِّرُهُ فِيهَا وَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ لَوْ وُجِدَ وَمِنْهُ النُّزُولُ عَنْ نَظَرٍ لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الْوَقْفَ أَوْ يَأْكُلُهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ جَائِزٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الِاحْتِكَارُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ قُوتًا لَا غَيْرَهُ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ بِقَصْدِ أَنْ يَبِيعَهُ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَخَرَجَ بِالشِّرَاءِ مَا لَوْ أَمْسَكَ ضَيْعَةً لِيَبِيعَهَا فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ وَبِزَمَنِ الْغَلَاءِ زَمَنُ الرُّخْصِ وَمَكَانُ الْغَلَاءِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِيَنْقُلَهُ إلَى مَكَّةَ لِيَبِيعَهُ بِأَغْلَى أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْبَلَدِ إلَى طَرَفِهِ الْآخَرِ لِذَلِكَ وَبِالْقَصْدِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ مُطْلَقًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ إمْسَاكُهُ لِذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ فِي بَعْضِ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إطْلَاقُ الْخَمْرِ عَلَى عَصِيرِ الرُّطَبِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ إنَّمَا يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى عَصِيرِ الْعِنَبِ نَعَمْ فِي غَيْرِ اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ عَصِيرٍ اهـ. شَيْخُنَا وَأَمَّا عَصِيرُ الرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ فَيُقَالُ لَهُ فِي اللُّغَةِ نَبِيذٌ وَالْعُمُومُ فِي قَوْلِهِ نَحْوُ رُطَبٍ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ. تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute